التخطي إلى المحتوى

كانت لافتة، اليوم، تغريدة السّفير السعوديّ في لبنان وليد البُخاري حينما تحدّث صراحة عن أهمية اتفاق الطائف وضرورة التمسّك به.


في تغريدته عبر حسابه الخاص على “تويتر”، شدّد البخاري على أنّ “ميثاق الوفاق الوطني والذي أقره اللبنانيون برعاية عربية ودولية، ليس وهماً ولا أحجية غامضة”، موضحاً أن “ذلك الميثاق صيغَ بلسان عربيّ فصيح”.


بشكلٍ واضح ولا لُبس فيه، يمكن اعتبار تغريدة البخاري بمثابةٍ رسالة سياسية واضحة للداخل اللبناني في ظلّ مرحلة الإستحقاق الرئاسي، ومفادها أنّ الدستور واضحٌ تماماً ولا يتضمنُ أيّ غموض أو التباس عندما يتعلق الأمر بالاستحقاقات الدستورية، وبالتالي فإن أي مخالفةٍ له تعتبرُ انتقاصاً للدستور وانقلاباً على نظام الحُكم القائم. 


مع هذا، يمكُن اعتبار رسالة البخاري تأكيداً على وجوبِ الدعوة لانتخاب رئيسٍ للجمهورية بأسرع وقت ممكن، وبالتالي فإن هذا الكلامُ يُعدّ موجهاً لمجلس النواب الذي تُناط إليه مهمّة إنجاز الانتخابات الرّئاسية بحُكم الدستور. كذلك، فإن تشديد البخاري على أهمية ميثاق الوفاق الوطني يعني نفياً لكل المرحلة التي كانت قبلها. وبمعنى آخر، فإن ذاك الميثاق هو الذي يجب الركون إليه سياسياً ودستورياً، وأن أيّ ارتكازٍ لأعرافٍ قديمة لا ترتبط باتفاق الطائف لا يجب أن يتم تكريسه. 


وإنطلاقاً من النقطة الأخيرة، يتبيّن بشكل واضح أن رسالة البخاري موجّهة إلى الأفرقاء الذين يسعون لتفسير الدستور على قياسهم، وذلك من خلال ابتداعِ ثغرات في النصوص القانونية بغية الحفاظ على سلطتهم واكتسابِ بعض المغانِم من وقت الفراغ. فمن جهة، يمكن لتلك التفسيرات أن تؤدّي إلى إضاعة الإستحقاقات التي نصّ عليها الدستور صراحة، وبالتالي ضرب المؤسسات الدستوريّة في ظلّ مرحلة انهيارٍ اقتصادي صعبة.


كذلك، فإنّ ما يمكن استنتاجه من رسالة البخاري هو أن الدستور واضحٌ تماماً بشأن المرحلة المرتبطة بالفراغ الرئاسي. ففي حال حصوله، فإن الحكومة القائمة تتولى إدارة البلاد بغض النظر عن شكلها أو وضعها. إضافة إلى هذا الأمر، فإنّ بقاء رئيس الجمهورية ميشال عون في قصر بعبدا بعد انتهاء ولايتهِ تحت شعار “عدم التسليم للفراغ”، إنّما يعتبرُ انقضاضاً على الدستور ونسفاً لمضمونه، وهذا ما لن يتم القبول به لا داخلياً ولا حتى خارجياً.


هنا وبشكل واضح، تكمُن رسالة المملكة العربية السعودية البارزة بشأن لبنان، إذ أن التأكيد واضحٌ بشأن تطبيق الدستور واستمرار المؤسسات الدستورية من جهة، والحفاظ على التوزانات السياسية التي تنأى بلبنان عن أي اقتتالٍ أو حربٍ داخلية من جهة أخرى. وعلى هذا الأساس، ينبثقُ الدعم السعودي للبنان “سياسياً”، في حينِ أنّ الرهان يبقى على كيفية إنجاز الاستحقاقات وفق مقتضيات الدستور وضمن الصلاحيات المُدرجة بشكل واضح.

 

 

 

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *