التخطي إلى المحتوى

خلف مقود سيارتها، تمضي اللبنانية نجاح، سائقة التاكسي، يومها الطويل في نقل الركاب. فمنذ سنوات والمرأة البالغة 59 عاماً تتنقل بين شوارع بيروت في مهنة اختارتها ولم تكن لتنال من أنوثتها.

تقل نجاح الركاب ذكوراً وإناثاً إلى جامعاتهم وأعمالهم متحدية الناس والمجتمع وظروف الحياة “أقود السيارة يومياً فلماذا لا استغلها لأعيش، العمل ليس عيباً ولا هو يسيء للعائلة”.

قررت نجاح ترك شهاداتها جانباً لتعيل نفسها في زمن القلة. تقول لموقع سكاي نيوز عربية “درست علوم الحياة في الجامعة اللبنانية الا أن ظروفي الخاصة منعتني من ممارسة مهنة التعليم”.

عانت المرأة طوال حياتها من تداعيات مرض شلل الأطفال الذي أصيبت به في سن مبكرة، مما أجبرها على اختيار مهنة تناسب وضعها الصحي.

مرض والدتها أجبرها على البقاء إلى جانبها دون الذهاب إلى مركز عملها لسنوات بعد أن كانت تعمل في ترجمة وإعداد التقارير العلمية والتربوية من اللغة الفرنسية إلى العربية لأطفال دار الأيتام الإسلامية في بيروت.

تكافح نجاح لتعيش بعد وفاة والديها، وترفض الاستسلام للبطالة، وقد عمدت إلى تأسيس منظومتها الاقتصادية الخاصة، بقوانينها النسوية، وأنظمتها المتعلقة بحق المرأة في أن تكون سائقة تاكسي في شوارع بيروت لتأمين متطلبات الحياة.

بدأت نجاح العمل في مهنة سائقة التاكسي التي يعتبرها البعض حكراً على الرجال منذ عام 2009، آتية من مهنة أخرى تصنف أيضا للذكور وهي إصلاح الأدوات الكهربائية .

داخل سيارة نجاح، تتعرف إلى سيدة باحثة عن الأمان الإقتصادي والتجتماعي معاً، وعن حقها في ممارسة عمل تحبه.

تروي قصتها لموقع “سكاي نيوز عربية”، دون أن تغادر الإبتسامة وجهها، ترى أن “المرأة سيدة الميادين، تملك كل مؤهلات العمل، وإن كان في مهنة التاكسي”.

رفضت نجاح الرضوخ لواقعها، ولم تُعر كل نظرات الانتقاد أهمية، بل تمكنت وخلال فترة وجيزة من كسب ثقة البنات وأهلهن من الركاب  “بت مقصدهن في تنقلاتهن اليومية، زرعت الأمان داخلهن، أسمع مشاكلهن وأسدي النصح لهن، خصوصاً أننا نعيش في زمن لا ثقة فيه، لا يمكن لأحد أن ينسى حوادث الخطف والتحرش وغيرها”.

هي واحدة من عشرات السيدات اللواتي خرجن عن سكة التقليد، ودخلن عالم المهن الذكورية، فضلت نجاح أن تكون سائقة “تاكسي” على أن تمد يدها لطلب المساعدة.

تؤمن نجاح بالرزق وتضيف لموقع سكاي نيوز عربية “بعد حرب شعواء بيني وبين بعض الرجال من سائقي التاكسي، استرعيت انتباه النساء اللواتي رغبن في التعامل معي، خصوصا في النزهات البعيدة خارج العاصمة”.

تشكو نجاح من يوميات سائق التاكسي في زمن الأزمة وتقول “قبل حراك عام 2019 كنت أعمل عبر شركات خاصة كانت تؤمن لي السياح، للأسف تبدلت الأحوال والراكب لم يعد بحاجة لا لي ولا لغيري بعد أن بات يعتمد رياضة المشي بسبب ارتفاع سعر البنزين وأجرة التاكسي التي وصلت إلى 50 ألف ليرة بعد أن كانت 2000 ليرة لبنانية”.

عند السابعة مساء، تنهي نجاح عملها لتعود للمنزل، ولا تخرج بعدها إلا في الحالات الطارئة  نجاح سائقة محترفة تتحدى ظروفها ومجتمعها كي تعيش بكرامة دون أن تنسى الإهتمام بأنوثتها ، وتحرص أن تكون امرأة جميلة، مثقفة، وتختم “بت رقماً مهما في عالم التاكسي في بيروت”.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *