كشفت صحيفة “الغارديان” البريطانية أن آلاف العمال المهاجرين، الذين ساهموا في بناء ملاعب كأس العالم في قطر “أجبروا الآن على المغادرة”.
وقالت الصحيفة البريطانية إن بعضهم أخطر بضرورة المغادرة حتى قبل انتهاء عقد عمله، بينما لم يتقاض آخرون رواتبهم الأخيرة أو علاواتهم كاملة، وفق تعبيرها.
ويبدو أن قرار الدوحة إعادة العمال المهاجرين إلى بلدانهم قبل بداية المونديال، مرتبط بتعميم حكومي، نُشر العام الماضي، تقول ذات الصحيفة، والذي أمر بعض المقاولين بإكمال جميع الأعمال بحلول منتصف سبتمبر ضمن خطة “للحد من عدد العمال في البلاد” في الفترة التي تسبق فعاليات كأس العالم.
وأجرت صحيفة الغارديان، مقابلات مع 25 عاملا قال معظمهم إنهم كانوا يتوقعون البقاء في قطر لمدة عامين، لكن تقرر إعادتهم إلى بلادهم مبكرا.
“والآن عاد العديد ممن تمت مقابلتهم إلى بلدانهم” وفق التقرير الذي نشرته الصحيفة، الخميس.
“لا نريد العودة”
قال بعض العمال الذين تحدثوا إلى الغارديان إنهم لم يعملوا لفترة كافية لسداد المبالغ الضخمة، التي تعادل رواتب أربعة أو خمسة أشهر في قطر، والتي اقترضوها لدفع مستحقات وكلاء التوظيف في بلدانهم الأصلية لتأمين وظائفهم في قطر.
وقال عامل نيبالي في الصدد: “لا نريد العودة، نحن فقراء.. نحن بحاجة إلى العمل”.
الرجل قال إنه أُجبر على دفع ألف دولار كرسوم توظيف لتأمين الوظيفة.
وتابع “لم أسدد الرسوم بعد، سأكون خاسرا إذا تمت إعادتي”.
ويعيش عمال آخرون في حالة ارتباك، فبينما تقرر إعادتهم إلى بلدانهم، قيل لهم إنه قد يتم استدعاؤهم بعد كأس العالم.
ويواجه أغلب هؤلاء واقعا مريرا، حيث لم يتقاضوا رواتب لما يصل إلى ستة أشهر أثناء انتظارهم لمعرفة ما إذا كانوا سيتمكنون من العودة.
وقال جميع العمال الذين تمت مقابلتهم إنه لم يكن أمامهم خيار سوى المغادرة.
وقال أحد العمال إنه تم بالفعل إرسال العديد من زملائه إلى بلدانهم “والبعض الآخر على القائمة”، قبل أن يضيف: “إذا كان اسمك في القائمة، فعليك أن تذهب”.
وقال أنصار علي، وهو عامل من الهند إنه إنه دفع لوكيل توظيف هناك أكثر من ألف دولار لتأمين وظيفته، وكشف أنه اقترض المال بسعر فائدة قدره 10٪، لتحمل الرسوم، حيث كان يظن أنه بإمكانه السداد على مدار عامين من العمل.
ولكن بعد 10 أشهر فقط من وصوله إلى قطر، قال: “لا أعرف متى سيتم إرسالي، لكنني أعلم أنني سأضطر للذهاب.. لقد تم بالفعل إخطار اثنين أو ثلاثة من أصدقائي”.
ثم تابع :”كيف سأعيش عندما أعود؟ كيف سأقوم بتسديد ديوني؟ “.
يبدو أن معظم العمال المتضررين قد تم تعيينهم بموجب “تأشيرات” قصيرة الأجل، حيث قيل لهم إنهم سيعملون لمدة عامين على الأقل.
وتعد الخطابات التي تتضمن عقود التوظيف بإجازة سنوية وتذكرة سفر ذهابًا وإيابًا بعد عامين، وتتطلب فترة إشعار مدتها شهرين بعد عامين أو أكثر من الخدمة.
وألقى بعض العمال باللوم على مكاتب الاستقدام في بلدانهم الأصلية لوعدهم زوراً بعقد لمدة عامين.
وقال آخرون إن المسؤولية تقع على عاتق المقاول، حيث قال أحدهم: “هذا خطأ الشركة لأنهم عقدوا الاتفاقية مع الوكيل”.
وكشفت دراسة أجراها موقع Mig-rights.org، التابع للمنظمة “ميغ رايتس” التي تدافع عن حقوق العمال المهاجرين في الخليج، عن حالات مماثلة بين العمال الذين أعيدوا مؤخرا إلى نيبال من قبل عدد من أكبر شركات البناء في قطر.
وقال بعض العمال للمنظمة إنهم لم يتلقوا رواتبهم الكاملة أو أجر العمل الإضافي أو استحقاقات نهاية الخدمة.
وقال آخرون إنهم أعيدوا إلى بلادهم قبل انتهاء عقودهم.
“من يهتم بنا؟”
وقال عامل اشتغل في قطر لمدة 12 عاما، بما في ذلك عدد من ملاعب كأس العالم: “كم سيكون من الرائع أن يشاهد العمال المباريات في الملاعب التي بنيناها بأنفسنا، لكن من يهتم بنا؟”
وقالت ماي رومانوس، عن منظمة العفو الدولية: “من الأهمية بمكان بالنسبة للحكومة القطرية أن تضع حقوق العمال في مقدمة أي قرارات وأن تضمن ألا يواجه الأشخاص الذين جعلوا حلم قطر استضافة كأس العالم حقيقة”.
وقال مسؤول قطري في بيان نقلته الصحيفة إنه لا توجد مطالبة حكومية للشركات بإعادة موظفيها أو تقليص قوتها العاملة قبل كأس العالم.
وقال: “يجب أن تكون إجراءات تقليص القوى العاملة في الشركات بما يتوافق مع القانون ويجب ألا يؤثر ذلك سلبا على الموظفين”.
كما ذكر أن قانون العمل يسمح لأصحاب العمل والموظفين بإنهاء العقد قبل نهاية مدته، طالما التزموا بفترة الإشعار القانونية.
وأضاف أن العمال الأجانب لهم الحق في تغيير وظائفهم إذا تم إنهاء عقدهم ولفت لوجود إجراءات قانونية إذا لم يتقاض الموظف أجره أو علاواته عند إنهاء عقده.
وأضاف ذات المسؤول: “إن دولة قطر ملتزمة بنظام عمل عادل وفعال، ونحن نقدر الدور الذي لا غنى عنه للعمال الأجانب في اقتصادنا”.