في التعليق المباشر على الكلمة المباشرة لدولة الرئيس نبيه بري في ذكرى ال44 لإختفاء الإمام السيّد موسى الصدر من قبل لبنانيين شاتمين للرئيس بري وآخرين شاتمين للشاتمين تبدو صورة الواقع اللبناني مشوهة بخلافات لا حلّ لها طالما أن الأزمة في لبنان صناعة طبقة سياسية ترعاها دول خارجية داعمة لها وللنظام السياسي الذي أنتجها وهذا مكمن الخلل الذي لا يمر عليه أحد ويبقى التراشق بين اللبنانيين لايستهدف ولا يصيب إلاّ رؤوسهم وهذا ما يتقنه اللبنانيون من أعمال تبرىء الطائفة التي ينتمون إليها وتتهم الطوائف الأخرى بسوء أفعالها وكثرة إفسادها وطول يدها في النهب واللصوصية .
في المشهد الشيعي ثمّة حاجة ملحة لحضور السيّد موسى الصدر لا كشخص فقط بل كدور ورسالة أثبتا ضرورتهما لبقاء الشيعة معتدلين لا كحاضر بل كمستقبل أيضاً كي يستمروا في محيطهم العربي وعدم الذهاب بهم باتجاه التطرف الذي يدفع بالطائفة إذا ما تطرفت إلاَ النفي التاريخي وحال التجربة اللبنانية جلية في جعل الطائفة المارونية نموذجاً لحال الطائفة المتطرفة ومصيرها .
كثرت الكتابات الشيعية المتفاعلة مع الإمام الصدر في ذكرى إختفائه من قبل من هم غير حركيين ولا علاقة لهم بالطائفة بالمعنى المذهبي بقدر ما هم على علاقة معها كمكون تاريخي ولهم في حركة أمل آراء حادة وخاصة من تجربتها في السلطة .
كما أن الأكثرية الشيعية الغير منظمة في تنظيمي الثنائي الشيعي تبرز بشكل دائم في وسائل التواصل الإجتماعي أكثر ميلاً لسيد الإعتدال موسى الصدر الذي بنى فقهاً جديداً مختلفاً تماماً عن الفقه التقليدي الشيعي سواء في مقاربته للسلطة والدولة والعلاقة مع الآخر والذي أرسى قواعد سياسية جديدة مناقضة تماماً لقواعد العمل السياسي للتيارات الشيعية ومن أبرزها حزب الدعوة ومنها تأصيل الدولة المدنية بدلاً من الدولة الدينية سواء بنسختها السنية ( الخلافة ) أو الشيعية ( الولاية ) والتعاطي مع اللبنانيين كمواطنين متساوين في الحقوق والواجبات على عكس الفقهين السياسي والتشريعي الذين يفرقان بين المواطنين على أساس الهوية الدينية ومن ثم المذهبية فلا إمكانية للتساوي بين الناس على غير ملّة الإسلام .
لا مجال هنا لإزدحام التناقض الصريح مابين الإمام الصدر والإئمة الآخرين لعرض المزيد منه لذا سنكمل ما احتشد عليه الشيعة على إختلاف مواقفهم في ذكرى الإمام الصدر من خلال تظهير مواقفه وخطبه وتصريحاته وتفاعلاته اللبنانية والعربية التي تجافي التطرف وتطوق إلى الإعتدال بكل مستوياته الداخلية والخارجية في وقت يشعر فيه الشيعة أن سلبهم الإمام قد سبب لهم فراغاً لم يملؤة إلاً غيابه وهذا ما قاله الرئيس بري الذي عنى ما عنى وكان بيت القصيد في كلمته ال43 عن السيّد موسى الصدر بمعنى أن القيادات الحالية بمحمولاتها الحزبية و الفقهية والثقافية لا قدرة لها على ملء ما هو شاغر بسبب غياب الإمام .
يبدو الحضور الشيعي أمس في مدينة صور في إزدياده اللافت رغم تراجع الحركة لأسباب متعددة وفي ظل فقدان هذه الجماهير للمقومات المادية ورغم بقائها على حرمانها في ظل أزمة جوعت أكثر الشبعانين وفي ظل مواقفها الجريئة من السلوك المالي والسياسي لبعض الأملويين الثابتين في حلب السلطة متجهاً أكثر صوب رسالة السيّد موسى الصدر لأنها تحمي اللبنانيين الشيعة الذين يكرسون جهدهم لبناء الدولة المدنية التي عمل من أجلها السيّد الصدر وأكدها أمس الرئيس نبيه بري لتوكيد خط الحركة وموقفها الثابت من الدولة الدينية إعتراضاً ضمنياً منه مع المؤمنين بها .
كانت مناسبة الإمام الصدرهذه السنة إستفتاءًا شيعياً برزت من خلالها أكثرية شيعية موالية للأفكار والمواقف الصدرية الموضوعية ولرسالته الإنسانية وبرزت أيضاً حركة أمل كحركة شيعية يصعب هضمها أو قضمها من أحد لأنها ليست تنظيماً بل حركة الناس كما قال الرئييس بري في ترسيمه لخط حركة أمل مقابل خط الآخرين .
إن المقال يعبر عن رأي كاتبه وليس بـالضرورة سياسة الموقع
التعليقات