حوار: حمد الكعبي
كشف معالي علي خان إسماعیلوف، رئيس وزراء كازاخستان، عن أن بلاده تعمل لتنفيذ مشاريع تجارية واقتصادية واستثمارية وثقافية وإنسانية وتكنولوجية مع الإمارات، مؤكداً أن علاقات البلدين وصلت إلى مستوى حقيقي من الثقة والود والأخوة، يعكسها الاحترام المتبادل وفهم الأولويات والمصالح، ما من شأنه فتح آفاق أرحب للشراكة الاستراتيجية. ووصف دولة الإمارات بأنها أحد الشركاء التجاريين والاقتصاديين الرئيسين لكازاخستان في منطقة الشرق الأوسط، كاشفاً عن أن حجم الاستثمارات المتدفقة من الإمارات بلغ 2.7 مليار دولار، في حين بلغت الاستثمارات الكازاخستانیة في الإمارات أكثر من مليار دولار، فيما تجاوز حجم التبادل التجاري بين البلدين سنوياً نصف مليار دولار، موضحاً أن حجم التجارة بين البلدين بلغ 709 ملايين دولار في العام 2021 بزيادة ملموسة بلغت نحو 50% مقارنة بعام 2020.
وكشف إسماعیلوف عن أن الفترة الحالية تشهد التخطيط لمشاريع جديدة مع مستثمرين إماراتيين في قطاعات الزراعة والبتروكیماویات والصناعات الكيماوية والعقارات والتنمية والطاقة المتجددة والتعليم والرعاية الصحية، لافتاً إلى أن هذه القطاعات ستكون الأساس للتعاون الاقتصادي المستقبلي مع الإمارات. واستذكر رئيس الوزراء الكازاخستاني مشهد انطلاق أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية من قاعدة «بایكونور الفضائیة»، وقال: «إن البرنامج الطموح والاستثمارات الحكومية الإماراتية الضخمة في تطوير القطاع، توفر آفاقاً مؤكدة لتعاون أكبر بين البلدين في مجال استكشاف الفضاء والخدمات التكنولوجية المرتبطة بها، خاصة أن بلاده تعد ضمن 30 دولة بالعالم لديها تقنيات فضائية، ومن بين 10 دول لديها تقنيات عالية الدقة في القطاع».
وأشاد بالتجربة الإماراتية المتفردة في انتهاج سياسة التسامح والتعايش واحترام الآخر، منوهاً إلى زيارة قداسة البابا فرنسيس إلى أبوظبي في فبراير 2019، والتي أسفرت عن اعتماد «وثيقة الأخوة الإنسانية» من أجل السلام العالمي والعيش المشترك، معتبراً الوثيقة بداية لمرحلة جديدة في تاريخ العلاقات بين العالمين المسيحي والإسلامي، مضيفاً: «نحن نعيش في عصر العولمة واختلاط الأديان والثقافات، والتعايش السلمي هو الطريق الوحيد الحقيقي للبشرية جمعاء». في السياق ذاته، قال إن كازاخستان تعد نموذجاً فريداً للتناغم بين الأعراق والأديان، صمد أمام اختبار الزمن وأظهر استدامته واستقراره، منوهاً إلى أن مؤتمر زعماء الأديان الذي استضافته بلاده مؤخراً يقدم مساهمة مهمة في ضمان الحوار بين الحضارات وتعزيز السلام والتعاون بين الدول. وكشف عن أن حكومة كازاخستان تولي اهتماماً خاصاً للاستثمارات الأجنبية خلال السنوات الخمس القادمة، كاشفاً عن أكثر من 750 مشروعاً بقيمة 46 مليار دولار، بينها 13 مشروعاً، بمشاركة رأسمال إماراتي بقيمة إجمالية تبلغ نحو 1.2 مليار دولار.
شهد مستوى العلاقات الثنائیة بین دولة الإمارات العربیة المتحدة وجمهوریة كازاخستان تطوراً كبیراً ولافتاً خلال السنوات الماضیة، الأمر الذي تعكسه الشراكة الاستراتیجیة، والتقارب إلى حد التوافق في العدید من القضايا ذات الاهتمام المشترك.. هل لكم أن تحدثونا عن هذه العلاقات؟.
العلاقات الثنائیة بین جمهوریة كازاخستان ودولة الإمارات العربیة المتحدة التي تطورت تدریجیاً على مدار الثلاثین عاماً الماضیة بلغت بفضل الإرادة السیاسیة والاحترام المتبادل بين قیادتي البلدین مستوى حقیقياً من الثقة والود والأخوة من الحوار السیاسي. من الواضح أن كثافة الزیارات والمفاوضات الجاریة على أعلى المستویات تؤدي بطبیعة الحال إلى نتائج حقیقیة في مجال التعاون السیاسي والاقتصادي. تواصل حكومتا البلدین الیوم بدرجة عالیة من التفاعل، التعاون في القطاعات والمجالات التجاریة والاقتصادیة والاستثماریة والثقافیة والإنسانیة والتكنولوجیة وغیرها، وتطور الإمكانات من أجل تعزیز وتوسیع العلاقات متبادلة المنفعة. نرى فرصاً جیدة متبادلة المنفعة في مختلف قطاعات الاقتصاد، ونعتزم تحفیز دوائر الأعمال في البلدین على تنفیذ مشاریع مشتركة. بشكل عام، فإن الوضع الحالي، والآفاق الحقیقیة للعلاقات السیاسیة والاقتصادیة بین بلدینا، تفتح أمامنا الإمكانیة للحدیث عن تحقیق مستوى من الشراكة الاستراتیجیة. تؤكد حكومة كازاخستان دعمها لجمیع مبادرات حكومة دولة الإمارات والمشاریع الكبرى مع الشركات الإماراتیة العامة والخاصة.
