بعد إعلان وزارة الصحة العامة تسجيل أوّل إصابة كواليرا في لبنان وتحديدًا في محافظة عكار، أكد وزير الصحة في حكومة تصريف الأعمال د. فراس الأبيض أنّ “حالات الكوليرا التي تم تشخيصها لا تزال محدودة”، متوقّعًا “تسجيل ارتفاع بالحالات بسبب التفشّي في سوريا”.
وأشار أبيض في مؤتمر صحافي خصص لمتابعة الملف، إلى أنّ “الأدوية متوافرة واللقاح مرتبط بوضع الحالات في البلد، وتم التنسيق مع منظمة الصحة العالمية”، وطلب من المواطنين التواصل على الخط الساخن 1787 لأيّ تساؤل أو شكّ بأي حالة “كوليرا” أو عند تسجيل عوارضها”.
وقال: “نتعاون مع النقابات، خصوصًا الأطباء والممرضين، من أجل إجراء دورات تدريبية للعاملين الصحيين للوصول إلى الجهوزية الكاملة في حال ارتفاع أعداد حالات الكوليرا”.
وكانت الوزارة قد أعلنت يوم أمس عن “تسجيل أول إصابة بـ”الكوليرا” يوم الأربعاء الماضي في لبنان في محافظة عكار”، مشيرة في بيان لها إلى أن “حالة المريض مستقرة وهو يتلقى العلاج في المستشفى”، ولفتت الى أن “هذه هي الحالة الأولى في لبنان منذ 1993 تاريخ آخر تفشٍّ للكوليرا”.
ويواجه لبنان اليوم خطر تفشّي “الكوليرا” بعد تسجيل عشرات الحالات في سوريا، ما يزيد عبئًا إضافيًّا على القطاع الصحّي، بعد عامَين من تفشّي فيروس “كورونا” في الوقت التي يعاني البلد تبعات الأزمة الاقتصادية الخانقة.
راضي: المشهد ليس سوداويًّا كما يظنّ البعض
وفي سياق متصل، أشارت مسؤولة البرامج في منظمة الصحة العالمية في لبنان د. أليسار راضي إلى أنّ “المنظمة كانت تُراقب الوضع مع وزارة الصحة بدقّة، وكان متوقّعًا تسجيل إصابات بـ”الكوليرا”، لأنّ هذا المرض يتفشّى بسرعة في المياه والبراز”.
وأوضحت راضي في حديثٍ تلفزيوني أنّ “لبنان يُعاني من مشكلة في المياه وفي التخلّص من البراز، وتزداد الخطورة في مناطق معيّنة، حيث يكثر الأهالي من زيارة سوريا واستقبال عائدين منها”، لافتةً إلى أنّ “الكوليرا متفشّية في كلّ المقاطعات هناك، والانتشار في لبنان متوقّع”.
وكشفت راضي أنّ “هناك حالتَي إصابة بالمرض إحداهما لشخص من التابعيّة السوريّة والأخرى تعود للممرّضة التي اهتمّت به في المستشفى”، متوقّعةً أن “نشهد في الأيام المقبلة تسجيل المزيد من الحالات”.
وطمأنت أن “المشهد ليس سوداويًّا كما يظنّ البعض، والأمر الإيجابي هو توفّر جهوزيّة لا بأس بها في وزارة الصحة، كما أنّ الأدوية متوفّرة والأمصال اللازمة أيضًا، وتمّ تعيين 8 مستشفيات تُعتمد كمرجعيّة”، مضيفة: “نحن كأمم متّحدة وكمنظّمة صحّة تحديدًا، والجمعيّات الأهليّة نسعى جاهدين لتجهيز هذه المستشفيات بأسرع وقتٍ ممكن”.
وردا على سؤال حول كيفية مواجهة هذا الوضع، أجابت راضي أنّ “هناك مسؤوليّة شخصيّة توجب على كلّ فرد الانتباه جيّدًا وعدم تناول الطّعام في محالٍ غير موثوق بها، مع التّشديد على أهمّية غسل اليدين والحفاظ على النّظافة الشخصيّة، والتأكّد من نظافة المياه المُستخدَمة”.
ولفتت إلى أن المسؤولية تقع على الدولة أيضاً، إذ يتوجّب عليها مُراقبة وضبط شبكة توزيع المياه على كافة الأراضي اللبنانيّة، ووضع جهدٍ إضافيّ أقلّه في هذه الفترة لاحتواء الوباء بسرعة”.
وتابعت راضي أن “هناك مشاكل كبرى في موضوع المياه في لبنان، خصوصًا وأنّه مرتبط بالكهرباء”، لافتة إلى “ضرورة وجود مراكز تجميع للمجاري الصحية، فلا يجب أن تكون متفلّتة في الطبيعة والبحر والأنهر… كلّها تحمل جرثومة الكوليرا وتنقلها إلى المنازل!”.
كما أكدت راضي “أنّنا كأمم متحدة وكمنظّمة صحّة عالميّة، جاهزون لدعم الدولة اللبنانيّة، وهذا الدّعم بدأ منذ فترة”، مشيرة إلى أنّ “لدى لبنان كلّ المقوّمات إذا حصل تنسيقٌ جيّد بين الجهات المعنيّة لاحتواء وباء “الكوليرا” ومنع تفشّيه بشكلٍ كبير، كما يحصل في سوريا ودول أخرى مثل العراق وباكستان، مع الإشارة إلى أنّ السّبب الأساس لانتشار “الكوليرا” في هذه البلدان هو القدرة المحدودة على التنسيق المستدام”.
ما هو “الكوليرا”؟
الكوليرا مرض شديد الفوعة إلى أقصى حد ويمكن أن يتسبب في الإصابة بإسهال مائي حاد، ويصيب الأطفال والبالغين على حد سواء ويمكن أن يودي بحياتهم في غضون ساعات إن لم يعالج، وفقا لـ”منظمة الصحة العالمية”.
الوقاية من “الكوليرا”
وللوقاية من “الكوليرا”، أوصت وزارة الصحة بما يلي:
– عدم شرب أو استعمال مياه غير مأمونة
– شرب المياه من قوارير مياه معبأة مقفلة مضمونة المصدر
– عدم الشرب والأكل من الأواني نفسها مع الآخرين
– غسل اليدين بالماء والصابون على نحو منتظم قبل تحضير الأطعمة أو تناولها، وبعد استعمال المرحاض
– الحفاظ على النظافة الشخصية ونظافة الأغذية
– طهو الطعام بشكل جيد جداً وتناوله مباشرة بعد طهوه
– مراجعة الطبيب فوراً في حال ظهور اسهال مائي غزير
ووضعت الوزارة رقم الخط الساخن 1787 في تصرف المواطنين للاستفسار والحصول على المعلومات.
كيف ينتقل الكوليرا؟
“الكوليرا” ناتج عن جرثومة تنتقل عبر مياه الشرب أو تناول مواد غذائية ملوثة، أو من شخص الى آخر عبر الأيدي الملوثة.
تمتد فترة حضانة المرض من يومين الى 5 أيام، وتشمل العوارض إسهالا مائيا غزيرا مسببًا مضاعفات قد تؤدي الى الوفاة في حال عدم المعالجة.
ما الذي يسبب مرض “الكوليرا”؟
وفقا لمركز “مايو كلينيك” الطبي تنتج عدوى الكوليرا بسبب أحد أنواع البكتيريا، يسمى ضمة الكوليرا (Asiatic cholera)، والآثار المميتة للمرض هي نتيجة لسم تفرزه البكتيريا في الأمعاء الدقيقة، يتسبب في إفراز الجسم كميات هائلة من الماء، ما يؤدي إلى الإسهال وفقدان سريع للسوائل والأملاح (الكهارل).
ويقول المركز إن “بكتيريا “الكوليرا” قد لا تسبب المرض لدى جميع الأشخاص الذين يتعرضون لها، لكنها لا تزال تمرر البكتيريا في البراز، ويمكن أن تلوث الطعام وإمدادات المياه”.
