التخطي إلى المحتوى

أبوظبي: عدنان نجم
بدأ العديد من الأفراد والعائلات مؤخراً، بالتوجه نحو الخيارات المستدامة، سواء في اختيار مساكنهم التي توفر في استهلاك الطاقة وتحافظ على البيئة، أو في قيادة سيارات كهربائية أو هجينة، تقلل من الانبعاثات الكربونية، وتسهم في تحسين البيئة، أو عبر توفير الخدمات الصديقة للبيئة.

وقد سارعت العديد من الشركات العقارية إلى إطلاق مشاريع سكنية تتناسب مع الاستدامة، عبر تطبيق نظام التقييم بدرجات اللؤلؤ للمباني التابع لبرنامج «استدامة» لتصنيف المجتمعات العمرانية، واستخدام مواد وأجهزة تحقق كفاءة في استهلاك الطاقة مقارنة بالمباني التقليدية، ومعدلات استهلاك أقل في المياه، واعتماد أنظمة تدوير للنفايات. وتجري الاستفادة من المشاريع العقارية في توليد الطاقة الشمسية من خلال الألواح المثبتة على أسطح المباني، والتي تسهم في توليد طاقة قد تكفي احتياجات المشروع، ويجري توريد الطاقة الفائضة إلى شبكة الكهرباء المحلية.

كما اتجه البعض لاختيار وقيادة سيارات تراعي البيئة وتسهم في خفض انبعاثات الكربون، مثل السيارات الهجينة، والسيارات الكهربائية، خاصة أن دولة الإمارات قد دخلت مجال تصنيع السيارات الكهربائية مؤخراً، عقب إطلاق سيارات «الدماني» الكهربائية التي ستتوفر في أسواق الإمارات ودول المنطقة خلال العام الجاري، وتعتمد على الطاقة الكهربائية 100%.

تنمية مستدامة

يقول الدكتور علي العامري رئيس مجلس إدارة مجموعة الشموخ: «الاقتصاد الأخضر هو الذي يقلل من الانبعاثات الكربونية، وتزداد فيه كفاءة استخدام الموارد، ومن المؤديات إلى تطور ونمو البشرية، وتقليل الأخطار والندرة البيئية واستخدام الموارد بكفاءة».

وأضاف د. العامري: «تعتبر الإمارات من الدول الأولى التي أطلقت مبادرة وطنية لبناء اقتصاد أخضر لتنمية مستدامة، وقد أصبحت الإمارات رائدة في هذا المجال، ومركزاً لتصدير وإعادة تصدير المنتجات والتقنيات الخضراء، مع الحفاظ على بيئة مستدامة».

وتابع بالقول: «لقد بدأ التخطيط العمراني في سَن قوانين وتطبيقها للحفاظ على البيئة، ورفع كفاءة المساكن والمباني بيئياً، وتشجيع وسائل النقل الصديقة للبيئة، إضافة لبرامج تهدف لتنقية الهواء الداخلي للمدن في دولة الإمارات، لتوفير بيئة صحية وإنتاج واستخدام الطاقة المتجددة، وتشجيع استخدام الوقود النظيف لإنتاج الطاقة، وتطوير وتعزيز كفاءة استهلاك الطاقة، كذلك رأينا مشاريع إعادة تدوير المخلفات الناتجة عن الاستخدامات، التجارية أو الفردية، وتحويلها إلى طاقة، ومنع استعمال، أو الحد من المواد البلاستيكية.

توجه متزايد

ويقول ناصر المرزوقي مدير عام شركة «ريم الإمارات للألمنيوم»، والمتخصصة بتصنيع الواجهات الزجاجية للمباني والأبراج السكنية: تم تبني تطبيق مبادئ الاستدامة تحت رؤية قيادتنا الرشيدة من أجل تحقق التوازن بين حماية البيئة، والمحافظة على مواردنا الطبيعية، وتحقيق التنمية الشاملة والمستدامة تماشياً مع معايير المبادرة العالمية للتقارير وأهداف التنمية المستدامة 2030 التي أطلقتها الأمم المتحدة، والتي تهدف إلى تحسين الظروف المعيشية لكل فرد في المجتمع، وتطوير وسائل الإنتاج وأساليبه، والحفاظ على الموارد الطبيعية وحماية البيئة لبناء مستقبل مشرق للأجيال القادمة.

