تفاؤل لبناني بالتوصل لاتفاق تاريخي (أنور عمرو/ فرانس برس)
قال كبير المفاوضين اللبنانيين، إلياس بو صعب، الاثنين، لوكالة “رويترز” إن لبنان تسلم المسودة النهائية لاتفاق بوساطة أميركية لترسيم الحدود البحرية مع الاحتلال الإسرائيلي تفي بجميع متطلبات لبنان ويمكن أن تؤدي قريبا إلى “اتفاق تاريخي”.
وأضاف بوصعب بعد دقائق من تسلم المسودة النهائية “إذا سارت الأمور على ما يرام، فإن جهود آموس هوكشتاين يمكن أن تؤدي إلى اتفاق تاريخي”.
وقالت مصادر قصر بعبدا، حيث مقرّ الرئاسة اللبنانية إنه يجري التدقيق في مضمونها.
وأكدت المصادر، التي اشترطت عدم كشف هويتها، أن المعلومات الأولية عن الرد الذي تسلمه نائب رئيس البرلمان إلياس بو صعب المكلف بالملف تشير إلى أن الملاحظات اللبنانية تم أخذها بعين الاعتبار بخصوص النقاط التي كانت عالقة، مؤكدة أنه يفترض أن تُدرس الصيغة بدقة لإعداد الرد عليها.
ولفتت المصادر إلى أن الرد لن يطول وسيعلن الموقف اللبناني رسمياً في وقت قريب.
وأكد الرئيس اللبناني ميشال عون، أمس الإثنين، أنه “يأمل في إنجاز كل الترتيبات المتعلقة بترسيم الحدود البحرية الجنوبية خلال الأيام القليلة المقبلة، وذلك بعدما قطعت المفاوضات غير المباشرة التي يتولاها الوسيط الأميركي شوطاً متقدماً، وتقلّصت الفجوات التي تم التفاوض في شأنها خلال الأسبوع الماضي”.
واعتبر عون، بحسب ما نقلت عنه الرئاسة اللبنانية، في بيان، أنّ “الوصول إلى اتفاق على ترسيم الحدود البحرية الجنوبية يعني انطلاق عملية التنقيب عن النفط والغاز في الحقول اللبنانية الواقعة ضمن المنطقة الاقتصادية الخالصة، الأمر الذي سوف يحقق بداية دفع جديد لعملية النهوض الاقتصادي”.
ويتمسك لبنان بشكل أساسي وفق التعديلات التي أدخلها في 3 أكتوبر/ تشرين الاول الجاري على العرض الأميركي بعد اجتماع الرؤساء الثلاث عون، وحكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي والبرلمان نبيه بري واللجنة التقنية المدنية العسكرية، بحقه في نيل حصته كاملة من حقل قانا، من دون أن يشاركها مع الجانب الإسرائيلي، وفصل المحادثات التي تحصل بين الإسرائيليين وشركة “توتال” الفرنسية للطاقة عن لبنان.
ويسعى لبنان إلى أن يتم إتمام الاتفاق على طاولة الناقورة جنوب البلاد حيث انطلقت المفاوضات التقنية غير المباشرة مع الجانب الإسرائيلي في أكتوبر/ تشرين الأول 2020 بوساطة أميركية ورعاية الأمم المتحدة، وقد عقدت 5 جولات قبل أن تتوقف في مايو/ أيار 2021 نتيجة خلافات حول الخطوط والحدود، علماً أن لبنان بدأ مفاوضاته متمسكاً بالخط 29 قبل أن يعود ويفاوض على الخط 23 وحقل قانا.
وبرزت معارضة مدنية لموقف لبنان الرسمي في المفاوضات غير المباشرة، التي تنازل خلالها عن الخط رقم 29، إذ تشكلت جمعية “الدفاع عن حقوق لبنان البرية والبحرية”، التي أنذرت بالتحرك قضائياً محلياً وخارجياً، لحماية الثروات اللبنانية وحقوقه البحرية والبرية.
وقال المحامي في الجمعية، علي عباس، في تصريح سابق لـ”العربي الجديد”، إنّ “الجمعية وجّهت 3 إخطارات أو إنذارات إلى رئيس الجمهورية ميشال عون، ورئيس البرلمان نبيه بري، ورئيس حكومة تصريف الأعمال نجيب ميقاتي، تضمّنت الأخطاء الفنية والقانونية الناتجة عن اعتماد لبنان الخط 23 كخط ترسيم الحدود البحرية الجنوبية، وضرورة تعديل المرسوم 6433، الذي لم يوقّعه الرئيس عون بعد، وإيداع نسخة منه لدى الدوائر المختصة لدى الأمم المتحدة، والتمسّك تالياً بالخط 29، الذي ينطلق من نقطة رأس الناقورة، المعتمد من قبل مصلحة الهيدروغرافيا في الجيش اللبناني، فهو الخط القانوني والعلمي الوحيد بعكس الخط 23”.
ولفت عباس إلى “خطورة الخط 23 الذي يفاوض عليه المسؤولون اللبنانيون اليوم، فهو من شأنه أن يلحِق بلبنان خسائر على صعيد الثروة النفطية في المنطقة الاقتصادية الخالصة، وآلاف الكيلومترات في المياه الإقليمية اللبنانية، عدا عن البرّ اللبناني ومناطق متنازع عليها برّاً”.
وأشار عباس إلى أنهم أمهلوا “الرؤساء الثلاثة للردّ على الإخطارات وتعديل المرسوم بشكل سريع، وإلا سنتقدّم بشكوى جزائية في لبنان والخارج، لحماية ما يمكن حمايته من حقوق لبنان وحدوده وثرواته النفطية والبحرية. وتابع قائلا “لن نقف مكتوفي الأيدي أمام التنازل الفاضح عن حقوق لبنان والشعب اللبناني، والصفقات التي تجرى على حسابه”.
وشددت دراسة للباحث والمختص في ملف ترسيم الحدود، عصام خليفة، وهو من أعضاء الجمعية، على أن “موقف الرؤساء الثلاثة بالتزامهم بالخط 23 بدل الخط 29 ينطبق عليه المادة 302 من قانون العقوبات اللبناني، التي تنص على أن من حاول أن يسلخ عن سيادة الدولة جزءاً من الأرض اللبنانية، عوقب بالاعتقال المؤقت أو بالإبعاد”.
وأضاف أن المادة 277 من القانون نفسه، تنص على أنه “يُعاقب بالاعتقال المؤقت خمس سنوات، على الأقل، كل لبناني حاول بأعمال أو خطب أو كتابات أو بغير ذلك أن يقتطع جزءاً من الأرض اللبنانية ليضمه إلى دولة أجنبية، أو أن يملكها حقاً أو امتيازاً خاصاً بالدولة اللبنانية”.
وأكد خليفة أنّ “الرؤساء الثلاثة يتخلون عن ثروة تقدّر بمئات مليارات الدولارات (مساحة 1430 كلم مربع) لإسرائيل، من خلال تخليهم عن الخط 29 على نحو غير قانوني وغير علمي وغير وطني، وذلك لصالح الخط 23 الذي تبين الوثائق الدامغة أنه اختراع إسرائيلي”، على حد تعبيره.
وذكرت الجمعية أنّ “لبنان خسر مع قبرص أكثر من 2300 كلم مربع، ومع سورية 750 كلم مربع، وهذا كله نتيجة سوء إدارة المسؤولين اللبنانيين للملف النفطي”.