التخطي إلى المحتوى

دبي: مها عادل
جهينة المهيري، شابة إماراتية، تفتحت عيناها على الحياة، لتجد نفسها تتحمل مسؤولية إعالة والدتها وأختيها الصغيرتين، فاختارت الطريق الأصعب لتحقيق التميز، وعملت في مجال الملاحة الجوية، الذي نادراً ما تطرقه النساء على مستوى العالم، لتصبح أصغر امرأة وثاني إماراتية تكمل التدريب في مركز الشيخ زايد للملاحة الجوية. ثم واصلت تعليمها، وحصلت على درجة البكالوريوس في إدارة النقل الجوي من جامعة كوفنتري وجامعة الإمارات للطيران، لتشغل منصب ضابط مراقبة الحركة الجوية وتشكل رمزاً لقدرة وكفاءة المرأة الإماراتية في تحقيق الإنجازات.

تقول جهينة المهيري: «اسم جهينة يعني، بداية الأشياء الجديدة، وأعتقد أن لي نصيباً من اسمي، فأنا أراقب الحركة الجوية منذ أن كان عمري 19 عاماً. اخترت هذه الوظيفة لأنني اضطررت إلى إعالة والدتي وشقيقتي الصغيرتين، لكني مع الوقت أحببت المهنة».

وتتابع: «طبيعة وظيفتي كضابط مراقبة للحركة الجوية تعتمد على مراقبة الطائرات في المجال الجوي للدولة اعلى شاشة الرادار، والتحدث إلى الطيارين عبر تردد لاسلكي، وإخبارهم إلى أين يطيرون، والارتفاع المحدد. ويشكل هذا العمل مسؤولية كبيرة لحماية سماء بلدي العزيزة، لأن كل طائرة بها مئات الأشخاص على متنها التي يجب ضمان سلامتهم جميعاً، ووصولهم لوجهتهم في الوقت المحدد، وكثيراً ما تتطلب مهام العمل السهر لساعات طويلة خلال النوبات الليلية».

وعن بعض الذين يرددون أن مثل هذه الوظائف مناسبة أكثر للرجال، تقول المهيري، مبتسمة: «حسناً، ذلك المفهوم شائع، لأنه مجال يسيطر عليه الذكور، لكن هذا لا يعني أن المرأة لا تستطيع أن تنافس وتقتحم هذا المجال بجدارة لتشغل وظيفة مراقب حركة جوية تصنيفها ذكوري، وأنا خير دليل على ذلك. رغم أن أول إماراتية انضمت لهذا المجال كان في عام 1995، وأنا الثانية حتى الآن، والبقية ستأتي، فأنا أعمل على زيادة وعي الفتيات وتحفيزهن على الانخراط في هذا المجال، علماً أن هذا المجال يهيمن عليه الرجال بجميع أنحاء العالم، وأعتقد أن متوسط عدد ضابطات مراقبة الحركة الجوية الإناث حول العالم في معظم الوحدات لا يزيد على %20، ورغم ذلك، لدينا بالمنشأة التي أعمل بها فقط، ثلاث إماراتيات أكملن التدريب بنجاح، ونتزايد كل يوم في جميع أنحاء الإمارات».

الدعم المادي

أما السبب وراء تحملها مسؤولية الإنفاق على أسرتها، وهي في مقتبل العمل تقول: «نشأت في منزل، وفرت والدتي لي أنا وشقيقتىّ، الدعم المادي الذي يكفينا لسنوات، لكن عندما أغلقت شركتها التجارية، رأيت حينها أنها أصبحت أكبر سناً وأكثر إرهاقاً، وأردت المساعدة، فقررت البحث عن عمل يحقق لي هذا الهدف ودعمتني والدتي في القيام بهذه الخطوة، ليقينها بأن لدي القدرة على القيام بذلك الدور، ولم أرغب في أن أعتمد على أي رجل في حياتنا للقيام بهذا الدور رغم أن القاعدة الثقافية السائدة توعز بأن الدعم المادي للأسرة مسؤولية الرجل في الأساس».

أما الهوايات التي تمارسها المهيري، فتتحدث عنها قائلة: «لدي العديد من الهوايات المتنوعة. أحب الفنون، وأبتكر قطعاً فنية مميزة لتزيين المنزل، وتحوذ إعجاب الكثيرين، ويحرصون على اقتنائها في منازلهم، كما أهوى صناعة الفخار، وأعتبرها وسيلة ممتعة للإبداع والتواصل وإحياء الثقافة والتراث الإماراتي، وأستمتع كثيراً بممارسة هواية التزلج على الماء، إلى جانب أنني أقود دراجتي النارية، فهي تمنحني شعوراً جيداً بالقوة والتمكن، كما أحب البستنة، وأهوى تربية الكلاب، ولدي 3 منها».

ثلاث أمهات

عن قدوتها في الحياة، ومصدر إلهامها على التقدم والاعتماد على الذات، فتقول: «أعتبر نفسي لدي ثلاث أمهات، والدتي وعمتي وجدتي وهؤلاء النساء الثلاث قويات جداً ومتعلمات جيداً، وعلمنني منذ نعومة أظفاري أن العمل الجاد والتعليم مهمان للغاية للفتاة، مثلها مثل الذكر، وأن الاعتماد على الذات منهج حياة وأساس للتميز والعيش بكرامة وعزة، لهذا حرصت في حياتي على العمل الجاد وتجاوز الحدود وعدم القبول بكلمة مستحيل، ولا أستطيع.

وتطلعنا المهيري على طموحها، إذ تحث المرأة على العمل والإنجاز، وتقول: أنصح كل أنثي أن ترفع سقف طموحها، لتصل للنجوم، فالسماء ليست هي الحد، وأن تثق بقدراتها ولا تؤجل أحلامها لأي سبب، فتأخير العمل والتطور خيانة عظمى برأيي، فخطوة واحدة للأمام قد تغير حياتك للأبد، أما عن طموحي، فإنني سوف أمضي قدماً في المجالات التي اخترتها لنفسي مع الحرص على التعلم المستمر، وأنوي زيادة جهودي على نطاق أوسع، حيث أنشر الوعي عن طبيعة عملنا الذي يجهله الكثيرون، وتمثيل المرأة الإماراتية في مراقبة الحركة الجوية، حتى ننجح في انضمام المزيد من النساء إلى هذا المجال المهم. وأستمتع حقاً بالعمل مع الأطفال وتقديم ورش عمل توعوية حول مراقبة الحركة الجوية.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *