دبي، الإمارات العربية المتحدة (CNN) — ليس سراً أنّ التمارين الرياضية مهمة لصحتك في أي مرحلة عمرية. ومن الجيد افتراض أنّ الأطفال ليس لديهم مشكلة في البقاء نشطين. في نهاية المطاف، هناك فصل رياضي في المدرسة، واستراحة للصغار، والكثير من الرياضات المنظّمة. لكنّ الأطفال، لا سيّما المراهقين بينهم، أقل نشاطًا أكثر ممّا تعتقد.
فبحسب منظمة الصحة العالمية، يتوجّب على المراهقين ممارسة 60 دقيقة من النشاط البدني المعتدل أو القوي في الحد الأدنى يوميًا. ورغم ذلك، أظهرت دراسة نشرت في مجلة The Lancet Child & Adolescent Health عام 2019، أنّ أقل من 20٪ من المراهقين الملتحقين بالمدارس في العالم يقومون بهذا القدر من النشاط، وتبيّن أنّ الفتيات أقل نشاطًا من الفتيان. في الولايات المتحدة، هذا الرقم أعلى بقليل، حيث يمارس 24٪ من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و17 عامًا نشاطًا بدنيًا لمدة 60 دقيقة يوميًا، وفق المراكز الأمريكية لمكافحة الأمراض والسيطرة عليها (CDC).
بماذا تشي هذه الأرقام المتدنية؟ بأمور كثيرة.
فجاذبية الرياضة المنظّمة تتلاشى، والسبب الأساسي بذلك الكلفة المتزايدة، والالتزام بالوقت، والطبيعة التنافسية الشديدة في كثير من الأحيان. وبالاستناد إلى معهد آسبن، كان 38٪ فقط من الأطفال الذين تتراوح أعمارهم بين 6 و12 عامًا يمارسون رياضة منظمة عام 2018، فيما كانت نسبتهم 45٪ عام 2008. وورد في تقرير معهد آسبن عن حالة اللعب لعام 2021، أنّ جائحة “كوفيد-19” ربما أدّت إلى تسريع وتيرة الاتجاه التنازلي.
ثم هناك دور للتكنولوجيا. فنحو نصف المراهقين الأمريكيين يقولون إنهم على اتصال بالإنترنت “بشكل مستمر تقريبًا”، بحسب دراسة أجراها مركز بيو للأبحاث، فيما كانت النسبة 24٪ فقط عام 2014-2015.
وأشارت كارول هاريسون، كبيرة اختصاصيي فيزيولوجيا التمارين السريرية بمركز إم دي أندرسون للسرطان في جامعة تكساس بهيوستن الأمريكية، إنّ الاستراحات بين الحصص الدراسية، ووقت اللعب في الخارج، لم تعد إلزامية في معظم المدارس. بالإضافة إلى ذلك، يتوجّه الأطفال إلى المدرسة بوسيلة نقل اليوم، أكثر مما كان عليه الأمر في الماضي، حين كانوا يقصدونها مشيًا على الأقدام أو ركوبًا على الدراجات.
ورأى الخبراء أنّ هذا النقص في الحركة مثير للقلق، ليس فقط من منظور الوزن. فإلى تحسين صحة قلبك، وعضلاتك، وعظامك، وصحة التمثيل الغذائي، تساعد التمارين المنتظمة على تحسين التنسيق وخفة الحركة، كما أنّ تدفق الدم المتزايد جراء ذلك مفيد للدماغ أيضًا.
وأوضحت هاريسون أنّ ” الدراسات أظهرت أنّ الأطفال المشاركون بالنشاط البدني اليومي أفضل عمومًا لجهة الانتباه والتركيز، وهو ما يترجم في أداء أكاديمي أفضل”. وتابعت أنّه “يساعد بالتحكم في الانفعالات، وإدارة المشاعر بشكل أفضل”.
طرق لتعزيز النشاط البدني
كيف تجعل ابنك المراهق يتعرّق؟ في حين أن الأمر قد يمثّل تحديًا للأهل معظم الأحيان، إلا أنّ هناك العديد من الطرق لإدخال المزيد من النشاط البدني إلى حياة أطفالك.
اجعل من الحركة تجربة اجتماعية ممتعة
ابحث عن الأنشطة التي يمكنك الاستمتاع بها ضمن مجموعة، مثل ممارسة رياضة ركوب الدراجة مع العائلة، أو القفز داخل كيس القماش، أو التوجه إلى حديقة عامة مع الأصدقاء. وفي أيام العطل، يمكنك تنظيم رحلة تخييم، حيث يُدرج على جدول الأعمال يوميًا، رياضات مثل السباحة، أو التنزه، أو التجديف.
