توفي الشاب السوري بشار عبد السعود أثناء تواجده بقبضة عناصر في جهاز أمن الدولة خلال التحقيق معه في قضاء بنت جبيل، جنوب لبنان.
وزعمت وسائل إعلام محلية تعرض بشار إلى الجلد بأشرطة كهربائية وأسلاك حديدية رفيعة تركت آثارها على جسمه كله أثناء التحقيق.
وبحسب المعلومات، التي حصلت عليها وسائل إعلام محلية، فإن تهمة الشاب السوري هو حيازته على ورقة 50 دولار مزورة في أواخر شهر أغسطس / آب الماضي.
مطالبات بالمحاسبة
وقالت السلطات إن سبب الوفاة هو أزمة قلبية وتعاطيه جرعة كبيرة من حبوب الكابتاغون.
إلا أن معاينة الجثة من قبل الطب الشرعي، أشارت إلى أن الشاب تعرض لتعذيب قاسٍ لأكثر من ثلاث ساعات أدى إلى إصابته بأزمة قلبية أدت إلى وفاته على الفور. وهو ما أشارت إليه الصور المتداولة على مواقع التواصل لجسد الموقوف المتوفي وقد غطته الكدمات والبقع الزرقاء.
ووصف وزير البيئة اللبناني، ناصر ياسين، الحادثة بأنها “جريمة يرفضها العقل وتنافي حقوق الإنسان”، مطالبا النيابة العامة بإجراء تحقيق جاد واحترام الاستقصاء في جرائم التعذيب.
واعتبر النائب اللبناني، إبراهيم منيمنة، في تغريدة نشرها عبر حسابه على منصة تويتر أن الجريمة انتهاك للإنسانية وأن جهاز أمن الدولة “أثبت فشله وتسلطه وبطشه وتماديه”.
تحقيق في ملابسات الجريمة
وقد أصدرت المحكمة العسكرية في لبنان، السبت، قرارا بتوقيف ضابط و4 عناصر في جهاز أمن الدولة على ذمة التحقيق في وفاة الشاب السوري الموقوف تحت التعذيب، وفق ما أفاد مسؤول قضائي.
وأخضع مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية اللبنانية، القاضي فادي عقيقي مكتب أمن الدولة، حيث جرى تعذيب الموقوفين، إلى تحقيقات أولية بإشرافه.
وأشار مسؤول قضائي إلى أن المشتبه بهم أرادوا “انتزاع اعترافات من عبد السعود بأنه يترأس خلية أمنية تابعة لتنظيم الدولة، إلا أنه أصرّ على نفي هذه الاتهامات”.
وأوضح المسؤول أن “الموقوفين الآخرين من رفاق المتوفى تعرضوا للتعذيب أيضا من أجل انتزاع اعترافات بأنهم ينتمون إلى التنظيم”، مشيرًا إلى أن آثار التعذيب كانت واضحة على أجسادهم، ولا يزال اثنان قيد التوقيف.
بدوره، قال أحد الموقوفين السابقين لوسائل إعلام إن التعذيب وحرق الجسم بالسجائر وسيلة تعتمدها أجهزة الأمن خلال التحقيقات للضغط على الموقوف وإجباره على الاعتراف بالتهم المنسوبة إليه، حتى وإن كانت عارية عن الصحة.
ونشرت الهيئة الوطنية لحقوق الإنسان، المتضمنة لجنة الوقاية من التعذيب، بيانا تستنكر فيه مقتل الشاب السوري وتدعو إلى تجميد جميع أعمال التحقيق في جميع المكاتب الإقليمية التابعة لجهاز أمن الدولة وحصرها بمركز الاحتجاز المركزي في المديرية العامة في منطقة الجناح باشراف القضاء المختص.
وأشار بيان الهيئة إلى وجوب مراعاة الالتزام الصارم بتطبيق القانون “رقم 191” الذي يهدف إلى تعزيز الضمانات الأساسية وتفعيل حقوق الدفاع في قانون أصول المحاكمات الجزائية، لا سيما المادة 47 من القانون التي تكرس الحقوق للمشتبه بهم.
ولا يعتبر بشار عبد السعود أول ضحية يتعرض لهذا النوع من التعذيب القاتل، إذ نشرت العديد من التقارير التي تكشف تعذيب أجهزة الأمن اللبنانية ومخابرات الجيش للمشتبه بهم رهن الاحتجاز، وكان آخرها تقرير نشرته منظمة هيومن رايتس ووتش في يونيو/ حزيران الماضي
كما اتهمت منظمة العفو الدولية، في مارس/ آذار 2021، الجهات نفسها بارتكاب انتهاكات بحق 26 لاجئا سوريا بعد اعتقالهم بسبب تهم الإرهاب، بينها اللجوء إلى الضرب والتعذيب وحرمانهم من المحاكمة العادلة.
التعليقات