فجّر رئيس الوفد اللبناني السابق إلى مفاوضات ترسيم الحدود مع إسرائيل فضيحة مدوّية تكشف تعمّد حكومة حزب الله التفريط بمساحات شاسعة من المياه الإقليمية اللبنانية في الاتفاق الأخير لترسيم الحدود مع إسرائيل رغم أن حزب الله كان يرفض سابقاً اتفاق 17 أيار 1983 الذي يمنح لبنان أكثر من الاتفاق الحالي بكثير.
جاء ذلك في منشور مطوّل على فيسبوك كتبه العميد الركن المتقاعد بسام ياسين الذي قاد خمس جولات من التفاوض مع إسرائيل حول المياه الإقليمية المتنازَع عليها قبل أن يتمّ استبداله.
ووصف ياسين الاتفاق الجديد بالكارثي، وفنّد محاولات الترويج له، وقال: “هناك محاولة يائسة لتبيان أن لبنان انتصر من خلال اتفاق هوكشتاين المزعوم، وأن الشعب اللبناني حصل على كامل حقوقه في ثروته النفطية وأنه سيبدأ بالتنقيب عن النفط والغاز من حقل قانا ومن ثم استخراجه دون عرقلة إسرائيلية”.
وأكد ياسين أن اتفاق 17 أيار أفضل، وذلك لأن القسم الأول الفقرة “ب” من الاتفاق الجديد تنصّ على ما يلي: “يتفق الطرفان على إبقاء الوضع الراهن بالقرب من الشاطئ على ما هو عليه، بما في ذلك على طول خط العوامات البحرية الحالي وعلى النحو المحدَّد بواسطته”، وهو يعني الموافقة على إبقاء منطقة الطفافات التي تمتد إلى نحو 5 كلم من الشاطئ تحت الاحتلال الإسرائيلي وإعطائة حرية دخول مراكبه العسكرية إليها كما هو الحال الآن، وبالتالي اعتبارها منطقة أمنية له بامتياز بينما كان اتفاق 17 أيار يمنح لبنان تلك المنطقة بكاملها ومنطقة إضافية تقع إلى الجنوب.
يضاف إلى ذلك أن اتفاق هوكشتاين الحالي يُبقي نقطة رأس الناقورة ونقطة الـ B1 والنفق السياحي تحت الاحتلال الإسرائيلي، وقد تم تأجيل البحث بها إلى أجل غير مسمّى، حيث لن تأتي فرصة سانحة أخرى لحل هذه المعضلة كما هي الحال الآن، ولا سيما أن إسرائيل بحاجة مُلحّة لاستخراج النفط والغاز حالياً من حقل كاريش الذي أصبح اليوم حقاً مكتسباً لها بعد هذا الاتفاق.
ثاني الفضائح التي فجّرها ياسين كشف فيها أن استخراج النفط والغاز من حقل قانا الذي تم الترويج له على أنه انتصار هو بالواقع رهن الموافقة الإسرائيلية التي قد تمتد لسنوات طويلة.
وأوضح أن القسم الثاني الفقرة “هـ” من الاتفاقية تنصّ على أنه: “رهناً ببدء تنفيذ الاتفاقية المالية (بين شركة توتال الفرنسية وتل أبيب)، سيقوم مشغّل البلوك رقم 9 المعتمد من لبنان بتطوير كامل المكمن المحتمل حصريا لصالح لبنان”، وهو ما يعني بكل وضوح أن لبنان رهن عملية استخراج النفط والغاز من حقل قانا بموافقة تل أبيب التي ماطلت 10 سنوات للاتفاق مع قبرص حول تقاسم حقل أفروديت رغم العلاقة الودية بينهما.
ثالث النقاط التي فنّدها ياسين أكد فيها أن الاتفاقية التي تم التوصل إليها تعطي إسرائيل حق إفشال ما يعرف بالاتفاق المالي بينها وبين توتل وبناء عليه يمنحها حق التنقيب في القسم الجنوبي من حقل قانا وبالتالي أصبح لبنان رهن هذا الاتفاق المالي الذي لا سيطرة عليه لا بالمضمون ولا بالتوقيت.
كما إنه في حال فشل الاتفاق لا إمكانية للعودة للخط 29 وجعل كاريش مجدداً متنازعاً عليه حيث نص القسم الأول الفقرة “د”: “يحرم هذا الاتفاق لبنان من تعديل حدوده البحرية مستقبلاً والعودة إلى الخط 29″، وذلك من خلال إيداع عبارة في هذا المعنى كما ورد في هذه الفقرة في الأمم المتحدة، فالعودة إلى الخط 29 ممنوعة بالنص حتى لو فشل اتفاق استخراج النفط والغاز من حقل قانا بسبب عدم اتفاق توتال وإسرائيل على التعويض المالي عن حصة إسرائيل في هذا الحقل كما تدّعي.
أما آخر النقاط الخمسة، ففند فيها ياسين كذبة أن لبنان حصل على 100% من حقوقه، موضحاً أن الاتفاق يعطي 20% للبنان و 80% لإسرائيل من المنطقة المتنازع عليها وفقاً للقانون الدولي وهي المساحة الواقعة بين خط هوف والخط 29 والبالغة 1800 كلم مربع.
وأكد أنه في حال الإنصاف كان ينبغي أن يحصل لبنان على 80% وإسرائيل على 20% فقط نظراً لأن الحجج القانونية للخط 29 والموجودة عند كافة المسؤولين اللبنانيين هي أقوى بكثير من حجج خط هوف (اقترحته الولايات المتحدة عام 2012).
ولو حصل لبنان على نصف هذه المساحة بإعطاء نصف تأثير لصخرة “تخيلت” لكان حصل على 500 كلم مربع إضافية جنوب الخط 23، ولكان حقل قانا بكامله تحت السيادة اللبنانية وبالتالي استخراج النفط والغاز من هذا الحقل دون أي شروط إسرائيلية، على عكس ما هو حاصل اليوم وفقاً للنص المكتوب في هذا الاتفاق.
وفي الوقت الذي يدّعي فيه حزب الله عداءه إسرائيل، إلا أنه وبموجب هذا الاتفاق قدّم أكبر خدمة قد تحصل عليها الأخيرة نتيجة تخلّي حكومته عن حقوق لبنان البحرية فضلاً عن أن إسرائيل ستستأثر بحقل كاريش وتنال حصة من حقل قانا أو تعرقل استخراج الغاز منه بالكامل.
وكانت “دويتشه فيله” أفادت أن الاتفاق يمنح لبنان السيطرة على حقل قانا للغاز، في وسط المنطقة المتنازع عليها. لكن قد تطالب إسرائيل الآن بنسبة – نحو 17٪ ، وفقاً لوثائق مسرّبة – من أي أرباح مستقبلية من حقل قانا، ذلك بزعم أن جزءاً منه يقع في المنطقة الاقتصادية الحصرية الخاصة بها.
تابعوا آخر أخبار اورينت عبر Google News
التعليقات