هاجمت الصحافة الإسرائيلية الأديبة الفرنسية آني إرنو (82 عاما) بعد إعلان فوزها بجائزة نوبل للآداب أمس الخميس، ووصفت جيروزاليم بوست إرنو بكونها من “أشد المؤيدين لحركة مقاطعة إسرائيل وسحب الاستثمارات منها وفرض عقوبات عليها (BDS)”.
وقالت الصحيفة الإسرائيلية إن أديبة نوبل -المعروفة بميولها اليسارية- عارضت التعاون الثقافي بين فرنسا وإسرائيل عام 2018، ووقعت رسالة إلى جانب حوالي 80 فنانًا آخرين أعربوا فيها عن غضبهم لإقامة “الموسم الثقافي الإسرائيلي الفرنسي” من قبل الحكومتين.
وقالت الرسالة إن الموسم ساعد في “تبييض” صورة إسرائيل، وأضافت “أن الالتزام الأخلاقي يملي على أي شخص ذي ضمير أن يرفض تطبيع العلاقات مع إسرائيل”.
وأضافت الصحيفة أن إرنو وقّعت على رسالة تطالب بالإفراج عن المناضل اللبناني المعتقل في فرنسا منذ الثمانينيات جورج عبد الله، ووصفته بأنه شارك في تأسيس الفصائل الثورية المسلحة اللبنانية عام 1980، وحُكم عليه بالسجن المؤبد عام 1982 لاغتيال الملحق العسكري الأميركي المقدم تشارلز آر راي، والدبلوماسي الإسرائيلي يعقوب بار سيمانتوف.
وبحسب الصحيفة الإسرائيلية، فقد وصفت الرسالة التي وقعتها أديبة نوبل الملحق العسكري الأميركي والدبلوماسي الإسرائيلي بأنهما “عملاء نشطون للموساد ووكالة المخابرات المركزية”، بينما وصفت عبد الله بأنه “ملتزم تجاه الشعب الفلسطيني وضد الاستعمار”.
وفي عام 2021، وقعت إرنو على رسالة بعنوان “خطاب ضد الفصل العنصري”، شجبت فيه الحرب الإسرائيلية على غزة. وجاء في الرسالة “تأطير (الأحداث) على أنها حرب بين طرفين متساويين هو أمر خاطئ ومضلل. إسرائيل هي القوة المستعمرة. فلسطين مستعمَرة. هذا ليس صراعًا: هذا فصل عنصري”، بحسب جيروزاليم بوست.
وفي نسخته الصادرة باللغة الفرنسية، قال موقع مجلة “تايمز أوف إسرائيل” إن الكاتبة الفرنسية على مرّ السنين “عرفت بالتزامها تجاه اليسار المتطرف، ولا سيما من خلال نشاطها المناهض لإسرائيل”.
وقالت المجلة إنه بدعم من السياسي والبرلماني الفرنسي جون لوك ميلونشون زعيم حزب “فرنسا الأبية”، انضمت إرنو إلى “برلمان الاتحاد الشعبي” الذي حشد شخصيات من العالم النقابي والفكري خلف ترشح ميلونشون للانتخابات الرئاسية لعام 2022.
وذكرت المجلة الإسرائيلية أن الأديبة الفرنسية وقعت في 19 يونيو/حزيران 2017 مقالا نشر بصحيفة لوموند، لدعم الناشطة حورية بوتلجة الناطقة الرسمية باسم حركة “أهالي الجمهورية بفرنسا” (Indigènes de la République) التي تندد بالماضي الاستعماري وتناهض التمييز الذي يتعرض له أحفاد السكان المستعمرين وترفض العنصرية.
وفي عام 2019، وقعت الأديبة الفرنسية دعوة نشرت في مجلة ميديا بارت (Mediapart) الإلكترونية، لمقاطعة مسابقة الأغنية الأوروبية (Eurovision 2019) في تل أبيب، بحسب تايمز أوف إسرائيل.
وقال موقع “ينت نيوز” (ynetnews) الإسرائيلي إن الأديبة الفرنسية شاركت مع 100 فنان ومثقف من بلدان مختلفة في توقيع العريضة التي دعت لمقاطعة المسابقة، وورد فيها أنه “من 14 إلى 18 مايو/أيار، تعتزم قنوات التلفاز الفرنسية بث مسابقة الأغنية الأوروبية لعام 2019 التي ستقام في تل أبيب، في منطقة رمات أبيب المقامة على أنقاض قرية الشيخ مونس، وهي واحدة من مئات القرى الفلسطينية التي أفرغت من سكانها ودمرت عام 1948 عندما أقيمت دولة إسرائيل”.
وأضافت العريضة أن “هذه الرسالة تبدو جوفاء في محاولتها تشتيت انتباهنا عن انتهاكات حقوق الإنسان للفلسطينيين. التمييز والإقصاء راسخان بعمق في إسرائيل، حيث تم تبني قانون: إسرائيل دولة الشعب اليهودي.. في 19 يوليو/تموز 2018، الذي أعلن أن اليهود فقط هم من لهم الحق في تقرير المصير القومي، وبالتالي تم تكريس الفصل العنصري رسميًا في القانون”، بحسب الموقع الإسرائيلي.
French writer Annie Ernaux – awarded the 2022 #NobelPrize in Literature – was born in 1940 and grew up in the small town of Yvetot in Normandy, where her parents had a combined grocery store and café. Her path to authorship was long and arduous. pic.twitter.com/OZAfyPJZ9Z
— The Nobel Prize (@NobelPrize) October 6, 2022
السعي للعدالة
وفي مقابلة على التلفزيون السويدي بعد الإعلان عن فوزها بنوبل مباشرة، وصفت إرنو الفوز بأنه “شرف عظيم جدا”، وفي الوقت نفسه “مسؤولية كبيرة” أُعطيت لها من أجل مواصلة الشهادة على “شكل من أشكال الإنصاف والعدالة في ما يتعلق بالعالم”.
وتعرف الأديبة الفرنسية بأسلوبها السهل والواقعي الخالي من أي مبالغات إنشائية، وقد ابتعدت عن الرواية لتعمل على أسلوب جديد لقصص النسب وابتكار “السيرة الذاتية الموضوعية”.
وتعرّف أستاذة الأدب في جامعة سيرجي بونتواز عن نفسها بالقول إنها “مجرّد امرأة تكتب”، ومن خلال أعمالها المستوحاة بصورة أساسية من حياتها، كوّنت صورة دقيقة لمشاعر المرأة التي تطورت مع اضطرابات المجتمع الفرنسي منذ فترة ما بعد الحرب العالمية الثانية.
ولإرنو أكثر من 20 كتابا، وكثير منها نصوص مدرسية في فرنسا لعقود من الزمن. وفي شرح اختيارها للجائزة، قالت الأكاديمية إنّ إرنو “تدرس باستمرار ومن زوايا مختلفة حياة تتميز بتباينات قوية فيما يتعلق بالجنس واللغة والطبقة”.
وباتت إرنو المرأة الـ17 التي تحصل على الجائزة المرموقة، من أصل ما مجموعه 119 فائزا بفئة الآداب منذ منح جائزة نوبل الأولى عام 1901. كذلك أصبحت الفائز الفرنسي الـ16 في تاريح نوبل، بعد 8 سنوات من حصول باتريك موديانو عليها.
وأضحت إرنو أيضا أول امرأة فرنسية تنال جائزة نوبل للآداب، بعدما كان جميع مواطنيها الذين سبقوها إلى تحقيق ذلك من الرجال، ومنهم أناتول فرانس وألبير كامو وجان بول سارتر الذي امتنع عن تسلّمها.
التعليقات