وأضاف المرزوقي: بفضل الجهود والمبادرات المستمرة التي تطلقها حكومة دولة الإمارات لتوعية مختلف شرائح المجتمع بأهمية الحفاظ على مواردنا الطبيعية، وتبني أسلوب حياة مستدام وتحقيق التوازن البيئي، والحفاظ على الموارد الطبيعية وترشيد الاستهلاك من أجل بناء اقتصاد قوي ومستدام، لاحظنا بكل فخر زيادة وعي المستخدمين بالاتجاه نحو الخيارات المستدامة الخضراء، سواء في مجال أعمالهم، أو منازلهم مثل الاتجاه للبناء المستدام، وشراء السيارات الهجينة أو الكهربائية الصديقة للبيئة، واستخدام التقنيات الذكية ذات الاستهلاك المنخفض للطاقة، واستخدام ألواح الطاقة الشمسية فوق اسطح المنازل، إضافة إلى زيادة وعي المستخدمين لتغيير سلوكهم الاستهلاكي للحفاظ على الموارد الطبيعية بترشيد استهلاك المياه والقوارير والأكياس البلاستيكية والورق والحفاظ على نظافة البيئة والمحميات الطبيعية.

مسؤولية مجتمعية

بدوره، يقول رجل الأعمال حمد العوضي عضو مجلس إدارة غرفة تجارة وصناعة أبوظبي سابقاً: «توجد مسؤولية مجتمعية وأخلاقية تجاه المجتمع والبيئة والأجيال القادمة، ما يلزم الإنسان الترشيد في الاستهلاك في كثير من الموارد، الطاقة والكهرباء والمياه، واستخدام مواد قابلة للتحلل، وتقليل استخدام وسائل النقل التي تلوث البيئة، وغيرها».

وأضاف العوضي: «يوجد بعد اقتصادي من المهم النظر إليه، حيث يجب على الجميع المساهمة فيها، مثل التوجه لاستخدام وسائل بديلة وصديقة للبيئة ومستدامة، بدلاً من الوسائل التقليدية التي تضر البيئة وتتسبب بانبعاثات الكربون، وقد يتمثل ذلك بالتوجه لشراء واستخدام السيارات الكهربائية، وتصميم وإنشاء المباني الموفرة في الطاقة وغيرها، ومن المهم تطبيق هذا الأمر عبر مجموعة تشريعية ومبادرات تحفيز، وإطلاق حملات تثقيفية للمستهلك، والحرص على توفير البديل الصديق للبيئة بسعر رخيص ومنافس، كل ذلك لتشجيع الأفراد على استخدام المنتجات الخضراء».

إدراك وفهم

يقول الدكتور عبد الرحمن العفيفي الرئيس التنفيذي لشركة «تمكن العقارية»: «لقد أصبح لدى الناس إدراك ووعي وفهم لموضوع الاستدامة وأهميتها في حياتهم اليومية، حيث يوجد الآن توجه عالمي للتركيز على مسألة الاستدامة».

وأضاف د. العفيفي: «نلاحظ في الفترة الراهنة توجه من المستخدمين نحو الخيارات المستدامة والخضراء، ما يساعدهم في تقليل التلوث، والعمل على الاستخدام الفعال والأمثل للموارد، وتخلق الاستدامة بيئة صحية للمستخدمين أنفسهم».

وتابع بالقول: «كما أن اتباع الطرق المستدامة يقلل من النفايات، ما سيكون له آثار إيجابية على المدى الطويل للمستخدمين، حيث يوجد لديهم وعي وثقافة بأهمية هذا الأمر».

أساليب الحياة

من جهته، يقول عرفان تانسل المدير التنفيذي للمسعود للسيارات: «نشهد اهتماماً من قبل المستخدمين بأساليب الحياة المستدامة والخضراء، وتدل الأبحاث على هذا الشيء، حيث يفضل الجيل الجديد اختيار السيارات الصديقة للبيئة ذات الانبعاثات الكربونية المنخفضة».

ويضيف: «يصعب مقارنة أسعار السيارات الكهربائية أو الهجينة بالسيارات التقليدية، ويتوقع أن يجري تصنيع سيارات كهربائية من جميع المستويات، البسيطة الرخيصة، أو الفاخرة مرتفعة الثمن، وقد يشعر المستهلك بأن سعر السيارة الكهربائية أو الصديقة للبيئة مرتفع قليلاً، ولكن على المدى البعيد سيوفر كلفة وقود وخدمات، ولكن هذا الأمر لا يطبق على كل شيء، حيث يتوقع أن يوجد توجه للجهات المعنية في ما يتعلق باستخدام السيارات الصديقة للبيئة والتشجيع عليها، خاصة ما يتعلق بشحن السيارات، إذ سيكون بشكل مجاني، أو مدفوع في المستقبل، لأن شراء شاحن لبطارية السيارة واستخدامه في كراج السيارة في المنزل سيرفع فاتورة الكهرباء، مع العلم أن السيارات الكهربائية قد تطورت عن السابق».

اهتمام بيئي

يقول رضا مسلم الخبير الاقتصادي والمدير العام لشركة «تروث للاستشارات الاقتصادية والإدارية»: «أرى أن التوجه العام نحو استخدام كل ما هو مستدام أو أخضر، وقد شهدنا مؤخراً توجهاً نحو استخدام الطاقة الشمسية، لكونها لا تسبب أي انبعاثات، وصديقة للبيئة، رغم ارتفاع أسعارها في السابق، ويوجد فيها تطور مستدام وقد تشهد تحديثات تجعلنا نستفيد من الألواح الشمسية بشكل أمثل وأفضل وتنتج الطاقة بشكل أكبر».

