ولكوثراني بطبيعة الحال كل الحق في أن يفكر بالطريقة التي يريدها، وأن يعبّر عما يفكر فيه، لكن ذلك كله يُدخل إلى قلب المُشاهد بعض الشك حول كل هذا الإعداد، إن تم بعفوية، أم أنه مدروس لكي يحرف الناس عن التفكير بعقلانية في مشاكل البلد والتمحيص لمنطقي في اتفاق ترسيم الحدود الأخير، وبالتالي جرّ الناس إلى مستنقع من تفاهة وأحاديث زبائن الفرن.
في مقابل فيديو كوثراني، انتشر فيديو لحسين قاووق يرد فيه على كوثراني. وفي الفيديو، يجلس، بشخصية “علي علوية” على سرير بسيط، في غرفة هي أقرب إلى الفقراء منها إلى متوسطي الحال، ويبدو “علوية” واحداً من العاطلين عن العمل الذين يقضون نهارهم في التذمر من أحوالهم. يظهر الفيديو الحد الأدنى من الاحترافية، هو واحد من فيديوهات كثيرة يصورها الناس يومياً وينشرونها في مواقع التواصل، بإضاءتها الرديئة، واليد التي تحمل الهاتف ولا تتوقف عن الاهتزار. أما الكلام، فحتى ولو كان مكتوباً مسبقاً، إلا أن فيه عفوية كبيرة تعبّر عنها ضحكات “علوية”، إلى الحدّ الذي يجعل النص أحياناً عصياً على الفهم.
يحمل كلام كوثراني الكثير من اليوتوبيا البلهاء والتبسيط والنظرة السطحية للعالم والقضايا. الأمور بالنسبة إليه سهلة. إذا احتاج الطرق، طلبها من الصينيين، إذا احتاج النفط فسيؤمنه له الإيرانيون مقابل البرتقال “أبوصرّة”، الجميع تحت أمره وبانتظار طلباته. في فيديو آخر، يدعو كوثراني اللبنانيين للصلاة، كخطة “باء” في حال فشل الخطة الأولى. الصلاة لله كي يتشفع بلبنان ويحسن أحواله. يستدل على ذلك بالقول: تعلموا الدرس من الشيعة، أنظروا إليهم أين أصبحوا بفعل الصلاة.. لكن أين أصبح الشيعة فعلاً؟ يجيب “علوية” على السؤال.
على عكس يوتوبيا كوثراني، يعكس “علوية” الحال الحقيقية للشاب الشيعي، العاطل عن العمل، الذي ينظر إلى المسيحي والسني والدرزي يعيشون حياتهم، عاملين في الحلويات والسياحة، بينما يحمل هو على كاهله حملاً هو مُجبَر على حمله: نقل الصواريخ وقتال الأعداء. وكلما انتهى من قتال عدو، واجه عدواً آخر. وفي الوقت نفسه، تعبّر غرفة “علوية” عن حال الغالبية من شباب الطائفة الشيعية التي تعاني ظروفاً إقتصادية يعرفها الجميع.. إلا كوثراني.
|
التعليقات