وجيوبي الأنفية هذه هي الموجودة في المكان الواقع خلف أنفي وأعلاه، فأرتني بمرضها وامتلائها النجوم الحمراء في النهار إضافةً إلى تلك التي تُشِعُّ في الليل.
ولم تُرِنِي النجوم فقط بل أرتني معها كافّة كواكب مجموعتنا الشمسية، وهي عطارد والزهرة والمريخ والمشتري وزحل وأورانوس ونبتون، فضلاً عن كوكب الأرض الذي أراه كلّ يوم منذ ولادتي الميمونة في الطائف المأنوس قبل حقبة من الزمن.
وجيوبي الأنفية تُشبه موظّفاً كان يعمل تحت إدارتي منذ زمن، وكان لا يكترث بتوجيهاتي، ويعصيني في وجهي وقفاي، ويتجاوز صلاحياته، ويُقرّر حسب مزاجه وهواه، وهكذا قرّرت الجيوب لوحدها ودون أخْذ موافقتي تغيير مسار مرور البلغم المُزعج إلى خارج جسمي عبر أنفي وهو المسار الأسهل، وجعلته ينحرف ويسوق نفسه عبر الحلق وهو المسار الأصعب المصحوب بالكثير من الآلام، والإزعاج، وطيران النوم، وفرار الراحة، وحصول النكد، وظهور الإعياء، وحلول الاكتئاب، وارتفاع الحرارة، وتغيّر الصوت بمقدار كبير حتّى أنّ كلّ من كان يتّصل بي هاتفياً يقول: بسم الله الرحمن الرحيم، هل أنت طلال الإنسي أم عفريت من الجنّ؟.
حينها كان لا بُدّ لي من التوجّه السريع لإحدى عيادات الأنف والأذن والحنجرة التي استنفرت نفسها للناس بعد الرجوع للمدارس، وحازت على لقب العيادات الأكثر ارتياداً بلا منازع، وأصبح من يراجعها يحمل رقم دور انتظار ٢٥ أو ٣٠ أو ٣٥ مثلاً، ومصائب المرضى عند أصحاب العيادات فوائد.
وهنا أدرك شهرزاد الصباح، وختمت كلامها المُباح، بأنّ اعتلال الجيوب الأنفية هو في امتلائها وعدم سرعة صرف ما فيها، عكس جيوب ثوب المواطن التي تمرض بفراغها وسرعة صرف ما فيها، فسبحان الله إذ تختلف المتطابقات اسماً عن بعضها في كيفية الاعتلال، ويا أمانها كلّها، والصحّة تاج على رؤوس الأصحّاء لا يراه إلّا المرضى، ورُبّ جيوب ثوب فارغة خيرٌ من جيوب أنفٍ ممتلئة.
التعليقات