16 يوماً فقط تفصل لبنان عن نهاية ولاية الرئيس ميشال عون وكل المؤشرات “تتصاعد” في اتجاه شغور رئاسي بعده بات التعبير عن التخوف منه بمثابة اعلان صريح ومعيب ومخز عن تواطؤ أو عجز أو استسلام سياسي سيتوج بطبيعة الحال بخروج عون من بعبدا من دون ان يسلم خلفاً له مقاليد الرئاسة. وإذ تتسم المعطيات حيال الاستحقاق الرئاسي بتشاؤم مطبق فإن الأسبوعين الأخيرين من العهد العوني لا يبدوان أيضاً مرشحين لأن يشهدا انفراجاً في الواقع الحكومي عبر تعويم حكومة تصريف الاعمال ولو معدلة بتغيير شاغلي بضعة مقاعد وزارية علماً ان الاتفاق المحتمل على صيغة حكومية في الأيام العشرة الأخيرة من المهلة الدستورية، اذا حصل، من شأنه ان يثير إشكالية حيال امكان مثول الحكومة من عدمه امام مجلس النواب لنيل الثقة في الوقت الذي يكون فيه المجلس هيئة انتخابية دائمة حكماً ولا يمكنه القيام بأي عمل آخر قبل انتخاب رئيس الجمهورية.
لذا تدور الوقائع السياسية من الآن في دوامة العجز والتسليم المسبق للشغور الرئاسي وبدأ يملأ هذه الفترة صخب سياسي انطلقت معالمه مع الجلسة الثانية لانتخاب رئيس الجمهورية على لسان “حزب الله” بمهاجمته مرشح المعارضة النائب ميشال معوض ومن ثم تصاعد الصخب امس على لسان رئيس “التيار الوطني الحر” النائب جبران باسيل الذي في مناسبة احياء ذكرى عملية 13 تشرين التي اسقطت عبرها القوات السورية عون لم يأت باسيل على ذكرها وتجاهلها تماماً ليشن في المقابل هجمات مقذعة على خصومه وجهات كثيرة داخلية.
وفي ملف الترسيم أشاد الرئيس الفرنسي إيمانويل ماكرون، امس، بـ “الاتفاق التاريخي” لتسوية النزاع الحدودي البحري بين لبنان وإسرائيل والذي يتيح استغلال المحروقات قبالة سواحل البلدين، معتبراً أنه “خطوة مهمة نحو مزيد من السلام” في المنطقة.
وهنأ ماكرون الذي أدى دوراً في المفاوضات رئيس الوزراء الإسرائيلي يائير لابيد ورئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي بـ “جهودهم وتصميمهم على إنجاز الاتفاق” وفق ما أوردت الرئاسة الفرنسية.
وأضاف قصر الإليزيه، “هذه بلا شكّ خطوة مهمة نحو مزيد من السلام لإسرائيل ولبنان وجميع دول وشعوب المنطقة”. وشدّد على أن “الاتفاق سيسهم في استقرار الشرق الأوسط وأمن إسرائيل ولبنان ويساهم أيضاً في ازدهار البلدين في ظل أزمة اقتصادية خطيرة في لبنان”. وأشار إلى أنه “يقدم مثالاً إيجابياً للمنطقة على صعيد ما يمكن أن يتحقق عبر الرغبة المشتركة في التوصل إلى نتيجة في إطار مفاوضات متطلبة تتم في إطار الاحترام”.
وقالت الرئاسة الفرنسية إن “المسؤولين الثلاثة شكروا رئيس الدولة على إسهامه هو وفرنسا في إبرام هذا الاتفاق.
وبدوره كشف الوسيط الأميركي في ملف الترسيم البحري آموس هوكشتاين، أن “الرئيس الاميركي جو بايدن كان ممتناً أن الرئيس الفرنسي ايمانويل ماكرون ساعد بموضوع مفاوضات ترسيم الحدود”، لافتاً الى ان “الحكومة الفرنسية كانت تساعد خلال سير هذه المفاوضات ولا شك أن فرنسا مهتمة لما يحصل في لبنان والتقيت بممثلي الحكومة الفرنسية بشكل يومي حين كنت في لبنان ونحن نشكر مساعدتهم”.
وفي حديث لقناة الـ”أم تي في” أشار هوكشتاين الى ان “اللبنانيين فرحون أن القرار اتخذ لأنهم يستحقون الأمل وفرصة للنمو ونحن كولايات متحدة سنفعل ما بمقدورنا لندعم أهداف اللبنانيين”، معتبراً ان “فرص الصراع تنخفض وسيصبح البلد آمناً والشركات ستستثمر في لبنان وسيكون هناك فرص عمل لذا أعتقد اننا سنشهد على الفور أو بنسبة سريعة تغييراً”. واعتبر انه “عند استخراج الغاز الطبيعي سنتأكد من أن يحظى لبنان بـ24 ساعة تغذية كهربائية قبل كل شيء والأمر سيتم بشكل سريع، وأعتقد أن اللبنانيين يستحقون دولة تعمل لمصلحة مواطنيها”.
المشهد الداخلي
أما في المشهد الداخلي فقال باسيل في كلمته في ذكرى 13 تشرين الأول: “لا نصدّق أنّنا نستطيع الانتصار على إسرائيل ونسحب من أنيابها الخط 23 وحقل قانا، ولا نستطيع أن ننتصر على “كم صعلوك فاسد” قيمته بدولارته المسروقة من جيوب الناس”. وأضاف: “لا ننسى من فرح أو زغرد أو استهزأ أو خان أو قصف، لكن بالأمس كرّروا أنفسهم في البرلمان قاموا بالاستهزاء ولم يتضامنوا وكشفوا عن أنفسهم من جديد”، معتبرًا أنّ “13 تشرين هزيمة عسكرية من دون أخذ توقيع”.
