أكد مصدر سياسي رفيع لـ«الجمهورية»، أن حكومة كاملة الصالحيات ستبصر النور قريبا، لا مجال فيها للفذلكة وإنما ستنقضي بتعديلات بسيطة على الحكومة الحالية تقتصر على 4 حقائب على قاعدة 6 و6 مكرر، اذ سيطاول التعديل الطوائف الأربعة: المسيحية السنية الشيعية والدرزية. وتمثل امام مجلس النواب ويمنحها الثقة قبل نهاية ولاية رئيس الجمهورية ميشال عون في 31 تشرين الأول المقبل.
الى ذلك توقعت مصادر مطلعة بنسبة كبيرة جدا تشكيل الحكومة بعد عودة ميقاتي من الخارج، بعدما استهلك المولجون بتشكيلها هامش المناورات التفاوضية.
وقالت هذه المصادر لـ«الجمهورية»، إنه أصبح هناك اقتناع لدى المعنيين بأن وجود حكومة مكتملة الصلاحيات، هو ضروري لحصر خسائر الفراغ الرئاسي شبه المحتّم، معتبرة انه لا بد في نهاية المطاف من مرونة متبادلة بين الرئيس عون وميقاتي، للوصول إلى صيغة مقبولة منهما، على قاعدة ان أي منهما لايستطيع أن يحصل على كل ما يريد ولا يستطيع ان يتنازل عن كل ما يريد.
الحكومة قبل آخر الشهر
أجمعت المرجعيات السياسية على تغيّر ملموس في مقاربة رئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي للملف الحكومي، وسط توقعات بأنه في حال تذليل بعض العقبات، فإن الحكومة الجديدة سترى النور بعد نحو أسبوع، وذلك برغمَ تصاعُد المؤشرات السلبية المُتصلة بالأزمة وازدياد مخاطر التوترات السياسية والأمنية المُتنقلة بين المناطق.
وكشفت مصادر مطلعة لـ «الأخبار» أن «هناك تقدّماً جدياً هذه المرة، بعد خفض سقوف الشروط التي تحول دون تشكيلها»، معتبرة أن المهلة الفاصلة لإعلان التشكيل قد بدأت، وسطَ معلومات تتحدث عن أن «الرئيس المكلف نجيب ميقاتي قد يعود إلى بيروت التي غادرها إلى لندن لتمثيل لبنان في تشييع الملكة إليزابيث الثانية، قبلَ أن ينتقِل إلى نيويورك للمشاركة في أعمال الجمعية العامة للأمم المتحدة» من أجل الإعلان عن ولادة حكومته بين 24 و 25 من الشهر الجاري.
وقالت المصادر إن الإيجابية المستجدة كانت شديدة الوضوح في كلام الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله، أول من أمس، إذ أعرب عن «أمله في أن يتمكن الرئيس عون وميقاتي من تشكيل الحكومة في وقت قريب، واليوم لدينا آمال كبيرة في هذا المجال، ويجب حُكْماً أن تتشكل حكومة إذ لا يجوز أن نصل إلى وقت لا سمح الله يكون هناك فراغ رئاسي وحكومة تصريف أعمال وندخل في نوع من أنواع الفوضى»، وهو موقف استند إلى الجهود التي قامَ بها الحزب مع المعنيين، مؤكداً «وجوب تأليف حكومة بأسرع وقت، ليسَ من باب النصيحة إنما من باب التشديد على هذا الأمر»، وقادَ «وساطة بين رئيس الجمهورية ميشال عون ورئيس الحكومة المكلف نجيب ميقاتي للتقريب في وجهات النظر وإقناعهما بخفض شروطهما»، والتأكيد على أن «بقاء هذه الحكومة هو الحل الأنسب في هذه الفترة ولا بأس من إجراء بعض التعديلات على أن يجري التوافق على الأسماء واستبعاد الأسماء الاستفزازية».
وفي سياق الاتصالات التنفيذية لقرار تشكيل الحكومة، بات واضحاً أن التعديل الوزاري قائم من عدة جهات. والجديد هو قرار الرئيس نبيه بري تغيير وزير المال يوسف خليل واستبداله بالنائب السابق ياسين جابر.
وعلمت «الأخبار» أن خليل، بعد كلمته في جلسة مجلس النواب الأخيرة لمناقشة الموازنة، «عبّر عن انزعاجه وعدم رغبته في البقاء داخل الحكومة» بعدما أوقفه بري عن متابعة كلمته طالباً من رئيس الحكومة أن يكمل عنه، بينما قالت مصادر مطلعة إن «انزعاجه يعود إلى توتر بينه وبين وزير المال السابق علي حسن خليل الذي يتدخل في كل شاردة وواردة في الوزارة، إن كانَ لجهة الأمور الإدارية أو التواقيع».
لكن العقدة الخاصة بالوزيرين عصام شرف الدين وأمين سلام كانت عالقة عند موقف حاسم لرئيس الجمهورية ميشال عون الذي أكدت أوساط قريبة منه لـ«الأخبار» أنه هو من يختار أي اسم لبديل عن أي من الوزيرين في حال تقرر تغييرهما، وأن موقف الرئيس عون لا يخضع لأي نوع من الحسابات الجانبية، بما في ذلك الوقوف على خاطر مرجعيات معنية، في إشارة إلى رغبة ميقاتي اختيار وزير درزي بموافقة النائب السابق وليد جنبلاط واختيار وزير سني من كتلة عكار التي سمته رئيساً للحكومة.
ولفتت المصادر إلى «وجود اتفاق بالدعوة إلى جلسة قريبة للتصويت على منح الثقة خلال عشرة أيام بعد الإعلان عن الحكومة»، مع الإشارة إلى «وجود معضلة تتعلّق بتأمين النصاب. فنصاب الجلسة يكون بنصف عدد النواب زائداً واحداً، أي 65 نائباً، بخاصة بعد ما شهده البرلمان يوم الجمعة لجهة تطيير نصاب جلسة إقرار مشروع موازنة 2022 من نواب «خصوم العهد» وقوى التغيير.
تعويم الحكومة جائزة ترضية للتعويض عن ترحيل الاستحقاق الرئاسي
كشف مصدر نيابي بارز لـ«الشرق الأوسط»، أن ميقاتي التقى رئيس المجلس النيابي نبيه بري، فور عودته من بعبدا بعد اجتماعه بالرئيس عون مبدياً أمامه تفاؤله بتذليل العقبات التي تعترض تعويم الحكومة الحالية، وتوقع تعويمها في الأيام المقبلة، وربما يوم السبت المقبل في حال عودته في وقت مبكر من نيويورك، ما لم يطرأ أمر طارئ يؤدي إلى إعادة خلط الأوراق، على الرغم من أنه يستبعد حصول ما يؤخر تعويمها، في ضوء دخول نصرالله على الخط لتذليل العقبات التي قد تعترض ولادتها بإدخال تعديلات طفيفة عليها تتعلق باستبدال عدد قليل من الوزراء بآخرين شرط عدم توسعتها بضم 6 وزراء دولة.
وإذ نفى المصدر النيابي ما تردد عن أن بري يميل إلى استبدال وزير آخر بوزير المال يوسف خليل، هو النائب السابق ياسين جابر، الذي يتمتع بكفاءة عالية ولديه الخبرة الكافية في المجال المالي، قال بأن لا مشكلة مع خليل لما لديه من كفاءة واختصاص في الحقل المالي، وإن كان لا يصنف على خانة الوزراء المقاتلين، وإذا كانت هناك من مشكلة فإنها تعود إلى انعدام الرؤية المالية والاقتصادية لدى الحكومة التي بات عليها الخروج من الإرباك الذي أوقعت نفسها فيه، وأن تقول بصراحة ماذا تريد.
وفي هذا السياق، لفت مصدر سياسي بارز إلى أن التعديل الوزاري يشمل وزيري الاقتصاد أمين سلام والمهجرين عصام شرف الدين، إلا إذا رغب الرئيس عون باستبدال عدد قليل جداً من الوزراء المحسوبين عليه. وقال لـ«الشرق الأوسط»، إن الرئيس عون قد يسمي الوزير السابق صالح غريب، بديلاً لشرف الدين، على أن يحتفظ لنفسه بتسمية الوزير السني البديل لسلام، وإنما فور الاتفاق على تعويم الحكومة وقبل إصدار المراسيم الخاصة بتعويمها.
وأضاف أن الوزير السني البديل سيكون من منطقة عكار، وأن الرئيس عون بادر بطريقة أو بأخرى إلى استمزاج رأي كتلة «الاعتدال» النيابية التي لم تعترض على اسم الوزير الذي يقترحه، لكنه استبعد، أي المصدر، موافقة ميقاتي بعدم إدخال تعديل على التشكيلة الوزارية الحالية، وقال إنه يصر على استبدال هذين الوزيرين وإلا فإن مشاورات التأليف ستعود إلى نقطة الصفر.
وأكد المصدر السياسي أن نصرالله لعب دوراً في إقناع الرئيس عون ووريثه السياسي النائب جبران باسيل، بتسهيل مهمة ميقاتي والتفاهم معه. وقال إن مسؤول التعبة والارتباط في الحزب وفيق صفا، يتواصل معهما باستمرار، وهو استبق الزيارة الأخيرة لميقاتي إلى بعبدا بلقائهما ناقلاً إليهما رسالة من نصرالله يدعوهما فيها إلى سحب تحفظاتهما على تعويم الحكومة، بدءاً بمطالبة الرئيس عون بتوسيعها، ولفت إلى أن البند الوحيد القابل للتنفيذ فوراً، في الخطاب الأخير لنصرالله، يتعلق بتعويم الحكومة لئلا نصل، كما قال في خطابه، إلى فراغ رئاسي في ظل حكومة تصريف الأعمال يُدخل البلد في حالة من الفوضى.
ورأى أن نصرالله يتوخى من تعويم الحكومة لملمة الوضع وقطع الطريق على تدحرج البلد نحو الفوضى، وقال إن لا خيارات أمام باسيل سوى التسليم بإصرار حليفه بوجوب تسريع ولادة الحكومة الحالية على قاعدة تجديد الثقة النيابية فيها، لأنه يعتقد جيداً أن باسيل اليوم قبل انتهاء ولاية الرئيس عون هو غيره بعد مغادرته بعبدا إلى منزله في الرابية.
واعتبر المصدر نفسه أن استجابة باسيل لطلب نصرالله يعني حكماً أنه ليس في الموقع الذي يسمح له بالتهديد باللجوء إلى الشارع احتجاجاً على عدم انتقال صلاحيات الرئيس عون بالوكالة إلى حكومة تصريف أعمال، وقال إن حليفه أنقذه، لأن الوضع الذي يمر فيه «التيار الوطني الحر» بعد فصله للنائبين السابقين زياد أسود وماريو عون، لا يسمح له باستنفار محازبيه كما يجب، إضافة إلى أن تكتل «لبنان القوي» لا يتناغم معه على الموجة نفسها، لأنه على خلاف مع عدد من النواب لسوء إدارته لملف الانتخابات النيابية التي ما زالت تداعياتها تتفاعل ولو بصمت داخل البيتين العوني والنيابي.
التعليقات