وأضاف: «الاهتمام بالبيئة أمر ضروري عبر وجود الأشجار والمساحات الخضراء حول المنازل والمساكن، إلى جانب استخدام المواد التي توفر في الطاقة بالبناء، والاعتماد على الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء، حيث يعزز ذلك من ثقافة الاستدامة والحفاظ على البيئة، وقد لاحظنا استخداماً للألواح الشمسية في بعض البلدان لتوليد الطاقة، حيث إن هذا الأمر يوفر في فاتورة الكهرباء، خاصة أن توليد الطاقة بشكل عام في العالم مكلف».

وتابع بالقول: «وتعتبر مدينة «مصدر» النموذج الأمثل الذي يجب أن نحتذي به، حيث تعتمد على الطاقة الشمسية في توليد الكهرباء التي تحتاج إليها، وتتميز بنقاء الهواء وانخفاض التلوث، وتوفر بذلك من التكاليف الكبيرة في توليد الطاقة عبر المصادر التقليدية».

وتطرق مسلم إلى التغير المناخي الكبير، وما سبّبه من جفاف للأنهار، وغيرها من الحالات الطبيعية الطارئة، مشيراً إلى «توحّش» الإنسان في استخدام الطاقة الأحفورية والتقليدية، حيث إن الانبعاثات الكربونية قد أضرت بالبيئة.

مدن ومشاريع مستدامة

يقول الدكتور أيوب الفرج الرئيس التنفيذي لمجموعة «كي إم كي»: «يجب خلال السنوات القليلة المقبلة التركيز على المدن والمشاريع الحديثة المستدامة، بحيث تركز عليها جميع الدول، من أجل تحقيق اقتصاد متقدم عبر توفير المنازل والخدمات الذكية، واستخدام السيارات الكهربائية، وبذل كل هذه الجهود للحفاظ على البيئة واستدامتها».

وأضاف د. الفرج: «قد يتطلب تطبيق هذه الأمور والتوجه لها بعض التكاليف، إلا أننا نوفر في ذلك من الموارد، ونحافظ عليها للأجيال القادمة، وكذلك نحافظ على الطاقة واستخدامها بشكل مثالي، واعتماد عمليات تدوير النفايات والاستفادة منها بشكل افضل».

خليفة المحيربي: كُلفة البناء المستدام أقل

يقول خليفة سيف المحيربي رئيس مجلس إدارة شركة الخليج العربي للاستثمار: «لقد كانت دولة الإمارات سبّاقة في إطلاق المشاريع العقارية والسكنية الصديقة للبيئة؛ وذلك ضمن الجهود العالمية للحد من الانبعاثات الكربونية، والجهود المبذولة للمحافظة على البيئة للأجيال القادمة، وقد نجحت الدولة في إطلاق مشاريع عالمية في مجال الاستدامة، وأكبر دليل على ذلك مدينة مصدر التي تعد المدينة المستدامة الأولى من نوعها في المنطقة؛ حيث يجري استخدام مواد تقلل من انبعاثات الكربون، وتخفض من استهلاك الطاقة، كما يجري توليد الطاقة الكهربائية من الألواح الشمسية المنتشرة في المدينة ومرافقها».

وأضاف: «كما شهدت الدولة إطلاق مشاريع مماثلة في أبوظبي ودبي، وقد لاقت اهتماماً وإقبالاً كبيرين من قبل المستثمرين والجمهور الذين حرصوا على شراء وتملك وحدات سكنية بها؛ حيث إن أسعارها تعد أقل من حيث الكُلفة مقارنة بالمشاريع التقليدية؛ إذ ارتفع الاهتمام بها في ظل توفر مساحات خضراء، واعتماد الطاقة الشمسية في إنارة الشوارع والطرقات، واستخدام مواد صديقة للبيئة».

وشدد المحيربي على أهمية وجود ثقافة ووعي بالاتجاه نحو المشاريع العقارية الخضراء، التي تعد الأنسب والأمثل للعيش، بفضل البيئة التي توفرها للمقيمين والمستخدمين، مشيراً إلى أهمية إطلاق مبادرات وحوافز للتوجه نحو البناء الأخضر والمستدام، والذي من شأنه أن يحافظ على البيئة ويقلل من الانبعاثات الكربونية على المدى البعيد.

وتطرق إلى توجه الجمهور نحو استخدام السيارات الكهربائية أو الهجينة، على الرغم من ارتفاع أسعارها، موضحاً أن هذا القطاع سيأخذ دوره بشكل أكبر في المستقبل في ظل رغبة السائقين والمستخدمين بتوفير تكاليف الوقود.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *