التخطي إلى المحتوى

نشرت في:

وقع ممثلون عن كل من لبنان وإسرائيل الخميس على “الاتفاق التاريخي” النهائي لترسيم الحدود البحرية بينهما بعد مفاوضات مضنية استمرت لأشهر وتمت بوساطة أمريكية. وسيسلّم وفدا البلدين اللذين لا يزالان في حالة حرب، في الناقورة البلدة الحدودية في أقصى جنوب لبنان، في غرفتين منفصلتين من مقر الأمم المتحدة، رسالة تتضمن الموافقتين، إلى الوسيط الأمريكي.

من المزمع أن يوقع ممثلون عن لبنان وإسرائيل الخميس على اتفاق ترسيم الحدود البحرية الذي تمخض عن أشهر من المفاوضات الصعبة التي تمت بوساطة أمريكية.

وأعلن إلياس بو صعب كبير المفاوضين اللبنانيين للصحافيين الخميس أن الرئيس ميشال عون قد وقع رسالة بالموافقة على اتفاق “تاريخي” توسطت فيه الولايات المتحدة لترسيم الحدود البحرية لبلاده مع إسرائيل. وأضاف بو صعب متحدثا من القصر الرئاسي بأن التوقيع يمثل “عهدا جديدا” وأن الرسالة ستسلم لاحقا الخميس للمسؤولين الأمريكيين عند نقطة حدودية في أقصى جنوب لبنان بالناقورة.


في المقابل، اعتبر رئيس الحكومة الإسرائيلي يائير لابيد في اجتماع لمجلس الوزراء صادقت خلاله الحكومة على الاتفاق، أن لبنان “اعترف” بدولة إسرائيل من خلال موافقته على الاتفاق. وقال: “هذا إنجاز سياسي، فليس كل يوم تعترف دولة معادية بدولة إسرائيل في اتفاق مكتوب أمام المجتمع الدولي بأسره”.

وسيدخل الاتفاق الذي سيسمح للدولة العبرية بالشروع في إنتاج الغاز من المنطقة حيز التنفيذ، وفق النص الذي اطلعت عليه وكالة الأنباء الفرنسية، عندما ترسل الولايات المتحدة “إشعارا يتضمن تأكيدا على موافقة كل من الطرفين على الأحكام المنصوص عليها في الاتفاق”.

وكانت شركة “إنرجيان” قد أعلنت عشية التوقيع بدء إنتاج الغاز الأربعاء من حقل كاريش البحري الذي كان يقع في منطقة متنازع عليها وبات كاملا من حصة تل أبيب بموجب الاتفاق. فيما يأمل لبنان الغارق في انهيار اقتصادي بدء التنقيب في أقرب فرصة.


ومنذ أشهر تسارعت التطورات المرتبطة بملف ترسيم الحدود البحرية بعد توقف لأشهر جراء خلافات حول مساحة تلك المنطقة. وبعد لقاءات واتصالات مكوكية، قدم الوسيط الأمريكي آموس هوكستين، الذي تقود بلاده وساطة منذ عامين، بداية الشهر الحالي عرضه الأخير، وأعلن الطرفان موافقتهما عليه.

كيف سيتم التوقيع النهائي على الاتفاق؟

والتقى هوكستين الخميس الرئيس اللبناني ميشال عون ورئيس الحكومة نجيب ميقاتي ورئيس مجلس النواب نبيه بري، على أن يتوجه عصرا إلى مقر قوات الأمم المتحدة في بلدة الناقورة جنوب لبنان حيث سيتم توقيع الاتفاق، وينتقل بعدها إلى إسرائيل. 

وعقب لقائه عون، عبر هوكستين عن سعادته بالوصول إلى “هذا اليوم التاريخي في المنطقة.. وإلى اتفاق يخلق الأمل والفرص الاقتصادية والاستقرار لجانبي الحدود”. مضيفا: “المهم الآن بعد وصولنا إلى هذا الإنجاز، ما سيحصل بعده، وأتمنى أن يكون ذلك بمثابة نقطة تحول اقتصادية للبنان، لمرحلة جديدة من الاستثمار والدعم للنهوض بالاقتصاد”.

وبما أن البلدان يُعدان في حالة حرب، فمن المفترض أن يسلم كلا من الطرفين في غرفتين منفصلتين رسالة تتضمن موافقتهما إلى الوسيط الأمريكي. في هذا الشأن، صرح المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك بأن الاتفاق “سيأخذ شكل تبادل رسالتين، واحدة بين لبنان والولايات المتحدة وأخرى بين إسرائيل والولايات المتحدة”.

وستحضر المنسقة الخاصة للأمم المتحدة في لبنان يوانا فرونتسك التوقيع، حيث سيتم تسليمها الإحداثيات الجغرافية المتعلقة بترسيم الخط البحري التي اتفق الطرفان على إرسالها للأمم المتحدة. وستحل تلك الإحداثيات مكان تلك التي أرسلتها الدولتان إلى الأمم المتحدة في 2011. 

من جانبه، أوضح متحدث باسم الرئاسة اللبنانية أن مهمة الوفد اللبناني ستقتصر على “تسليم الرسالة فقط بحضور هوكستين وممثل الأمم المتحدة، ولن يلتقي مع الوفد الإسرائيلي إطلاقا”. ولم يحدد لبنان الغارق في أزمات وانقسامات سياسية حادة، قبل انتهاء ولاية الرئيس عون نهاية الشهر الحالي، حتى الآن الجهة التي ستوقع على الاتفاق.

ومن المقرر أن تصادق الحكومة الإسرائيلية رسميا على التفاهم صباح الخميس، قبل التوقيع المرتقب عصرا في الناقورة.

بدوره، قال الرئيس الأمريكي جو بايدن إثر لقائه نظيره الإسرائيلي إسحق هرتسوغ الأربعاء إن من شأن الاتفاق أن “يخلق أملا جديدا وفرصا اقتصادية”. ووصفه بـ”التاريخي”.

ولم يكن التوصل إلى اتفاق بالأمر السهل، حيث إن المفاوضات التي بدأت في 2020 تعثرت مرات عدة، قبل أن تتسارع منذ بداية يونيو/حزيران إثر وصول سفينة إنتاج وتخزين على مقربة من حقل كاريش، الذي كان لبنان يعتبر أنه يقع في منطقة متنازع عليها.

ما حصة كل طرف من الثروات الطبيعية؟

وبموجب الاتفاق الجديد، يصبح حقل كاريش بالكامل في الجانب الإسرائيلي، فيما يضمن الاتفاق للبنان حقل قانا الذي يتجاوز خط الترسيم الفاصل بين الطرفين. وستشكل الرقعة رقم 9 حيث يقع حقل قانا منطقة رئيسية للتنقيب من قبل شركتي “توتال” الفرنسية و”إيني” الإيطالية اللتين حصلتا على عقود للتنقيب عن النفط والغاز.

وقالت شركة “إنرجيان” إنها تأمل في أن تتمكن في المدى القريب من إنتاج 6,5 مليارات متر مكعب من الغاز الطبيعي سنويا، على أن ترتفع الكمية لاحقا إلى ثمانية مليارات متر مكعب في السنة. وأضافت: “يسرنا أن نعلن إنتاج أولى كميات الغاز من حقل كاريش قبالة سواحل إسرائيل بأمان.. يتزايد تدفق الغاز باطراد”.

وعلى الجانب اللبناني، أعلنت السلطات أنه تم الاتفاق مع شركة توتال الفرنسية على البدء بمراحل التنقيب فور الاتفاق النهائي. لكن وبرغم الاتفاق، يرى خبراء أن لبنان لا يزال بعيدا من استخراج موارد النفط والغاز، وقد يحتاج ذلك من خمس إلى ست سنوات.

وتعول بيروت على وجود ثروات طبيعية من شأنها أن تساعد على تخطي التداعيات الكارثية للانهيار الاقتصادي الذي تشهده البلاد منذ ثلاث سنوات، وصنفه البنك الدولي من بين الأسوأ في العالم منذ 1850. وقد بات أكثر من 80 بالمئة من اللبنانيين تحت خط الفقر، وخسرت الليرة اللبنانية أكثر من 90 بالمئة أمام الدولار.

فرانس24/ أ ف ب/ رويترز

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *