أبوظبي: عدنان نجم
شهدت التداولات العقارية في أبوظبي خلال النصف الأول من العام الجاري حركة نشطة؛ حيث بلغت قيمة التداولات 22.5 مليار درهم إماراتي، مع توقعات أن يواصل النصف الثاني من العام تسجيل أداء إيجابياً بفضل ارتفاع الطلب على شراء وتملك الوحدات العقارية في الإمارة، وتمكن شركات تطوير عقاري من بيع وحدات في مشاريعها الجديدة خلال زمن قصير.
وأعرب خبراء وعاملون في القطاع العقاري في الدولة عن توقعاتهم، بأن يواصل القطاع العقاري زخمه ونشاطه من خلال الفرص الاستثمارية المتاحة، وطرح مشاريع نوعية جديدة تستقطب مزيداً من المستثمرين والعائلات والأفراد، خاصة مع الحرص على بناء وتطوير مشاريع متكاملة من حيث الخدمات والبنية التحتية.
تطرق الخبراء إلى أهمية طرح عقارات تناسب جميع الشرائح، ومشاريع نوعية، وتوفير قروض التمويل العقاري، ومنح فترات سداد طويلة، والترويج والتسويق للمشاريع والمبادرات التي أطلقتها الدولة، وغيرها من العروض التي من شأنها تنشيط حركة الطلب بشكل كبير خلال العام الجاري.
عوامل متعددة
يقول الدكتور عبدالرحمن العفيفي، الرئيس التنفيذي لشركة «تمكن العقارية»: «لقد شهدنا ارتفاعاً في الطلب على العقارات في إمارة أبوظبي، وبالتالي ارتفع حجم التداولات لأرقام كبيرة خلال النصف الأول من العام الجاري، ولقد أطلقت الدولة مجموعة من المبادرات المشجعة على الإقامة والاستثمار، ومنحت الإقامة الذهبية للمستثمرين والموهوبين وخط الدفاع الأول من الأطباء والممرضين وغيرهم، إلى جانب ما تتمتع به الإمارات من أمن واستقرار وتوفير الخدمات المتنوعة، الأمر شجع على شراء العقارات وتملكها بغرض الاستثمار أو الاستخدام النهائي».
وأضاف العفيفي: «هناك العديد من العوامل التي ساعدت الكثيرين على شراء وتملك العقارات بالدولة بشكل عام وإمارة أبوظبي بشكل خاص، ومنها توفر التمويل العقاري؛ حيث توجد تسهيلات في طلبات البنوك وتقليل نسبة الدفعة الأولى وخفض قيمة الأقساط، والسداد لفترات طويلة تصل إلى 25 عاماً، كل هذا يساعد المستثمر على الشراء».
وتابع: «يركز المطورون العقاريون على إطلاق مشاريع تناسب جميع الشرائح، سواء عقارات تتناسب مع ذوي الدخل المرتفع أو المتوسط أو المحدود، وليس التركيز على العقارات الفاخرة فقط، كما نرى أن المطورين العقاريين يبنون في مناطق يسمح بها التملك الحر لللجانب، وذلك لتلبية الطلب من قبل هذه الفئة الكبيرة». وأفاد بأن شركات التطوير ركزت مؤخراً على إطلاق مشاريع نوعية للمستثمرين لاستقطابهم مع توفير الخدمات والمرافق التي تناسبهم، مما ساعد على بيع وحدات هذه المشاريع بسرعة، وزيادة الإقبال عليها.
ارتفاع الأسعار
قال الدكتور علي العامري رئيس مجلس إدارة مجموعة الشموخ: «أعتقد بأن أسعار العقارات ستواصل الارتفاع خلال هذا العام نتيجة زيادة الطلب من المستثمرين الأجانب، لكن ارتفاع أسعار الفائدة وعدم وجود عقارات تناسب الشرائح المختلفة من حيث السعر والنوعية يمكن أن يقلل من الإقبال على شراء العقارات، ويجب القول إن سوق العقار الإماراتي لا يزال منتعشاً نتيجة التعافي الاقتصادي وارتفاع أسعار النفط، والغاز، وانتعاش حركة التجارة، والسياحة.
وأضاف د.العامري: «لقد ارتفعت أسعار العقارات هذا العام نحو 7.5% هذا العام حسب استطلاع أجرته شركات متخصصة، وهذا الارتفاع يعود إلى التعافي من الجائحة ونجاح معرض إكسبو دبي 2020، وفي اعتقادي قد نسجل انخفاضاً في الطلب في حال استمرت أسعار الفائدة في الارتفاع».
وتابع: «أعتقد بأنه إذا استمر الطلب من المستثمرين الأجانب وبعض المستثمرين المحليين على العقارات على الرغم من ارتفاع سعر الفائدة، فإن هذا سيحافظ على وجود الطلب العقاري، ويحقق التوازن بشرط وجود عدد من الوحدات العقارية الكافية التي تناسب مختلف الشرائح خاصة شريحة ذوي الدخل المحدود والمتوسط». وشدد د. العامري، على أهمية إطلاق مشاريع نوعية من قبل المطورين العقاريين؛ حيث إن هذه المشاريع يمكنها جذب الفئات التي تتناسب معها، وتحقق مبيعات جيدة.
واختتم: «لقد تمكنت دولة الإمارات من التعامل مع مختلف الظروف، خاصة عقب نجاحها في التعافي المبكر من الجائحة، وجذب مزيد من الشركات والمؤسسات للعمل فيها، مما سيدفع لمواصلة الطلب على العقارات باختلاف أنواعها خلال الفترة المقبلة».
وجهة للإقامة
من جهته، يقول رجل الأعمال حمد العوضي: «تتم الاستفادة من العقار سواء للاستثمار أو الاستخدام النهائي، وعقب الجائحة والأزمات التي تسببت بها، فإن الكثير من المستثمرين والناس قد نظروا إلى دولة الإمارات كوجهة للاستقرار والإقامة والعمل، بفضل قوة ومتانة الاقتصاد، ومزايا العيش في الدولة بما تتمتع به من أمن واستقرار وتوفر الخدمات والمرافق الحديثة والبنية التحتية المتطورة، مما دفع الكثيرين إلى القدوم إلى الدولة بغرض الإقامة والعيش والاستقرار وممارسة الأعمال، والاستفادة من النمو الاقتصادي».
وأضاف العوضي: «ساعد على قدوم المستثمرين والمقيمين الجدد إلى الدولة والاستقرار بها، وجود شريحة كبيرة ومتنوعة من العقارات المتاحة للتملك والاستئجار في السوق، وكان منها عقارات فاخرة ونوعية وعقارات مناسبة؛ حيث إنها تتناسب مع ذوي الدخل المرتفع والمتوسط والمحدود، إلى جانب وجود البنوك وشركات التمويل التي وفرت خيارات تمويلية تتناسب مع إمكانيات العديد من الأفراد والمستثمرين، بخلاف خطط السداد والدفع الميسرة التي توفرها شركات التطوير والاستثمار العقاري للراغبين في الشراء والتملك في مشاريعها، مما يعزز من ثقة المستثمرين والأفراد».
وذكر أن التشريعات والأنظمة العقارية قد أوضحت للأفراد والمستثمرين المحليين والأجانب عمليات التملك. وتابع: «إن المطلوب في الفترة المقبلة، وجود آلية للتنسيق بين المطورين؛ بحيث لا يوجد عرض أكثر من الطلب؛ بحيث لا يتسبب إطلاق المشاريع بإغراق السوق بالوحدات السكنية، وبالتالي يقلل من زخم الاستثمار فيها، مما يتسبب بهبوط العائد الاستثماري على العقارات وهبوط قيمة الإيجارات بشكل ملحوظ». وأضاف العوضي: «إن التوسع النوعي في المشاريع العقارية أفضل من التوسع الكمي؛ بحيث يكون هناك تطوير يتناسب مع إمكانيات جميع الشرائح».
