آلان سركيس – نداء الوطن
تعيش الساحة السنّية ضياعاً ما بعده ضياع نتيجة الضربات التي تلقّتها وآخرها إعلان الرئيس سعد الحريري تعليق العمل السياسي قبل الإنتخابات.
يُشبّه من يتابع الشأن السياسي، الوضع السنّي حالياً بما مرّ به المسيحيون من عام 1994 إلى 2005، حينها كانوا غائبين عن القرار وحاول البطريرك الراحل مار نصرالله بطرس صفير تعبئة الفراغ وتأمين الحدّ الأدنى من الحضور.
أما اليوم، فتعمل دار الفتوى على عدم ترك الساحة وسط الإحباط السنّي على رغم أن مشهد اليوم السني أفضل بمئات المرّات من مشهد أمس المسيحي، فالحريري قد اختار الإعتكاف الطوعي وتيّاره ليس ملاحقاً بالإعتقالات والإضطهاد.
وما يلفت أكثر في المشهدية السنّية أن من يحاول أن يُنصّب نفسه معوضاً عن اعتكاف «الحريرية السياسية» يسير بعكس التوجّه السنّي العام، فمعروف عن السنّية السياسية أنها تحاول الإنفتاح الدائم وأنها تقدّمية وتنبذ التعصّب وتمدّ الجسور وقد برز هذا الأمر خصوصاً مع الرئيس الشهيد رفيق الحريري.
لكنّ من يقرأ المشهد السياسي السنّي، يُلاحظ أنّ بعض النواب يعيشون في حيرة، وعلى سبيل المثال، فإن أبرز أعضاء كتلة «الإعتدال الوطني» النائب وليد البعريني يحاول أن يوحي بأنه تقدّمي وضدّ «حزب الله»، في المقابل يعلن بصراحة دعمه ترشيح رئيس تيار «المرده» سليمان فرنجية الذي تربطه علاقة مميّزة بالرئيس بشار الأسد ويُعتبر المدافع الأول عن سياسات «حزب الله» وسلاحه.
ووسط هذا الضياع السنّي، يبرز معطى ثانٍ وهو الخصومة السنّية مع أبرز المكوّنات، إذ إن الحالة السنّية على خصومة مع البيئة الشيعية، لكن اللافت أيضاً هو الخصومة مع المكوّن المسيحي، فبعد شهر العسل بين الحريري ورئيس «التيار الوطني الحرّ» النائب جبران باسيل الذي دام حتى انتفاضة 17 تشرين، ها هو الجوّ السنّي وخصوصاً قدامى «المستقبل» يصبّون جام غضبهم على «القوات اللبنانية» ويحمّلونها مسؤولية إخفاقات زعيمهم سعد الحريري، مستعيدين لغة الحرب… وطواحين الهواء.
وأمام كل هذا الإرباك السنّي، فإنّ الضياع وفقدان لغة التحدّث مع المكوّنات الأساسية يجعلان من السنّية السياسيّة ضعيفة وخارج المعادلة، ويترافق ذلك مع عدم مبالاة سعودية حتى الساعة بما يحصل في لبنان، ما يُفقد السنّة الداعم الإقليمي الأول.
ومن جهة ثانية، فإن إجتماع دار الفتوى المرتقب قد لا يصل إلى النتيجة المرجوّة بسبب غياب القيادة السياسية الموحّدة، وقد ينطبق عليه ما انطبق على النواب التغييريين خصوصاً أن من بين النواب من هو سيادي و14 آذاري وثوري وممانع، لذلك من الصعب الخروج بموقف واحد أو حدّ أدنى من الإتفاق على بوصلة المرحلة المقبلة.
وتشير المعلومات إلى أن الإجتماع المرتقب في الدار لن يكون يتيماً لأن مفتي الجمهورية الشيخ عبد اللطيف دريان يضع نصب عينيه توحيد الموقف وعدم إخراج السنّة من دائرة القرار ومن التأثير الفعلي على الساحة السياسية لأن التجربة المسيحية لا تزال ماثلة أمام أعين الجميع.
التعليقات