منى الحمودي (أبوظبي)
شهد سمو الشيخ حامد بن زايد آل نهيان، عضو المجلس التنفيذي لإمارة أبوظبي، أمس، محاضرة نظمها مجلس محمد بن زايد في قصر البطين تحت عنوان «التعليم والتعلم: معاً نحو تحقيق التقدم الإيجابي»، وحضر المحاضرة سمو الشيخ خالد بن زايد آل نهيان، رئيس مجلس إدارة مؤسسة زايد العليا لأصحاب الهمم، والشيخ خليفة بن طحنون بن محمد آل نهيان، مدير تنفيذي مكتب شؤون أسر الشهداء، وعدد من الشيوخ والمسؤولين.
ألقى المحاضرة مايكل ب. هورن، مؤسس مشارك وزميل متميز في معهد «كلايتون كريستنسن» للابتكار في الولايات المتحدة ومحاضر في جامعة هارفارد.
وأكد مايكل ب. هورن، خلال المحاضرة، أن جائحة «كورونا» أظهرت أن المدارس التقليدية ليست بيئات اجتماعية، مما يؤثر سلباً على دافعية الطالب وقدرته على الإنجاز، وكيفية خلق بيئة تعليمية تشجع الطلاب على التعاون والترابط، وأهمية اتباع منهجية التعلم القائم على الإتقان وليس التلقين لضمان نجاح جميع الطلبة.
وأشار إلى أنه في جميع أنحاء العالم، لا يوجد بلد يتفوق فيه جميع الطلاب في تحقيق إمكاناتهم البشرية، وفي غالبية البلدان يوجد عدد لا يحصى من الطلاب المتأخرين في نظام التعليم بسبب «المحصل الصفري»، حيث يوجد العديد من الخاسرين أكثر من الفائزين.
وأضاف: إن نظام «التعليم الصفري» هو الذي يقوض التعاون بشكل منهجي ويقوض الترابط ولا يحد فقط من التنمية الاجتماعية للأطفال، بل يحد من تطورهم الأكاديمي أيضاً، مؤكداً أن المعلمين لديهم العديد من المهام التي يقومون بها، وفي الواقع نرى أنهم يجب أن يكونوا أبطالًا خارقين حتى ينجح طلابنا.
وقال هورن: إن التعلم لم يعد من المصادر النادرة عند استخدام الإنترنت، وأحد الأشياء المثيرة للاهتمام، هو دور التكنولوجيا، فأثناء الاتصال بالإنترنت يصبح لدى الشخص القدرة على التواصل مع الخبراء في كل مكان، ولكن التكنولوجيا ليست حلا سحريا، ولن تعطي الإجابة السحرية على نمو الطفل، وقد يتعين على كل مدرسة وفصل دراسي القيام بأشياء مختلفة باستخدام التكنولوجيا اعتمادًا على ظروفهم وما يحتاجه مجتمع المتعلمين.
المدارس التقليدية
وتطرق مايكل ب. هورن، خلال المحاضرة لمحاور لعدة أهمها، أن جائحة كورونا أظهرت أن المدارس التقليدية ليست بيئات اجتماعية، مما يؤثر سلباً على دافعية الطالب وقدرته على الإنجاز، وكيفية خلق بيئة تعليمية تشجع الطلاب على التعاون والترابط، وأهمية اتباع منهجية التعلم القائم على الإتقان وليس التلقيين لضمان نجاح جميع الأطفال. بالإضافة إلى طرق تعزيز قدرات الطلاب على التعاون والإبداع وحل المشكلات وتطوير السلوكيات اللازمة للنجاح. كما ناقش المُحاضر عملية التدريس بوصفها نشاطاً جماعياً يوفر مظلة دعم تقود إلى النجاح وأهمية دور الوالدين في فهم وتصميم وتطوير العملية التعليمية وأخيراً دور التكنولوجيا في إنشاء أساليب تعليم متنوعة تلائم جميع فئات المتعلمين.
الفصل الدراسي التقليدي
وأوضح مايكل هورن، وجهة نظره في الفصل الدراسي التقليدي، الذي يراه عبارة عن معلم واحد في مقدمة الفصل مع العديد من الطلاب في صفوف من المكاتب، وعلى المعلم اجتياز الكثير من المناهج الدراسية التي تقدم تعليمًا للصف بأكمله وليس لدى الأطفال الكثير من الفرص للتواصل مع بعضهم بعضاً للتعاون لتعزيز تلك العلاقات مع الطلاب الآخرين، وإذا بدأ الطلاب في التعاون مع بعضهم بعضاً، يتم تسمية ذلك بالغش وهو أمر محبط، وإذا بدأ الطفل في أن يكون اجتماعياً في الفصل، فسيتم تأديبه، فنحن لا نحب مهرج الفصل في نظامنا التعليمي التقليدي.
وقال «جميع النشاطات التي توفر فرصاً للأطفال للاستمتاع مع بعضهم بعضاً، تحدث خارج الفصل الدراسي، ويتم تسميتها بالأنشطة الإضافية، والتي تخبرك بكل ما تحتاج لمعرفته حول أهمية تجربة كونك اجتماعيًا في الفصول الدراسية التقليدية، وذلك لأنه في الأساس جميع أنظمة التعليم بجميع المدارس في جميع أنحاء العالم مبنية على عقلية محصلتها صفر. وإنهم يعتقدون أنه مقابل كل فائز، يجب أن يكون هناك خاسر وهذا يقوض فرص التعاون والترابط. وقد نقول إن هذه كانت مقايضة جديرة بالاهتمام، فلا بأس أن المدارس ليست كلها اجتماعية، لأن المدرسة حقاً للأكاديميين، إنها للتعلم، ولكن إذا كانت هذه هي استراتيجيتنا لإجراء هذه المقايضة، فإنها لا تعمل بشكل جيد».
عدد لا يحصى
وأضاف هورن: في جميع أنحاء العالم، لا يوجد بلد يتفوق فيه جميع الطلاب في تحقيق إمكاناتهم البشرية، وفي غالبية البلدان يوجد عدد لا يحصى من الطلاب المتأخرين في نظام التعليم بسبب «المحصل الصفري»، حيث يوجد العديد من الخاسرين أكثر من الفائزين.
وأشار إلى أنه في الولايات المتحدة، يوجد 1 من كل 3 من طلبة الصف الثاني عشر، يتقن الرياضيات، وأن نظام التعليم الصفري هو الذي يقوض التعاون بشكل منهجي ويقوض الترابط ولا يحد فقط من التنمية الاجتماعية للأطفال، بل يحد من تطورهم الأكاديمي أيضاً.
وقال: «لحل هذا الأمر علينا أن نعرف كيف نتحرك نحو نظام «مجموع موجب» نخرج فيه من منافسة «المجموع الصفري» ونبدأ بضمان إتقان كل طفل للمهارات المطلوبة، خصوصاً وأن كل فرد يتعلم بسرعات مختلفة عن أي شخص آخر ولدينا احتياجات تعليمية مختلفة في أوقات مختلفة ولا نتعلم جميعًا بنفس المعدل، حيث لدينا قدرات عمل مختلفة للذاكرة ولدينا كفاءات مختلفة ونطور نقاط قوة مختلفة».
وأضاف:«لقد بنينا في جميع أنحاء العالم، نظامًا تعليميًا، حيث من المتوقع أن يقدم المعلم نفس المحتوى ونفس تجارب التعلم لكل طفل بنفس الطريقة كل يوم بناءً على عمره، وتم تضمين الفشل في النظام من خلال تصميمه، حيث تم تضمين معدلات الفشل خلال وجود نظام محدد الوقت مع التعلم المتغير لكل طفل على حدة».
وتابع: الخبر السار هو أننا إذا قلبنا هذه المعادلة، فإننا ننتقل إلى نظام يتم فيه إصلاح التعلم، وذلك في الانتقال إلى نظام «المجموع الإيجابي» حيث يمر الطلاب بدورة نجاح التعلم، والبدء في تطويرهم كمتعلمين موجهين ذاتيًا، وبعد أن يمر الطالب بهذه التجربة، سيتم تحريك الجميع نحو ذلك النظام حيث نقوم بتضمين الإتقان كجزء من تجربة التعلم».
التعاون والترابط بين الطلبة
وأكد مايكل هورن، أهمية التعاون والترابط بين الطلبة، فالرغبة البشرية الطبيعية في مساعدة إخواننا من البشر يمكن أن تصبح أقوى لأننا لسنا في منافسة لتحقيق نجاح نادر، فالأمر عبارة عن مقاعد في الفصل الدراسي، وبينما يعمل الطلاب مع بعضهم بعضاً من خلال المشكلات، سوف يساعد ذلك في تعليم بعضهم بعضاً والتعلم من بعضهم بعضاً.
طريق الإتقان
لفت مايكل هورن، إلى أنه في النظام القائم على الإتقان، عليك أن تستمر في العمل على شيء ما حتى تتقنه لإحراز تقدم، ولا بأس إذا فشلت لأن الفشل خطوة على طريق الإتقان، هناك فرصة نحصل عليها للتجارب من العالم الحقيقي وتنمية رأس المال الاجتماعي، والتي تعتبر بالغة الأهمية لنجاح الحياة وفرص الحياة.
وأشار إلى أن المعلمين لديهم العديد من المهام التي يقومون بها، وفي الواقع نرى أنهم يجب أن يكونوا أبطالًا خارقين حتى ينجح طلابنا، حيث طلبنا منهم القيام بالعديد من المهام بدءًا من تسليم المحتوى إلى إدارة الفصل، وتقييم الطلاب وتصنيفهم إلى توجيههم، ومساعدتهم في صحتهم العقلية والاجتماعية وللمساعدة في ربط هذه المهام بالفرص الخارجية ومشاريع العالم الحقيقي من أجل استخدام البيانات لاتخاذ القرارات.
وقال: «أعتقد أن التحول الكبير الذي نحتاج إلى القيام به هو التدريس الجماعي، يجب أن يكون التدريس المشترك للمعلمين مع مدرسين آخرين في الفصول الدراسية مع المزيد من الطلاب وتطوير مجموعات مهاراتهم الخاصة. حيث يسمح ذلك للمعلمين بقضاء وقت أطول مع الطلاب الذين يقومون بتنمية التعلم الجماعي، وينمي عمل الطلاب للعمل مع بعضهم بعضاً. لأنه في بيئة التدريس الجماعي لدينا الكثير من البالغين في الغرفة لمساعدة الطلاب الآخرين بدلاً من قضاء المعلم وقتاً واحداً مع الفصل».
وأضاف: «يمكننا تسخير تلك العلاقات بشكل أكبر لخلق ذلك الدعم المترابط والتقدم الإيجابي، حيث يمكن للمدارس أن تبدأ في قضاء المزيد من الوقت في مساعدة الآباء أثناء قيادتهم لأطفالهم لأنهم يجرون محادثات معهم لتعزيز عقلية النمو وما إلى ذلك أيضًا».
التكنولوجيا ليست حلاً سحرياً
أشار مايكل هورن، إلى أن التعلم لم يعد من المصادر النادرة عند استخدام الإنترنت، وأحد الأشياء المثيرة للاهتمام، هو دور التكنولوجيا، فأثناء الاتصال بالإنترنت يصبح لدى الشخص القدرة على التواصل مع الخبراء في كل مكان، ولكن التكنولوجيا ليست حلاً سحرياً ولن تعطي الإجابة السحرية على نمو الطفل، وقد يتعين على كل مدرسة وفصل دراسي القيام بأشياء مختلفة باستخدام التكنولوجيا اعتمادًا على ظروفهم وما يحتاجه مجتمع المتعلمين.
نصائح للمعلمين
قدم مايكل هورن، ثلاث نصائح للمعلمين في الفصل، وثلاث نصائح لأولئك الذين يديرون المدارس أو يفكرون في نظام التعليم أثناء تطبيق التكنولوجيا.
الأولى: هي أن تكون التكنولوجيا جديرة بالاهتمام، لتوفير الوقت للمعلمين في ظل حياتهم المزدحمة، وإذا أضافت مزيداً من العبء لهم فلا فائدة لها بقدر تكلفتها. وثانياً، يجب أن تعمل التكنولوجيا على توسيع نطاق وصول المعلمين ومداركهم وتمكينهم من القيام بأكثر مما يمكنهم فعله وزيادة تواصلهم مع الطلاب. وثالثاً، يجب أن تساعد التكنولوجيا المعلمين على تطوير فهم أعمق للأطفال الذين يعملون معهم، وإذا لم يسفر ذلك عن المزيد من الاستفادة فربما لا يكون كل ذلك مفيدًا للمدارس على نطاق أوسع.
نصائح للمدرسة
بالنسبة للنصائح على مستوى المدرسة قال مايكل هورن:- أولاً: يجب أن تعمل التكنولوجيا على تحسين دورة التغذية الراجعة للمتعلمين أنفسهم وللمعلمين، يجب أن تكون التكنولوجيا الجيدة هي نفسها التي يتم تعلمها مما يمنح ملاحظات مستمرة للتحسين ويجب أن تقدم المزيد من التعليقات للمدرسين وأولياء الأمور والمسؤولين.
ثانياً: يمكن للتكنولوجيا أن تتيح التجارب التي لم نكن لنحصل عليها في السابق، سواء من خلال الواقع الافتراضي والمحاكاة التي تتيح القيام برحلات ميدانية إلى أجزاء من العالم ومسارات زمنية لم نكن نتخيلها بأي طريقة أخرى، ويمكننا إجراء تجارب علمية، أشياء لا يمكنك القيام بها من خلال التكنولوجيا، بالإضافة إلى التواصل مع الخبراء والدورات التدريبية، لذلك يمكن للطفل الذي يطور شغفًا معينًا أن يتعمق في هذا الشغف، وفي النهاية، يجب أن تعمل التقنيات على أتمتة العمليات الشاقة التي تستند إلى القواعد ويمكن تشغيلها تلقائيًا.
وثالثاً: لا ينبغي أبداً للتكنولوجيا أن تحل محل إنسان، بدلاً من ذلك، يجب أن تجعل تواصلنا مع بعضنا بعضاً أكثر وأن توفر التكنولوجيا الوقت الذي يمكن للبشر القيام به أكثر من ذلك. وحتى نتمكن جميعاً من إحراز تقدم إيجابي معاً. لأن مستقبل أمتنا ومستقبل مجتمعنا ومستقبلنا العالمي ومستقبل كل طالب هو على المحك من أجل تنمية عالم من التعاون والترابط والتواصل والتفاعل عند العمل والترابط إلى ضمان الإتقان، حيث يمكننا حقًا تطوير ذلك المجتمع الذي نحقق فيه جميعاً تقدماً إيجابياً معاً.
التعليقات