ولفتت هاريسون إلى ضرورة “التركيز على المرح”، لأنه “بالنسبة لمعظم الأطفال، يُعد عنصرًا ضروريًا”. فهذا هو الجانب الاجتماعي. وقالت: “أظهرت الدراسات أن السبب الأول لاتباع معظم البالغين برنامجًا للتمارين الرياضية والاستمرار به، هو المكوّن الاجتماعي”، مضيفة أنّ “الأمر يسري على الأطفال أيضًا”.
الرياضات المنظّمة
الرياضة المنظمة جيدة لأنها تساعد المراهقين على بناء روابط اجتماعية، وتعلّم المثابرة، والعمل الجماعي. لكن بعض البرامج تركّز بشكل أكبر على الفوز، وبدرجة أدنى على تنمية المهارات. إذا كان ابنك المراهق يطمح لإتقان رياضة معينة، فقد يكون البرنامج التنافسي مناسبًا جدًا له. لكن المراهقين الذين يمارسون الرياضات المنظمة من أجل المتعة والتواصل الاجتماعي قد يفضّلون بيئة أقل تنافسية.
فكر بطريقة غير مألوفة
لن يستمتع جميع الأطفال بالرياضات المنظمة، خصوصًا إذا لا يمتلكون القدرة على المنافسة. لكن ربّما سيستمتعون بتسلّق الصخور، أو التزلج على الألواح، أو الفنون المسرحية. وقالت جينيفر أغانز، أستاذة مساعدة بقسم الترفيه والمنتزهات وإدارة السياحة في ولاية بنسلفانيا بيونيفيرسيتي بارك، في بنسلفانيا الأمريكية، أنّ “ما حفزني على الرياضة سيرك الشباب، والترابيز نشاط شبابي يشهد رواجًا اليوم”.
وعددت رياضات أخرى مثل الرقص، واليوغا، وفنون الدفاع عن النفس، والفريسبي النهائي، وكرة الريشة، وغيرها.
التسلّل للداخل
والتمرين ليس مرادفًا بالضرورة للرياضة تحديدًا. تحرق الأعمال المنزلية سعرات حرارية، لذا بوسعك تخصيص مهام لأطفالك مناسبة لأعمارهم، تتطلب أكبر قدر من الحركة. فكر بجزّ العشب، أو التنظيف بالمكنسة الكهربائية، مقابل نفض الغبار، أو تجفيف الأطباق. وتابعت هاريسون إن أعمال البستنة يُعد خيارًا جيدًا آخر، إذ تتضمن الغرس، والري، ونزع الأعشاب الضارة، وغير ذلك.
يمكن أن تعزز المسابقات أيضًا النشاط. تحدّى ابنك المراهق لمعرفة من الأسرع بينكما بالجري، أو القيام بمعظم تمارين الجلوس، أو المشي يوميًا أو أسبوعيًا. واستخدم الهدايا الصغيرة كمكافأة. ولا تتغاضى عن العمل التطوعي، الذي غالبًا ما ينطوي على الكثير من الحركة، كأن يساعد أطفالك شخصًا ما بالتعبئة ونقل الصناديق.
تواصل مع ابنك المراهق
إذا أظهر المراهقون فجأة عدم اهتمام بنشاط يستمتعون به عادةً، اجلس وتحدث معهم. ولفتت أغانز إلى أنّ عدم اهتمامهم بالسباحة فجأة مردّه ربما إلى الإحراج الناجم عن رؤيتهم بملابس السباحة. أو ربما يريدون ترك كرة القدم لأن زميلًا جديدًا يسخر منهم، أو ليس لديهم أصدقاء في الفريق هذا العام.
وأوضحت أنّ “القيود الشخصية مثل هذه قد تمنع الناس من القيام بالأنشطة التي يحبون ممارستها بالعادة”.
أشر إلى الإيجابيات
وفيما يجد المراهقون أنشطة يستمتعون بها، تأكد من الإشارة إلى جميع الإيجابيات الناتجة عن حركتهم المتزايدة، سواء لجهة تكوين عضلات أقوى، أو النوم على نحو أفضل، أو تحقيق مستويات طاقة أعلى. هذا الأمر قد يساعدهم في الأيام التي تضعف رغبتهم بالقيام بذلك، وهذا أمر يصيب الأطفال كما الكبار.
التعليقات