التخطي إلى المحتوى

 

د. إيمان شويخ

يوم الخميس 27 تشرين الأوّل دخل لبنان نادي الدول النفطية، في الوقت الذي تعيش فيه البلاد حالةً من الانهيار الاقتصادي والمالي هو الأكبر في تاريخ لبنان، حيث وصف البنك الدولي العام الماضي أزمة لبنان الاقتصادية والمالية بأنّها تُصنّف من بين أشدّ عشر أزمات، وربما من بين الثلاث الأسوأ منذ منتصف القرن التاسع عشر، لكن تغيير تصنيف لبنان لن يحصل بين ليلةٍ وضحاها، وكما يقال “لا تقول فول ليصير بالمكيول”

هذا الاتفاق وُقّع يوم الخميس في الناقورة بعد مفاوضات غير مباشرة على مدى عقدٍ من الزمن بوساطة أميركية ورعاية أممية، ووقع وفقه لبنان وكيان الاحتلال كل على حدة الرسالة الأميركية المتعلقة بترسيم الحدود البحرية، وهو يضمن حصول لبنان على حقوقه كاملةً بعدما كان المعروض عليه الخط 1 الذي رسمه العدو وبالحد الأقصى خط هوف الذي رسمه الأميركي، وبعدما سخر الوسيط الأميركي آموس هوكشتاين قائلاً إن على لبنان أن يقبل بما يُعرَض عليه لأن وضعه الداخلي وظروفه لا تسمح له الرفض.

وتم إعلان الانتصار رغم بعض الأصوات المعارضة التي تتهم بالتطبيع والاعتراف بإسرائيل مع علمها بأن كل الوقائع تثبت بأن تفاهم الترسيم ليس معاهدة ولا أي شكل من أشكال التطبيع ولا اعتراف بالعدو، وليس ترسيماً للحدود البحرية بل تحديد للمنطقة الاقتصادية، وتزامن ذلك مع إعلان الأمين العام لحزب الله السيد نصرالله إنهاء الاستنفار الخاص بملف النفط والغاز وحقول البحر.

لكن العبرة اليوم تكمن في الخطوة المقبلة وهي التنقيب، وبدء الشركات الأجنبية الثلاث العاملة في لبنان بالحفر والتنقيب والاستخراج، فهل العراقيل قد تقف أمام التنقيب الذي ينقذ لبنان من الانهيار الذي ينخر كل مفاصله!

إذا اعتبرنا أنه ليس من مصلحة الكيان المحتل أن يُعرقل أو يخل ببنود الاتفاق خوفًا من أي حرب قد تخوضها المقاومة وتقضي على قدرته في الحصول على الغاز الذي تحلم “إسرائيل” بتصديره إلى أوروبا المأزومة والتي تبحث عن بديلٍ للغاز الروسي، وإذا اعتبرنا أن أميركا ستبقى الراعية لهذا الاتفاق ولن تقبل أن يقف أي عائقٍ أمام تنفيذه لأن مصلحتها اليوم تكمن في إبعاد المتوسط عن الحرب لانشغالها في الحرب الأوكرانية التي تمدها بمليارات الدولارات من الأسلحة، لكن يخشى أن تكون المخاوف محلية الصنع، أي من أهل البيت, مثلا أن لا يتم التوافق على الكيفية التي سيدار فيها هذا القطاع، وأن يكون الصندوق السيادي الذي ستوضع فيه عائدات النفط مدار أخذٍ وردٍ وكر وفر بين القوى السياسية اللبنانية، والخوف كل الخوف أن يبقى الغاز في البحر والسمك بالماء وينطبق على لبنان النفطي لقب ” إسم كبير ومزرعة خربانة”.

صحافية وكاتبة سياسية

Print This Post

ترحب ‘راي اليوم’ بآراء الكتاب وتأمل ان لا يزيد المقال عن 800 كلمة مع صورة وتعريف مختصر بالكاتب

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *