التخطي إلى المحتوى

قارب جديد انطلق من السواحل اللبنانية قبل أكثر من 10 أيام وعلى متنه أكثر من 60 مهاجرا، واجه صعوبات ملاحية بعد وقت قصير من انطلاقه. المهاجرون على متنه تمكنوا من التواصل مع أقاربهم ومع “هاتف الإنذار” قبل أيام، التي قامت من جهتها بإبلاغ مالطا بأن القارب موجود ضمن منطقة البحث والإنقاذ الخاصة بها، لكن حتى الآن لم تستجب سلطات فاليتا للنداءات. المهاجرون على متن القارب في حالة معنوية سيئة للغاية، خاصة بعدما أعلنوا عن وفاة طفلين كانا معهم نتيجة شح مياه الشفه والمواد الغذائية.

العشرات من المهاجرين اللبنانيين والسوريين تاهوا في المتوسط وباتوا في وضع خطير للغاية، مع نفاد احتياطات مياه الشفه لديهم والمواد الغذائية. هؤلاء غادروا السواحل الشمالية للبنان قبل أكثر من 10 أيام، آملين بالوصول إلى الضفة الأوروبية البعيدة للمتوسط، هربا من جحيم الفقر وعدم الاستقرار. لكن بعد مرور بعض الوقت على انطلاقهم، بدأت المصاعب بالبروز أمامهم رويدا رويدا.

بداية، القارب الذي يستقلونه غير صالح للقيام بمثل هذه الرحلة، كما أنه لا يتسع لكل تلك الأعداد على متنه والتي فاقت الـ60 شخصا. شقيق أحد المهاجرين السوريين المتواجدين على القارب قال لوكالة أسوشيتد برس “إنهم يحاولون إزالة المياه المتسربة إلى القارب باستخدام الدلاء، هذا كل ما لديهم”.

الشاهد طلب من الوكالة عدم الكشف عن اسمه أو أسماء أي من الركاب لأسباب أمنية، ولأن بعض المهاجرين لا يريدون الكشف عن الخبر لعائلاتهم في الوطن، وأضاف “هذا قارب صيد مخصص لخمسة أشخاص وليس لـ60”.

المهاجرون تمكنوا من التواصل مع عدد من المنظمات المعنية بعمليات الإنقاذ في المتوسط، ومنها منصة “هاتف الإنذار”. وقالوا للمنظمات ولأهاليهم إنهم باتوا من دون طعام أو مياه شفه أو حليب للأطفال. وفقا لما تم تداوله على مواقع التواصل اللبنانية، قضى طفلان على متن ذلك القارب، وسط مخاوف من ارتفاع في أعداد الضحايا.

تم إبلاغ مالطا بموقع القارب قبل أيام

وبحسب ما ورد، تقطعت السبل بالمهاجرين بالقرب من سواحل مالطا وإيطاليا.

منظمة “هاتف الإنذار” أوردت أنه تم إبلاغ السلطات المالطية بحالة وموقع القارب، داعية إلى إنقاذ المهاجرين بأسرع وقت ممكن. لكن منذ الثاني من أيلول/سبتمبر، تاريخ إبلاغ السلطات المالطية بتلك الإحداثيات، لم يحصل شيء وبقي المهاجرون فريسة للأمواج والتيارات البحرية.

المنصة اتهمت مالطا مباشرة بالتقاعس عن أداء مهماتها وواجباتها القانونية المتمثلة بإنقاذ من يتعرضون لمشاكل ملاحية في مناطقها البحرية، ومنع أي من السفن التجارية التي تمر بالقرب من القارب من مساعدة المهاجرين.

مع مرور الوقت، باتت المخاوف لدى عائلات المهاجرين مضاعفة، مع ارتفاع منسوب المياه المتسربة لبدن القارب.

وقال الشاهد لأسوشييتد برس “كلما اتصلت أسمع صراخ الأطفال وبكاءهم في الخلفية. لا أعرف لماذا لم تتخذ أي حكومة إجراءات لإنقاذهم. هل لأنهم فقراء يحاولون تغطية نفقات عائلاتهم؟”.

محاولات هجرة شبه يومية

يذكر أن لبنان يعاني اليوم من أسوأ أزمة اقتصادية في تاريخه، يضاف إليها سلسلة من الأزمات السياسية والاجتماعية، جميعها ساهمت بانهيار الاقتصاد المحلي وارتفاع نسب الفقر في البلاد لتتخطى 80%، فضلا عن نسب البطالة وانعدام الأمن الاجتماعي.

يبلغ عدد سكان لبنان 6 ملايين نسمة، من بينهم نحو مليون لاجئ سوري وخوالي 180 ألف لاجئ فلسطيني. مع تفاقم الأزمة، انطلق المزيد من اللاجئين اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين إلى البحر، وباتت أخبار إحباط عمليات الهجرة الجماعية عبر البحر أو نجاح قوارب بالوصول إلى وجهاتها شبه يومية.

للمزيد>>> لبنان: إحباط عمليات هجرة للعشرات من اللبنانيين والسوريين والفلسطينيين من السواحل الشمالية باتجاه أوروبا

تضمنت هذه الحالات مجموعة من حوالي 65 شخصا اتصلوا بـ”هاتف الإنذار” في 30 آب/أغسطس، تمت إعادتهم في النهاية إلى تركيا من قبل خفر السواحل اليوناني.

في 31 آب/أغسطس، مجموعة من حوالي 80 شخصا تم إنقاذها من قبل مالطا. وفي الثاني من أيلول/سبتمبر الجاري، أنقذت سفينة تجارية نحو 60 شخصا، انطلقوا من لبنان أيضا، ونقلتهم إلى مالطا.

وفي الثالث من أيلول/سبتمبر أيضا، تمكنت مجموعة أخرى من حوالي 80 شخصا من الوصول إلى سواحل روتشيلا الإيطالية.

منصة “هاتف الإنذار” أعربت في تغريدة على حسابها على تويتر عن ارتياحها لوصول “ثلاثة قوارب في نهاية المطاف إلى بر الأمان في أوروبا، على الرغم من أن السلطات في حالتين أخفقت في تقديم المساعدة لساعات عديدة وعرّضت أرواحا للخطر دون داع. تم دفع مجموعة واحدة بعنف من قبل خفر السواحل اليوناني، ليس إلى لبنان، مكان المغادرة، ولكن إلى تركيا. يستمر نظام الصد المنهجي في تعريض الأرواح للخطر وإلحاق المعاناة بالآلاف. لا يزال هناك قارب واحد في محنة طارئة ولم تقدم السلطات المالطية واليونانية المساعدة. نحث السلطات على إنقاذ الناس إلى مكان آمن”.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *