التخطي إلى المحتوى

لا يزال الخلاف حول مواصفات المرشّح يقف عائقاً أمام إنتخاب رئيسٍ للجمهوريّة، مع تقديم إسمين حتّى الآن لم يتلقيا دعماً نيابيّاً كافيّاً، كيّ يصل أحدهما إلى سدّة بعبدا. فـ”القوّات اللبنانيّة” و”الكتائب” و”اللقاء الديمقراطيّ” وكتلة “تجدّد” سيقترعون لرئيس “حركة الإستقلال” النائب ميشال معوّض إذا تأمّن النصاب لجلسة اليوم، فيما نواب “التغيير” متمسّكون بتسميّة مرشّح “المعارضة”. وفي المقابل، لم يُعلن “حزب الله” عن مرشّحه رسميّاً، ولم يكشف عن أيّ إسمٍ حتى اللحظة، وخصوصاً رئيس تيّار “المردة” سليمان فرنجيّة.

 

وقد تكثّفت الإتصالات واللقاءات للبحث عن مرشّحٍ وسطيّ، بالتوازي مع تسويق “التيّار الوطنيّ الحرّ” لمبادرته الرئاسيّة، وجولته على الكتل النيابيّة، علماً أنّه لم يتمّ إختيار أيّ إسمٍ، ما قد يُؤدّي إلى عدم تأمين نصاب الجلسة ، أو الإقتراع في الدورة الأولى فقط. كذلك، لم تفضِ إجتماعات قوى “المعارضة” على توحيد جهودها، ولا تزال منقسمة بين ثلاثة أفرقاء: داعمو معوّض من جهّة، ونواب “التغيير” من جهّة ثانيّة، إضافة إلى كتلة “الإعتدال الوطنيّ” والنواب المستقلّين.

 

ورأت أوساط سياسيّة أنّ حركة النائب جبران باسيل على الكتل لافتة، وخصوصاً لعين التينة، حيث شدّد على الضرورة في التواصل والحوار لانتخاب رئيسٍ للجمهوريّة، على الرغم من التباين في المواقف السياسيّة. وقد اعتبرت الأوساط أنّ باسيل فتح صفحة جديدة مع رئيس مجلس النواب نبيه برّي بالتزامن مع إنتخابات الرئاسة الأولى. أمّا مراقبون، فيُشيرون إلى أنّه فيما يُسوّق باسيل لورقة “التيّار” للأولويات الرئاسيّة، أعلن مُجدّداً في الإحتفال الذي أُقيم في ذكرى 13 تشرين، رفضه لأيّ مرشّح ليس ممثلاً شعبيّاً ونيابيّاً ومسيحيّاً. ويُضيف المراقبون أنّ رئيس “الوطنيّ الحرّ” دافع عن سلاح “حزب الله”، وبشكل خاصّ في ملف ترسيم الحدود، مُؤكّداً أنّه من دون تهديد السيّد حسن نصرالله بقصف منصات التنقيب في حقل “كاريش”، لما كان الإتّفاق الحدوديّ أُنجز بهذه السرعة، ومنتقداً كلّ من اتّهم “الحزب” بجرّ البلاد لحربٍ مع العدوّ.

 

ويلفت مراقبون إلى أنّ مساندة باسيل لـ”حزب الله” في موضوع السلاح ليست بجديدة، لكن توقيتها أتّى مع إعلان النائب محمد رعد رفض كتله التصويت لأيّ مرشّح يأتمر وتُسمّيه السفارات، ولا يُؤمِن بـ”المقاومة”، وكذلك، بعدما أعلن النائب حسن فضل الله بعد فشل عقد جلسة الإنتخاب الثانيّة، أنّ “الوفاء للمقاومة” ضدّ المرشّحين التحديّين، ما رأت فيه أوساط سياسيّة أنّه تلميح من قبل “حزب الله” على إسميّ فرنجيّة ومعوّض، والدعوة إلى إيجاد مرشّحٍ بديلٍ توافقيٍّ.

 

ويقول مراقبون إنّ علاقة باسيل بـ”الثنائيّ الشيعيّ” مهمّة، على الرغم من بعض الخلافات السياسيّة والتصعيد في الخطاب بين عين التينة وميرنا الشالوحي في الكثير من المناسبات. ويُذكّر المراقبون أنّ “حزب الله” لا يُريد إيصال رئيسٍ على عداءٍ مع “حركة أمل”، فهناك فرقٌ في العلاقة بين باسيل والضاحيّة الجنوبيّة، القائمة على وثيقة مار مخايل والتمسّك بحقّ “المقاومة” لمواجهة الأخطار الإسرائيليّة، وفي علاقته مع عين التينة غير السليمة منذ بداية عهد الرئيس ميشال عون. ورغم أنّ هناك الكثير من النقاط التي تجمع “التيّار” و”الثنائيّ” في موضوع الرئاسة، إلّا أنّ الأسماء والمرحلة المقبلة من التعيينات في مختلف إدارات الدولة ومؤسساتها التي ستلي إنتخاب الرئيس، هي التي تُشكّل خلافاً أساسيّاً بينهما.

 

ويعتبر المراقبون أنّ المواصفات التي يطرحها باسيل هدفها تأمين دعمه للرئاسة، فهو إلى جانب رئيس “القوّات” سمير جعجع الممثلين الأبرزين للمسيحيين. أمّا “حزب الله”، فقد أصبحت لديه قناعة باستحالة وصول مرشّحٍ سياسيٍّ غير وسطيٍّ. ويُتابع المراقبون أنّ “الحزب” أصبح يعلم أنّ فرنجيّة لن يصل إلى بعبدا في ظلّ المجلس النيابيّ الجديد، ورفض باسيل دعمه من دون شروطٍ مسبقةٍ. لذا، أعلن برّي أنّه يجب تأمين التوافق حول مرشّحٍ يحظى بـ128 صوتاً، كيّ تكون الفترة المقبلة مستقرّة سياسيّاً، ويتمّ العمل على معالجة الأوضاع الإقتصاديّة.

 

ويرى مراقبون أنّ تقارب باسيل من عين التينة وتشديده على أهميّة الحوار مع برّي لحلّ الإستحقاق الرئاسيّ، هدفه إستطلاع حظوظه الرئاسيّة. ويوضحون أنّ “حزب الله” لم يدخل في لعبة طرح الأسماء ولم يُعلن عن رفضه باسيل رسميّاً. ويُضيفون أنّ الأخير يبقى الحليف المسيحيّ الأقوى للسيّد نصرالله، والذي يُؤمِّن الشرعيّة المسيحيّة لسلاح “المقاومة”، غير أنّ دعم ترشيحه ليس مرجّحاً، لأنّه سيعني إعادة التجديد لولاية الرئيس عون لستّ سنوات إضافيّة، في ظلّ “الفيتو” الكبير عليه، وبشكل خاصّ من الكتل التي أوصلت عون عام 2016.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *