وتصادف الذكرى العشرين من شهر صفر بحسب التقويم الهجري الذي يتزامن هذا العام مع تاريخ السبت 17 تشرين الأول بحسب التقويم الميلادي. وأربعينية الحسين من أبرز المناسبات الدينية لدى الشيعة، يحيونها بزيارة ضريح الحسين بن علي بن أبي طالب، ثالث الأئمة لدى الشيعة في كربلاء وضريح أخيه أبو فضل العباس المجاور له.
واستشهد الحسين مع أتباعه وأفراد عائلته في واقعة الطفّ في كربلاء عام 680 (61 للهجرة)، ودفن فيها، في المكان الذي أقيمت فيه العتبة الحسينية. ويقال إن المختار بن أبي عبيد الثقفي كان أوّل من شيّد مقاماً حول ضريح الحسين، في عام 65 للهجرة، واستمرّ تشييده على مراحل في عهد الخلفاء العباسيين.
يسمّى الضريحان بالحرمين عند الشيعة، ويضمّ مقام الحسين مسجداً يعدّ من جواهر الفنّ المعماري الإسلامي، ويمتاز بمئذنته المذهبة، والزخارف على جدرانه وقبته. يحتضن المقام مدفن الحسين، ومدافن ابنيه علي الأكبر وعلي الأصغر، و 72 من أصحابه الذين قتلوا معه.
مواساة السبايا
هذا الطقس الديني الضخم يقوم على السير لمسافات طويلة من مدن العراق الأخرى، وصولاً إلى كربلاء. فمن البصرة، تنطلق القوافل سيراً على الأقدام قبل عشرين يوماً من الأربعين. ومن إيران التي يفد منها بعض الزوار مشياً أيضاً تنطلق المسيرات قبل شهر من الأربعين. أمّا بالنسبة للزوار القادمين من دول أخرى جواً، فيحيون الذكرى بالسير على مدى يومين متواصلين من النجف حيث مقام الإمام علي بن أبي طالب، باتجاه كربلاء.
مقام أبو الفضل عباس
يعد السير على الأقدام أشبه بمواساة لأهل بيت الحسين الذين ساروا لمسافات طويلة بعد عودتهم من الشام. بعد واقعة الطف، سبيت زينب أخت الحسين ومن كان معها من أصحابه وأفراد عائلته وأولاده. وفي طريق عودتهم إلى المدينة، مررن بكربلاء لزيارة قبر الحسين.
محجة الشيعة
خلال زيارة الأربعين، يغادر الكثير من الشيعة اللبنانيين بيوتهم عبر حملات منظمة، لزيارة النجف وكربلاء. وقد انتشرت ممارسة هذا التقليد خلال السنوات العشر الماضية بشكل ملحوظ، مع تسهيلات توفرها الحملات المختصة بالزيارة. كما سهّل تبدل الوضع السياسي في العراق بعد سقوط نظام صدام حسين، من ممارسة الشيعة للشعائر الدينية.
يزور الشيعة ضريح الحسين في الأربعين بشكل أساسي، ولكنهم يزورنه أيضاً في يوم عرفة، وفي ليلة القدر، إلى جانب ذكرى مقتل الأئمة أو ولادات “أهل البيت” وفي معظم المناسبات الدينية الشيعية، سواء كانت حزينة أو سعيدة.
وفي ذكرى الأربعين، يفتح العراقيون أبوابهم للزوار، وتتولى العتبة الحسينية تأمين الخدمات اللوجستية. هكذا، تمتدّ مستوصفات تطوعيّة على طول الطريق من النجف نحو كربلاء (80 كيلومتر تقريباً)، لمساعدة من قد يعانون من وهن أو يحتاجون الى إسعاف.
في هذه المسيرات، كلّ يحمل نذوره، وصلواته، وباتت على مرّ السنوات تقليداً من صلب عادات المجتمع العراقي.
التعليقات