وذكر أنّ “كل الذين كانوا ازلام الوصاية، انقلبوا عليها حين ضعفت، واليوم وسوريا بأزمتها، “عم يعيّرونا” بانفتاحنا عليها، فلم يتعلموا أي شيء، بالحرب وصلوا متأخرين، وبالسلام ما زالوا متأخرين”. واعتبر أنّ “في 13 تشرين 1990 دفعنا وحدنا ثمن الظرف الدولي لحفظ كرامة اللبنانيين وحقهم بالحرية والسيادة والاستقلال. وفي 13 تشرين 2022، استثمرنا الظرف الدولي لحماية ثروة اللبنانيين وحقوقهم، وفي 13 تشرين أعلن رئيس الجمهورية ميشال عون موافقة لبنان على اتفاق الغاز وترسيم الحدود”. ورأى أنّ “الوجوه التي تآمرت في 13 تشرين عسكرياً، لبست قناع المؤامرة الاقتصادية في 17 تشرين والهدف واحد: إسقاط الشرعية وإسقاط بعبدا. إسقاط بعبدا وبالتالي حماية الفساد الذي أكل مال الدولة ومال الناس”، مشددًا على أنّ “اليوم انكشفت المؤامرة التي استهدفتنا، واستهدفت المقاومة، واستهدفت لبنان وفقّرت شعبه”.
ولفت إلى أنّه “تم كشف المخطّطين بالخارج على لسان شينكر، الحقود الدائم على لبنان، وانكشف المنفذين بالداخل على يد حاكم لبنان (في إشارة إلى حاكم مصرف لبنان رياض سلامة)، الذي قام بمؤامرة قطع الدولار من السوق بفترة 17 تشرين، وهرّب اموال المصارف وبعض النافذين؛ وغرّق السوق بالليرات وهرّب مقابلها الدولارات”.
وقال: “كما خرجنا من 13 تشرين العسكري بكرامتنا، وعاد رئيس الجمهورية ميشال عون أقوى على لبنان، سنخرج من 13 تشرين الاقتصادية بنظافة وسيعود الرئيس عون أقوى إلى الرابية”. وقال “لن نقبل برئيس ليس لديه حيثية شعبية ونيابية أو ليس مدعوماً بكتلة نيابية وازنة شعبياً ومسيحياً بالتحديد ونرفض أي تعيين رئيس من الخارج”. وقال “قدّمنا التنازل الأكبر من اجل مصلحة البلد ولم نترشّح بعد على الرئاسة ولكن انتبهوا لا تجبرونا على تغيير رأينا”.
وفي الملف الرئاسي ايضاً أعلن النائب محمد رعد امس أن “هناك خوفاً من أن يحدث فراغ في موقع رئاسة الجمهورية” مؤكداً أننا “نريد للاستحقاق الرئاسي أن يحصل ضمن المهلة الدستورية رغم المهلة القصيرة لانتهائها”.ودعا إلى “تشكيل حكومة كاملة المواصفات الممنوحة الثقة من المجلس النيابي، تستطيع أن تأخذ القرارات وأن تمارس صلاحيات رئيس الجمهورية عندما يشغر موقع الرئاسة، وبذلك، نقفل ثغرة الخلاف حول إمكانية أن تتصرف حكومة تصريف الأعمال بصلاحيات رئيس الجمهورية، وهذا منطق عاقل ولا يهدف إلى تأجيل انتخاب الرئيس، وإنما يهدف احتياطياً إلى تلافي ثغرات قد نواجهها إذا شغر لسبب من الأسباب موقع الرئاسة، علماً أن النقاش حول صلاحيات حكومة تصرف الأعمال قد بدأ منذ الآن، وسيضج في البلد عندما يحصل الفراغ
الدستوري”. ورأى أن “البلد معرّض للاهتزاز طالما أن الحكومة لم تشكّل”.
وفي السياق الرئاسي أيضاً وعقب جلسة للمجلس الشرعي الإسلامي الأعلى برئاسة مفتي الجمهورية الشيخ عبداللطيف دريان في دار الفتوى، حذر المجلس من تجاوز الثوابت الدستورية الوطنية على النحو الذي حدث أكثر من مرة في الآونة الأخيرة، يجب مجابهته والتصدّي له بتضامن وطني شامل، حفاظاً على وحدة الدولة وعلى شرعة مؤسساتها وعلى رسالة لبنان في العيش المشترك، ومع اقتراب موعد انتخاب رئيس جديد للجمهورية، يعرب المجلس عن أمله في أن تساعد الدروس والعبر التي دفع اللبنانيون ثمنها غالياً، على انتخاب رئيس جديد يكون جديراً بحمل الأمانة الوطنية لإخراج لبنان من الهوّة التي وصل اليها نتيجة الفساد وسوء الإدارة”.كما حذّر من “محاولات وضع العصي في دواليب الحركة الإنتقالية الدستورية، عن طريق تعطيل انتخاب رئيس جديد للدولة، ووصف الحكومة الحالية بأنها غير ميثاقية وبالتالي غير مؤهلة لملء الفراغ الرئاسي إن حصل”.
التعليقات