من جهتها، قالت منظمة الصحة العالمية إن “هناك الكثير من المجموعات المصلية لضمات الكوليرا، على أن مجموعتين مصليتين منها حصرا، وهما “أو 1″ (O1) و”أو 139” (O139)، تسببان اندلاع الفاشيات”، مضيفة أن “ضمات الكوليرا (O1) قد تسببت في اندلاع كل الفاشيات الأخيرة، في حين تسببت ضمات الكوليرا (O139) -التي حددت لأول مرة في بنغلاديش في عام 1992- في اندلاع فاشيات بالماضي، ولكنها لم تتسبب بالآونة الأخيرة سوى في الإصابة بحالات مرضية متفرقة. ولم يكشف عن وجودها قط خارج آسيا”.
ما هي أعراض “الكوليرا”؟
تستغرق أعراضه فترة تتراوح بين 12 ساعة و5 أيام لكي تظهر على الشخص عقب تناوله أطعمة ملوثة أو شربه مياها ملوثة، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
ولا تظهر أعراض الإصابة بعدوى ضمات بكتيريا الكوليرا على معظم المصابين بها، على الرغم من وجود البكتيريا في برازهم لمدة تتراوح بين يوم واحد و10 أيام عقب الإصابة بعدواها، وبهذا تطلق عائدة إلى البيئة ويمكن أن تصيب بعدواها أشخاصا آخرين.
ومعظم من يصابون بعدوى المرض يبدون أعراضا خفيفة أو معتدلة، بينما تصاب أقلية منهم بإسهال مائي حاد مصحوب بجفاف شديد، ويمكن أن يسبب ذلك الوفاة إذا ترك من دون علاج.
وتشمل أعراض “الكوليرا” وفقا لموقع أدلة MSD الإرشادية في حال ظهورها:
– قيئا وإسهالا مائيا مفاجئا وغير مؤلم.
– عدم وجود حمى عادة لدى الأشخاص الذين يعانون من المرض.
– شدة في الإسهال والقيء تتراوح بين الخفيف والشديد.
– برازا رماديا ويحتوي على أشرطة من المخاط ويوصف ببراز ماء الأرز.
وفي غضون ساعات، قد تصبح حالة الجفاف شديدة، مما يتسبب في:
– العطش الشديد.
– تشنج العضلات.
– الضعف.
– تبول المريض كميات قليلة جدا.
– تغور العينان.
– تجعد جلد الأصابع بشكل شديد.
في حال عدم علاج الجفاف الناجم عن “الكوليرا” فقد يؤدي فقدان الماء والأملاح إلى:
– الفشل الكلوي.
– الصدمة.
– الغيبوبة.
– الموت.
أما المرضى الذين يتمكنون من البقاء على قيد الحياة، فتهدأ أعراض “الكوليرا” لديهم في غضون 3-6 أيام، وفقا لموقع أدلة MSD الإرشادية.
ويقول موقع أدلة “MSD ” الإرشادية إن معظم المرضى يتعافون من العدوى في غضون أسبوعين، وتبقى البكتيريا موجودة لدى عدد قليل من المرضى إلى أجل غير مسمى دون أن تسبب أي أعراض، ويسمى هؤلاء الأشخاص بحاملي العدوى.
علاج “الكوليرا”
الكوليرا مرض سهل علاجه، ويمكن أن ينجح علاج معظم المصابين به إذا تم الإسراع في إعطائهم محاليل الإمهاء الفموي (تعويض السوائل بطريق الفم)، وفقا لمنظمة الصحة العالمية.
أما المرضى الذين يعانون من جفاف شديد فهم معرضون لخطر الإصابة بالصدمة ويلزم الإسراع في حقنهم بالسوائل عن طريق الوريد. كما يعطى هؤلاء المرضى المضادات الحيوية المناسبة لتقليل مدة الإسهال، والحد من الكمية المأخوذة من سوائل الإماهة اللازمة، وتقصير مدة إفراز ضمات الكوليرا في البراز وفترة بقائها.
ولا يوصى بإعطاء المضادات الحيوية بكميات كبيرة إذ ليس لها تأثير مثبت على مكافحة انتشار “الكوليرا”، وقد تسهم في زيادة مقاومتها لمضادات الميكروبات.
لبنانوزارة الصحة اللبنانيةفراس الأبيضكوليرا
التعليقات