وشربت صاحبة الـ40 عاما المهنة، التي ربما لم تجد فيها الراحة نظرا لصعوبة إعداد الحلوى، حيث يتطلب ذلك جهدا جسديا وعضلات مفتولة، إضافة إلى خبرة وتركيز، وإلا فسدت “الطبخة” وذهب كل شيء هباء.
من هي ميرنا الغرمتي؟
لمع اسم ميرنا في سوق صيدا البحري خصوصا بعد إدارتها مصنع حلويات راحة الحلقوم الذي أسسه والدها الراحل.
وهي الصغرى في عائلة صيداوية مؤلفة من 5 بنات و3 شبان، شقوا طريقهم في الحياة كلّ باتجاه، وباستثناء ميرنا، بعيدا عن هذه المهنة التي لم يجدوا فيها الراحة.
وقالت الغرمتي في حديث خاص لموقع “سكاي نيوز عربية”:
• “ورثت عن والدي إعداد حلوى الراحة بأشكالها، وهي متنوعة ولكل منها مذاق خاص”.
• “كنت أساعده في عمر 12 سنة. بعد انتهاء حصة المدرسة مباشرة أعود إلى المصنع الصغير، لأجد هناك راحتي وأدرس إلى جانبه”.
• “ورثت المهنة منه بدقة. والدي كان مخضرما في صنع هذا النوع من الحلوى، وحاولت أن أتابع أدق الملاحظات منه وأطبقها. كان مغرما بهذه المهنة وحريصا على زيارة المصنع في أواخر أيام مرضه قبل وفاته”.
• “رغم أن لبنان يمر بأزمة صعبة، يقبل الناس على متجري من الداخل والخارج طلبا للحلوى المميزة التي أصنعها”.
• “أدت الأزمة الاقتصادية والمعيشية الخانقة في لبنان إلى تراجع بيع هذه الحلوى، إلا أنها بقيت سيدة الحلويات بلا منازع”.
وفي ذكرى المولد، يقبل أبناء مدينة صيدا والجوار على طلب راحة الحلقوم، وهي عادة لبنانية قديمة وصيداوية خصوصا، وهذه الحلوى طرية ومحشوة بالفستق الحلبي أو الجوز أو البندق أو جوز الهند أو المستكة، ولكل منها سعر.
وارتفعت أسعار حلوى راحة الحلقوم مؤخرا حسبما تقول ميرنا، بسبب ارتفاع كلفة المواد المصنعة منها، لا سيما الجوز والبندق والفستق الحلبي، لكنها لا زالت مرغوبة.
كيف تعد ميرنا الطبخة؟
توضح المتحدثة: “نخلط النشاء والسكر وملح الليمون والمستكة والماء على النار في إناء نحاسي، ونحرك الخليط لنحو ساعة بالمسواط (ملعقة خشب طويلة) حتى تصير عجينة، ثم نمده في قوالب خشبية ونقطعه إلى مكعبات صغيرة، قبل أن ينثر السكر الناعم عليه ويلف يدويا في أوراق خاصة من دون استعمال آلات”.
و”رغم التعب الذي يستلزمه تحضيرها، يصبح اسمها (راحة)”.
وتحتفظ ميرنا بسر صناعتها الصيداوية الخالصة، ولا تبوح لأحد بالمقادير وطريقة التحضير لأنها تتذكر وصية والدها: “لا تكشفي سر المهنة لأحد”.
وتستطرد: “كل همي ارتباط اسمي باسم والدي الذي يبقى حيا في السوق”.
وتتابع: “تزوجت وعملت وعشت مع والدي في البيت نفسه. اليوم أواصل صناعة أسسها بشغف. إنها ليست مجرد مهنة لكسب قوت اليوم، بل إرث يجب الحفاظ عليه كجزء من ذاكرة مدينة صيدا وتاريخها وتقاليدها”.
وأضافت الغرمتي: “تعلم والدي هذه المهنة من خاله المعلم محمد النقوزي ابن صيدا، وهي في الأساس حلوى تركية المصدر”.
وإلى جانب ذكرى المولد النبوي، توزع راحة الحلقوم كنوع من “الرحمة” على الفقير، كذلك تُقدم قطعها المكعبة للضيوف.
ويكثر توزيع مكعبات راحة الحلقوم عند مداخل المساجد، عُلبا مختومة، “رحمة” على الفقراء، أو تكريما لعزيز ميت، وأيضا في دور الأيتام والمدارس، كما تزدهر حلوى “الملبن” المصنع من راحة الحلقوم في عيدي الأضحى والفطر كل عام.
التعليقات