برامج سداد ميسرة
يقول أمين القدسي المدير التنفيذي لشركة «نيشن وايد الشرق الأوسط» للعقارات: «لقد سجل القطاع العقاري في دولة الإمارات بشكل عام أداء إيجابياً كبيراً مستفيداً من الزخم الكبير الذي خلقه معرض إكسبو دبي 2020 الذي استقطب ملايين الزوار والمشاركين، إلى جانب سرعة تعافي الدولة من تداعيات الجائحة، الأمر الذي عزز من ثقة الكثيرين بالإقامة والعمل والعيش والاستثمار في الدولة».
وأضاف القدسي: «إن دولة الإمارات سباقة دوماً في طرح الفرص أمام جميع المستثمرين من مختلف الجنسيات عبر التسهيلات المقدمة، والقوانين والتشريعات التي تحمي ملكياتهم وحقوقهم، وبالطبع كان هذا واحداً من أهم الأسباب التي جعلت جميع المقيمين والسياح الأجانب يضعون الإمارات كوجهة أولى للاستثمار العقاري، مما جعلنا نشهد الارتفاع والزيادة في حجم التداول العقاري بشكل عام في مختلف إمارات الدولة».
وشدد القدسي على أهمية مواصلة إطلاق العروض المتنوعة من أجل الحفاظ على الزخم العقاري، ومواصلة تحقيق تداولات كبيرة في السوق، مشيراً إلى أهمية توفير قروض التمويل العقاري بأسعار فائدة مناسبة، إلى جانب قيام شركات التطوير العقاري بطرح طرق سداد ميسرة ولفترات طويلة، بالتزامن مع طرح عقارات تتناسب مع مختلف الشرائح والفئات.
ولفت إلى أهمية التوسع في إطلاق المشاريع النوعية التي تحظى باهتمام وإقبال شرائح كبيرة، موضحاً أن شركات تطوير نجحت في تسويق مشاريعها في فترة قصيرة بسبب حرصها على طرح مشاريع تتناسب وتتلاءم مع إمكانات واحتياجات المستثمرين والأفراد والعائلات.
وأشار إلى أهمية الترويج والتسوق للمشاريع العقارية في الدولة وما تتميز به من مرافق وخدمات نوعية، الأمر الذي سيجذب المستثمرين والأفراد والعائلات، خاصة أن المبادرات التي أطلقتها الدولة قد عززت من ثقتهم بالاستقرار والإقامة وممارسة الأعمال بها.
نجاح التسويق
يقول سعيد الفهيم، الرئيس التنفيذي لشركة «ستراتوم» لإدارة العقارات: «لقد أسهمت العروض التي تطرحها شركات التطوير العقاري في أبوظبي، في استقطاب المستثمرين والعائلات بغرض الشراء والتملك، مع طرح طرق سداد مرنة، وهذا السبب في نجاح شركات تطوير في تسويق مشاريعها خلال فترة زمنية قصيرة».
وأضاف: «لقد شهدنا دخول مستثمرين جدد إلى سوق أبوظبي العقاري؛ حيث إن هذا السوق لا يزال يحقق عوائد أفضل من الأسواق الأخرى، وعلى الرغم من طرح المشاريع بأسعار قد تكون مرتفعة نوعاً ما، فإنها تتميز بمواقعها في الجزر وقرب الشواطئ، مما يتيح للمقيمين فيها العيش بأجواء رائعة، مع توفر المرافق والخدمات النوعية في هذه المشاريع».
ولفت إلى أهمية التركيز على المناطق القريبة من جزيرة أبوظبي وتطوير أبراج سكنية فيها لاستيعاب الطلب المتواصل سواء بغرض الاستثمار أو الإقامة، موضحاً أن جزيرة الريم لا تزال تحظى باهتمام المستثمرين والراغبين في الإقامة بالقرب من العاصمة.
التعليقات