نشرت في: آخر تحديث:
يواجه عدد كبير من الفرنسيين أزمة نقص الوقود في محطاتها بسبب إضراب نظمه عمال المصفاة التابعة لشركة “توتال” الفرنسية. وأمام التذمر الكبير، دعا الرئيس إيمانويل ماكرون المواطنين إلى “الهدوء” والتحلي بـ”المسؤولية” من أجل وضع حد للأزمة.
“لا للهلع”. هذا ما قاله إيمانويل ماكرون الجمعة حيال أزمة الوقود التي تطال محطات فرنسية عديدة بسبب إضراب عمال مصفاة شركة “توتال” النفطية داعيا الفرنسيين إلى التحلي بـ” الهدوء” إزاء هذه المشكلة التي ظهرت في بعض المناطق الفرنسية. كما دعا ماكرون أيضا عمال مصفاة شركة “توتال” بالتحلي بـ”المسؤولية” رغم “مطالبهم المشروعة المتعلقة برفع الأجور”.
وقال ماكرون خلال الندوة الصحافية الختامية لقمة براغ: “أتفهم القلق الذي ينتاب العديد من مواطنينا بخصوص نقص الوقود. أريد من هنا أن أبعث رسال أدعو فيها إلى الحفاظ على الهدوء والتحلي بالمسؤولية. كل المطالب المتعلقة بالأجور مشروعة لكن لا ينبغي أن تمنع الآخرين من العيش أو من التنقل”.
وتسبب الإضراب الذي بدأ منذ خمسة أيام بنقص حاد في الوقود في المحطات التابعة لشركة “توتال” النفطية. فعلى سبيل المثال، توقفت مصفاة مدينة لوهافر (شمال غرب فرنسا) والتي تعتبر من بين أكبر مصافي شركة “توتال” عن العمل إثر نداء إلى الإضراب دعت إليه نقابة “الكونفدرالية العامة للعمال” التي تطالب برفع أجور موظفي القطاع. مواقع أخرى في فرنسا وتابعة لنفس الشركة أوقفت عملها ودخلت في إضراب. الشيء ذاته بالنسبة للمصفاة التابعة للشركة الأمريكية “إكسون موبيل”.
“ننتظر أن تبذلوا جهودا أكثر”
من جهته، أكد كليمون بون، الوزير المنتدب للمواصلات أن “الحكومة في اتصال مع شركة توتال لترتيب وتسهيل الحوار بين المضربين ومسؤولي الشركة”. أما أوليفيا غرغوار، الوزيرة المنتدبة والمكلفة بالشركات الصغيرة والمتوسطة فأضافت في تصريح لقناة “فرانس أنفو” الفرنسية أننا (تقصد الحكومة) “ننتظر من الشركات أن تبذل جهودا باتجاه الموظفين، لا سيما تلك التي حققت أرباحا، كما ندعوها إلى الأخذ بعين الاعتبار مطالب العمال والتي تتعلق برفع مستوى الأجور”. لكن أوليفيا غرغوار لم تذكر اسم شركة “توتال” التي حققت 10.6 مليار دولار من الأرباح في السداسي الأول لعام 2022.
ثلث محطات الوقود مشلولة بسبب الإضراب
ولإنهاء الأزمة، قررت الحكومة بشكل استثنائي السماح للشاحنات التي تقل الوقود بالتنقل الجمعة من أجل “تزويد بعض المحطات بالوقود” حسب كليمون بون.
وفيما يتعلق بموظفي شركة “توتال” الفرنسية، فإضافة إلى الإضراب الذي شل مصفاة منطقة نورماندي (شمال غرب فرنسا)، فلقد توقف أيضا عمال مستودع الوقود المتواجد في منطقة “فلاندر” قرب مدينة دانكرك الشمالية عن العمل، وكذلك في المصفاة المتواجدة قرب مارسيليا بمنطقة “بوش دي رون” وفي مقاطعة “غران بويه” في منطقة (سان إي مارن). الأمر الذي حال دون خروج كميات كبيرة من الوقود من هذه المستودعات وفق “الكونفدرالية العامة للعمال”.
أما في مصفاة “فايزن” الواقعة في منطقة “رون” قرب مدينة ليون وسط فرنسا، فالتعبئة كانت أقل أهمية (ما بين 10 إلى 30 بالمائة من العمال المضربين) لكنها (التعبئة) تركزت على مستوى المصلحة الاستراتيجية التي تهتم بتصدير وإرسال الوقود إلى المحطات. فوفق بيدرو ألفانسو من الكونفدرالية العامة للعمال ما بين “80 إلى 100 بالمائة من الموظفين في هذه المصلحة توقفوا عن العمل”.
وغالبا ما تتسبب حركات الإضراب هذه في نقص كبير في الوقود على مستوى المحطات المخصصة لذلك. لكن شركة توتال ترى سببا آخر في ذلك، وهو النجاح الكبير الذي حققته سياسة تخفيض أسعار الوقود بـ20 سنتيم الذي اعتمدته الشركة منذ بداية شهر سبتمبر/أيلول الماضي بالتزامن مع قرار آخر اتخذته الحكومة والمتعلق بتخفيض سعر لتر الوقود بـ30 سنتيم. كل هذه المساعدات قد تكون ربما ساهمت في أزمة الوقود في اعتقاد شركة “توتال”.
وتدير شركة “توتال” حوالي ثلث محطات الوقود المتواجدة في فرنسا، فيما تعاني حوالي 15 بالمائة من المحطات من نقص في الوقود بمختلف أنواعه، وفق التقديرات.
من جهة أخرى، وبسبب التصرف السلبي لبعض السائقين وملاك السيارات والشاحنات، قررت الحكومة منع شراء الوقود في الأوعية البلاستيكية وحاويات السوائل، خاصة في منطقة “لي هوت دو فرانس” حيث شهدت محطات بيع الوقود إقبالا كبيرا وغير عادي للزبائن.
وفي خطوة لتهدئة الوضع وتخفيفه، قررت الحكومة استخدام ما يسمى بـ”المخزون الاستراتيجي” التابع للدولة في بعض المناطق التي تعاني أكثر من نقص مادة الوقود.
“صمت كامل من قبل شركة توتال النفطية”
وطالبت الكونفدرالية العامة للعمال الفرنسيين رفع مستوى الأجور بـ10 بالمائة خلال العام 2022 (7 بالمائة بسبب التضخم و3 بالمائة من أجل تقاسم الثروة). لكن إدارة شركة “توتال” ردت بأنها رفعت الرواتب بنسبة 3,5 بالمائة في 2022، مضيفة أن “لقاء آخر سيبرمج في 15 نوفمبر/تشرين الثاني المقبل سيكون مخصصا لمسألة الأجور في 2023”.
وانتقد النقابي بيدرو ألفانسو “السكوت التام” الذي أظهرته إدارة شركة “توتال” التي “ترفض العمل من أجل تحسين الأوضاع”، حسبه. وأنهى: “إذا تعلق الأمر بالصمود لغاية 15 نوفمبر/تشرين الثاني، فلا يوجد هناك مشكلة”، موضحا أن المضربين “سيعتمدون على صندوق تضماني تم إنشاؤه من أجل تعويض الخسائر المالية التي قد تواجه العمال بسبب عدم تقاضيهم الأجور لأنهم مضربون”.
فرانس24
التعليقات