تعتبر الإمارات الشریك الاستراتیجي والتجاري والاقتصادي الأول لكازاخستان في المنطقة العربیة، فیما تعد كازاخستان المركز الرئیس للاستثمارات الإماراتیة في آسیا الوسطى.. والسؤال: كیف ترون ملامح هذه الشراكة خلال الفترة المقبلة، وماذا عن أبرز القطاعات المرشحة لتعاون أوسع؟.
في الواقع تعد الإمارات أحد الشركاء التجاریین والاقتصادیین الرئیسین لكازاخستان في منطقة الشرق الأوسط. بدورها، محرك العلاقات الكازاخستانیة الإماراتیة هو الشراكة التجاریة والاقتصادیة والاستثماریة القائمة على الاحترام المتبادل وفهم أولویات ومصالح البلدین. على مدى سنوات العلاقات الدبلوماسیة بین البلدین، تجاوز حجم الاستثمارات من الإمارات إلى اقتصاد كازاخستان 2.7 ملیار دولار أميركي. في حین بلغت الاستثمارات من كازاخستان إلى الإمارات أكثر من ملیار دولار أميركي. حجم التبادل التجاري بین بلدینا یتجاوز سنویاً نصف ملیار دولار أميركي. في عام 2021 بلغت التجارة بین بلدینا 709 ملایین دولار، وهذا أمر غیر مسبوق، بزیادة ملموسة بلغت حوالي 50% مقارنة بعام 2020. في الوقت الحاضر، یتطور تعاوننا على المسار التجاري والاقتصادي بشكل دینامیكي وتدریجي. في هذا السیاق، أود أن أشیر إلى العلاقات التجاریة المتنامیة مع المستثمرین من دولة الإمارات العربیة المتحدة المهتمین بنشاط في الزراعة والبتروكیماویات والصناعات الكیماویة والعقارات والتنمیة والطاقة المتجددة والتعلیم والرعایة الصحیة في كازاخستان. في الوقت الحاضر، یتم بالفعل تنفیذ بعض الأفكار في الصناعات المذكورة، ویتم التخطیط لمشاریع جدیدة. إن مجالات الاقتصاد المذكورة أعلاه ستكون بمثابة أساس للتعاون المستقبلي، وهي بالنسبة لنا أولویة.
لا یغادر الذاكرة الإماراتیة مشهد انطلاق أول رائد فضاء إماراتي إلى محطة الفضاء الدولية من قاعدة «بایكونور الفضائیة» الكازاخستانیة.. فماذا عن التعاون الثنائي في مجال الفضاء خلال المرحلة المقبلة، خاصة مع النمو المتسارع الذي یشهده القطاع في الإمارات؟.
نحن في كازاخستان نتذكر جیداً ونفخر بحقیقة أن الرحلة التاریخیة لأول رائد فضاء إماراتي هزاع المنصوري في سبتمبر 2019 كانت من قاعدة بایكونور الفضائیة. نلاحظ ونبتهج بالمشاریع الناجحة لدولة الإمارات العربیة المتحدة في قطاع الفضاء. یتضمن ذلك رحلة وإطلاق مسبار الأمل الفضائي إلى كوكب المریخ، وتصمیم المركبة القمریة راشد «من المقرر الإطلاق في عام 2024»، وكثیراً من الأقمار الصناعیة الأرضیة التجاریة، وبرنامجاً طموحاً واستثمارات حكومیة ضخمة في تطویر الصناعة. في المقابل تعد بلادنا من بین 30 دولة لدیها تقنیات فضائیة، ومن بین 10 دول لدیها تقنیات عالیة الدقة. برنامج الفضاء لكازاخستان وقاعدة بایكونور وتجربة العمل المشترك مع الدول الأخرى في المشاریع الدولیة، كل هذا یوفر لنا آفاقاً محتملة كافیة للتعاون مع الإمارات العربیة المتحدة في مجال استكشاف الفضاء والخدمات التكنولوجیة المرتبطة بها.
كما تعلمون، فإن للإمارات تجربة متفردة في انتهاج سیاسة التسامح والتعایش، ولها جهود لافتة على المستویین الإقلیمي والعالمي في هذا الصدد، حیث خرجت من أبوظبي «وثیقة الأخوة الإنسانیة» التي تؤسس لعالم متسامح بلا حروب أو نزاعات. والسؤال: كیف ترون هذه التجربة..؟ خاصة أن كازاخستان استضافت مؤخراً الدورة السابعة لمؤتمر زعماء الأدیان العالمیة والتقلیدیة؟.
خلال سنوات الاستقلال، أنشأت كازاخستان نموذجاً فریداً للتناغم بین الأعراق والأدیان، صمد أمام اختبار الزمن وأظهر استدامته واستقراره ووعده. إن قیام بلدنا في العقود الأخیرة ببدء عدد من الأحداث الدولیة الكبرى بشأن الانسجام بین الأدیان، أمر طبیعي تماماً. لقرون عدیدة استوعب شعب كازاخستان الموحد، المثرى بالتراث الروحي لمختلف الجماعات العرقیة والدیانات، صفات مثل التسامح الدیني والتعایش. هذا هو السبب في أن مؤتمر زعماء الأدیان العالمیة والتقلیدیة یقدم مساهمة مهمة في ضمان الحوار بین الحضارات، وتعزیز السلام والتعاون بین الدول، ویساعد على التأكد من وجود فهم لطرق التغلب على المشاكل العالمیة. إنه لمن دواعي السرور أن دولة الإمارات العربیة المتحدة قد أولت خلال السنوات الماضیة أهمیة كبیرة لتعزیز قیم التعایش والتسامح واحترام الآخرین. نشید بزیارة قداسة البابا فرنسیس إلى أبوظبي في فبرایر 2019، والتي أسفرت عن اعتماد «وثیقة الأخوة الإنسانیة» من أجل السلام العالمي والعیش المشترك. یمكن
اعتبار توقیع هذه الوثیقة بدایة لمرحلة جدیدة في تاریخ العلاقات بین العالمین المسیحي والإسلامي. نحن نعیش في عصر العولمة واختلاط الأدیان والثقافات، والتعایش السلمي هو الطریق الوحید الحقیقي للبشریة جمعاء.
النهوض بالاقتصاد
مرّ العالم بأزمات كثیرة في الفترة الماضیة، أبرزها جائحة كورونا التي ألقت بظلالها على اقتصادات العدید من الدول.. فهل لكم أن تحدثونا عن أبرز ملامح خطط النهوض بالاقتصاد الكازاخستاني؟
استقر الوضع مع فیروس كورونا في كازاخستان. متوسط الزیادة الیومیة حوالي 300 حالة إصابة بالمرض. لقد حرصنا على توفیر اللقاحات بنسبة 100%، والعمل مستمر على التطعیم وإعادة التطعیم للسكان. نحن ندرك أنه لا یمكن استبعاد مخاطر تكرار موجة جدیدة من فیروس كورونا، ولذلك سیتعین علینا اتخاذ بعض الإجراءات التقییدیة في هذه الحالة. لأن صحة الشعب لها أهمیة قصوى. لكن في الوقت نفسه یجب علینا أیضاً التفكیر في اقتصادنا حتى تكون إجراءاتنا متوازنة. الآن العمل یجري دون أي قیود. لا یتم اتخاذ تدابیر مفرطة فیما یتعلق بالأعمال التجاریة. في الوقت نفسه تقوم الحكومة بعمل شامل لإعادة الاقتصاد الوطني على المدیین القصیر والطویل. الأولویات الرئیسة هي مكافحة التضخم، وقضایا استقرار نمو الأسعار، وتحسین رفاهیة المواطنین، وتعزیز السیاسة النقدیة والمالیة، وتطویر الطاقة وأمن الطاقة، وقضایا صناعة الطرق. نحن نتخذ إجراءات منهجیة سریعة، ونعمل على إشباع السوق بالسلع المحلیة. یتم اتخاذ عدد من التدابیر بشأن تشكیل صنادیق الاستقرار والتدخل في أسواق معینة للمنتجات الغذائیة المهمة اجتماعیاً، والمشتریات الآجلة، ومراقبة الأسعار، وآلیات الاستجابة لمكافحة الاحتكار. نولي اهتماماً خاصاً للاستثمارات الأجنبیة. لدینا مشروعات في مجال الاستثمار نخطط لتنفیذها خلال السنوات الخمس القادمة، یوجد أكثر من 750 مشروعاً بقیمة 22 تریلیون تنغي (46 ملیار دولار أميركي). على وجه الخصوص، تم إدخال 13 مشروعاً بمشاركة رأس المال الإماراتي بقیمة إجمالیة تبلغ حوالي 1.2 ملیار دولار أميركي في كازاخستان، وهناك 7 مشاریع أخرى بقیمة حوالي 3 ملیارات دولار في مرحلة التنفیذ النشطة. أود أن أقول إنه استناداً إلى نتائج سیاسة الاقتصاد الكلي خلال العام الماضي، فقد ضمنت لاقتصاد كازاخستان أن یدخل مساراً دینامیكیاً للنمو المستدام. وبلغت الزیادة 4% في نهایة العام 2021. وبلغ معدل النمو الاقتصادي 3.1% خلال الأشهر الثمانیة الماضیة.
التعليقات