التخطي إلى المحتوى

يطلّ الرئيس نبيه بري اليوم في الذكرى الـ 44 لتغييب الامام موسى الصدر ورفيقيه الشيخ محمد يعقوب والصحافي عباس بدر الدين في صور التي شكلت الانطلاقة الاولى لرجل دين متنور رسم مشروعاً وطنياً وكانت طروحاته محل قبول وترحيب عند شرائح كبيرة من اللبنانيين. وينتظر كثيرون ما سيقوله الرجل ويجري التعويل عليه، مع الاشارة الى ان اكثر الملفات السياسية في لبنان تمر في طرق غير معبدة. وسيعرّج بري بالطبع على كل النقاط بدءاً من الازمات المعيشية والاقتصادية والمالية التي خلّفت آثاراً قاتلة ومدمرة في نفوس اللبنانيين الذين لم تكن تنقصهم الا سياسات التنافر والتباعد وانعدام الثقة بين الكتل النيابية والافرقاء على مختلف مشاربهم.

في موضوع تأليف الحكومة المتعثر، لا يقدر بري على اطلاق مبادرة وسط كل السدود والشروط وان كان سيؤكد أهمية تأليف الحكومة قبل انتهاء ولاية عون ولو في ظل الدخول في المهلة الدستورية بدءاً من يوم غد في الاول من أيلول لانتخاب رئيس جديد للجمهورية. ولن يفوت بري هنا التركيز على اقرار جملة من القوانين والمشاريع المطروحة على طاولة البرلمان، وفي مقدمها قانون الموازنة العامة الى قوانين اخرى تهم سيرورة عمل المؤسسات، فضلاً عن تلبية مطالب صندوق النقد الدولي وشروطه لابرام الاتفاق النهائي معه.

ولم يدل بري بأي مواقف مباشرة وخلافية في الاعلام أقله منذ تكليف ميقاتي تأليف الحكومة. ولذلك يبقى الحيز الاكبر والمتوقع من خطابه هو التأكيد على اجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها. وعندما كانت تتم مفاتحته بهذا الملف في الاسابيع الاخيرة، لم يعط أي كلمة او اشارة حيال الاسم الذي يريده او المواصفات التي يجب ان تتوافر عنده سوى قوله انه يريده عامل جمع بين اللبنانيين.

وكان يظهر في موقع المتلقي اكثر من المتكلم حيث يعمل على جمع كل هذه المعطيات في مختبره في عين التينة ليخرج بالخلاصة التي سيقدمها بعد درس وعناية ليعمل على تسويقها حيال الاسم الذي يراه مناسباً وعدم الوقوع في شر الفراغ الذي عاشه البلد سنتين ونصف سنة قبل انتخاب عون.

ومن الموقع الذي يحتله بري وطنياً ودستورياً والذي خبره طويلاً في اللحظة الرئاسية، يحرص على ان تكون له كلمة في الرئيس المقبل انطلاقاً من الحرص على تثبيت السلم الاهلي وفهمه لتعقيدات حدود الممكن وغير الممكن.

واذا كان بري لم يلتق و”حزب الله” في انتخاب عون، فمن المستبعد هذه المرة، ان يفترق “الثنائي” في الانتخابات المقبلة مع ترجيح كبير ان يكونا في خيار واحد حيال المرشح الذي سيجتمعان عليه.

واذا كان رئيس المجلس الناظم الاداري لتحديد موعد جلسة الانتخاب حيث يملك هذا المفتاح لن يكتفي بالطبع بهذه المهمة إذ ستكون لكتلته كلمة في الاسم المرشح للوصول الى قصر بعبدا، بالتشاور والتفاهم مع الحزب، زائد رئيس الحزب التقدمي الاشتراكي وليد جنبلاط، فضلاً عن جهات نيابية اخرى من السنّة والمسيحيين. ولن يكون الرئيس سعد الحريري بعيداً من هذه المشهدية الرئاسية ولو عن بُعد.

ويبقى الموضوع الذي يزعج بري الى حدود القلق حيال آخر التطورات في العراق والتي وصلت الى حدود النار والدم بين المكونات الشيعية، إذ سبق له ان وجه رسالة الى كل المكونات العراقية لحل مشكلاتهم على طاولة الحوار وليس سلوك التقاتل، وسيكرر الكلام نفسه. وكان قد قام باتصالات مع اكثر من شخصية في بغداد بعيداً من الاعلام بغية رأب الصدع مع دعوته للتلاقي تحت مظلة المرجع السيد علي السيستاني الذي يعتبره صمام الامان في بلد مهدد بالتناحر وسفك الدماء اذا لم تسلك مكوناته السياسية طريق الحوار.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *