التخطي إلى المحتوى

نداء الوطن 

محمد دهشة

أرخى توقيع الفصائل الفلسطينية «اتفاق الجزائر» المنبثق عن «مؤتمر لمّ الشمل من أجل تحقيق الوحدة الوطنية الفلسطينية»، لإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة، بظلال من الإرتياح على المخيّمات الفلسطينية في لبنان وقواها السياسية والشعبية والأهلية والشبابية، التي أكّدت أهمية توحيد الموقف لمواجهة التحديات التي تحدق بالقضية على كافة المستويات.

وواكب أبناء المخيّمات تفاصيل الاتفاق ويحدوهم الأمل بتطبيقه بعدما عقدت أكثر من مصالحة بين حركتي «فتح» و»حماس» برعاية مصرية حيناً وعربية أحياناً ولم تصمد أمام الخلافات المستجدة وآخرها الانتخابات الرئاسية والتشريعية، وقد انعكست سلباً وتعطيلاً أم تجميداً أم بعدم تفعيل العمل المشترك رغم الاتفاق على استثنائية الساحة الفلسطينية في لبنان وقد وصل الأمر قبل سنوات الى حل «القيادة السياسية الموحدة»، قبل أن ينجح رئيس مجلس النواب نبيه بري بإعادة تشكيل «هيئة العمل المشترك الفلسطيني» (3 أيلول 2018) كإطار يجمع الكل الفلسطيني.

يؤكد عضو قيادة الساحة لحركة «فتح» في لبنان اللواء منير المقدح لـ»نداء الوطن» أن الاتفاق سينعكس أجواء ايجابية إضافية على الوحدة والتنسيق بين القوى الفلسطينية على اختلافها، وسيساهم في تحصين أمن واستقرار المخيّمات والجوار والتعاون في معالجة القضايا الحياتية وهي كثيرة في ظل الأزمة الاقتصادية ويقطع الطريق على أي استغلال أو توتير في ظل الخلافات السياسية اللبنانية، آملاً في أن يطبق بلا تسويف، ويشكل بداية جديدة لطيّ صفحة الخلافات ودعم المقاومة في فلسطين بكل أشكالها بما فيها المقاومة المسلحة، معتبراً أن الوحدة في الميدان في جنين ونابلس والضفة الغربية سبقت القيادة السياسية وهذا الاتفاق يجب أن يحتضن الانتفاضة والمقاومة المتصاعدة في الداخل.

بالمقابل، يؤكد الناطق باسم حركة «حماس» ونائب ممثلها في لبنان جهاد طه لـ»نداء الوطن» أن الحركة حريصة على وحدة الصف الفلسطيني والوحدة الوطنية وتفعيل «هيئة العمل المشترك» كإطار يجمع الكل الفلسطيني في لبنان لمواجهة كل التحديات التي تحدق بقضية اللجوء ولمعالجة القضايا الأمنية والاجتماعية والخدماتية والتربوية والطبية بموقف واحد يجبر إدارة «الأونروا» على الاستجابة لمطالب الشعب العادلة والمحقة.

ويشدد طه على «أن اتفاق الجزائر بلا شك، سينعكس إيجاباً على الواقع الفلسطيني في لبنان لناحية تعزيز الأمن في المخيمات ولناحية مواجهة كافة التحديات التي تستهدف قضايا اللاجئين وفي المقدم منها حق العودة، فحفظ استقرار المخيّمات ومعالجة مشاكل أبنائها ما يساعد على حمايتها وعدم إفراغها على اعتبارها عنواناً للعودة، فمشروعنا في لبنان هو العودة وليس الهجرة ولا التهجير ونرفض التوطين، ونصرّ على التمسك بـ»الاأونروا» كشاهد حي على النكبة وفي الوقت نفسه نرفض أي تقصير منها».

إرتياح وآمال

أبناء مخيم عين الحلوة يسودهم الارتياح ولا يخفون التفاؤل بتداعياته الايجابية وإن كانت مشوبة بالقلق، فتجارب المصالحات السابقة لم تصل الى خواتيمها السعيدة، ويقول محمود كردية لـ»نداء الوطن»: «إنه خبر سعيد وسط الأجواء الحزينة التي نعيشها كل يوم، فالمشاكل تتراكم فوق بعضها البعض من دون حلول جذرية، بالوحدة الفلسطينية نستطيع أن نواجه أي مشكلة ونفرض ما نريد».

في مقرّ القوة المشتركة، يعبّر قائدها العقيد عبد الهادي الأسدي عن ارتياحه، ويقول لـ»نداء الوطن»: «إن اتفاق الجزائر أفضل هدية للشعب الفلسطيني اليوم في ظل الأزمات السياسية والأمنية المشتعلة في العالم، وهذا ليس غريباً على أرض «المليون شهيد» أن تسعى الى جمع الصف الفلسطيني بين القوى التي قدمت مئات آلاف الشهداء على طريق تحرير فلسطين»، مضيفاً «الاتفاق سينعكس إيجاباً على الأمن والاستقرار في المخيمات ويعزز الموقف الموحد لمواجهة مختلف القضايا الخدماتية وخاصة ما يتعلق منها بوكالة «الأونروا»، فالشعب الفلسطيني يستحق حياة حرة كريمة إلى حين العودة، وسيكون سعيداً جداً إذا وجدنا مجتمعين على قلب رجل واحد».

والمخيم يتميّز بأنه عاصمة الشتات الفلسطيني ومركز القرار كما بخصوصيته في تداخل «الموزاييك» السياسي الوطني والإسلامي، الى جانب الحراك الشعبي والشبابي، ويقول الناشط محمد حسون لـ «نداء الوطن»، نستبشر خيراً بالاتفاق… لكننا ننتظر تطبيقه على أرض الميدان جدياً وبأسرع وقت، من أجل معالجة القضايا الساخنة والمشاكل المطروحة بموقف موحد وخاصة ما يتعلق بإدارة «الأونروا» التي تستفيد من الانقسام والخلاف للتهرب من مسؤولياتها واعتماد نهج المماطلة والتسويف.

وقد رحّبت الفصائل الفلسطينية في لبنان بتوقيع الاتفاق، وأشادت «جبهة التحرير الفلسطينية» بلسان عضو اللجنة المركزية يوسف ناظم اليوسف بإعلان الجزائر ولمّ الشمل، قائلاً «ان توحيد الصفوف والتوافق على استراتيجية وطنية كفاحية في مواجهة الاحتلال والاستيطان بقيادة منظمة التحرير الممثل الشرعي والوحيد لشعبنا خطوة مهمة على طريق العودة وإقامة الدولة المستقلة وعاصمتها القدس الشريف».

واعتبرته «الجبهة الديمقراطية» خطوة مهمة على طريق العمل الحثيث من أجل إنهاء الانقسام واستعادة وحدة المؤسسات الوطنية وإعادة بناء النظام السياسي الفلسطيني بالانتخابات الشاملة، بينما أكدت «الجبهة الشعبيّة» و»من موقع المسؤوليّة الوطنيّة أنّه إذا لم يتم تنفيذ ما تم الاتفاق عليه في الجزائر فإنّ الاحتلال سيزيد من تغوّله على حقوقنا الوطنيّة مستغلاً حالة الانقسام والشرذمة على الساحة الفلسطينيّة».

ووقّع 16 فصيلاً فلسطينياً أبرزهم «فتح» و»حماس» على الاتفاق في قاعة قصر المؤتمرات في مدينة الجزائر العاصمة، برعاية الرئيس عبد المجيد تبون وكبار المسؤولين إلى جانب 70 سفيراً في الجزائر، وقد حمل رمزية للقضية الفلسطينية إذ اعلنت منه وثيقة الاستقلال لدولة فلسطين في تاريخ 15 تشرين الثاني 1988، فيما تمنّى الرئيس تبون أن يكون هذا الاتفاق مقدمة لإعلان الدولة الفلسطينية على حدود حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشريف.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *