تزامناً مع تحركات النساء حول العالم، تضامناً مع حركة الاحتجاج في إيران التي أشعلها مقتل الشابة الكردية مهسا أميني، بعد أن اعتقتلها “شرطة الأخلاق”، دعت مجموعات من النسويات اللبنانيات إلى وقفتين تضامنتين، اليوم الأحد، أمام السفارة الإيرانية، وأمام المتحف في بيروت. وذلك تنديداً بممارسات النظام الإيراني تجاه النساء، وللمطالبة بحمايتهن من النظام المتشدد والقامع.
وأتت هذه الوقفة الاحتجاجية، بالتزامن مع مسيرات متنوعة في عدة مدن حول العالم، ومنها: نيويورك، برلين، باريس، اسطنبول، ستوكهولم..
إجراءات مشددة وتهديد صريح
وقد نشرت النسويات والناشطات اللبنانيات دعوةً للإعتصام أمام السفارة الإيرانية، فتبادلها رواد التواصل الاجتماعي، إلا أنهن تعرضن للتهديد من مجموعة تابعة لحزب الله. إذ منعهم من الاقتراب من السفارة الإيرانية، مؤكداً لهم أن أي اعتصام أمام السفارة الإيرانية، سيواجه ويفضّ بالقوة.
وفي جولة “المدن” في محيط السفارة الإيرانية، عند العاشرة صباحاً، بدت المنطقة خالية تماماً من أي تحرك نسائي، ولكنها امتلأت بالعناصر الأمنية التي أقفلت مداخل السفارة كلها بعناصر الجيش والقوى الأمنية. كما انضم إليهم عناصر تابعين لمخابرات الجيش، وعناصر من حزب الله. وتوزعوا في كل زوايا المنطقة على دراجاتهم النارية وفي الآليات العسكرية، وذلك استعداداً منهم لفض أي اعتصامٍ. في حين أن الناشطات ألغين اعتصامهن بسبب كثرة التهديدات التي وصلتهن، وقررن تحديد احتجاجٍ واحد أمام المتحف فقط.
في تمام الخامسة مساءً، تجمعت الناشطات أمام المتحف في بيروت، ورافقتهن ناشطات أجنبيات وعربيات وحملن شعارات متنوعة، تدين الإعتداء الإيراني على النساء، ومنها “جسمي وشعري مش ملك حدا غيري”، “غضبنا واحد، نضالنا واحد”، “أجسادنا لنا”، وغيرها.. وذلك تعبيراً منهن على حقهن في أجسادهن.
زن زندكي آزادي
ورفعن يافطة كبيرة تحمل شعاراً إيرانياً “زن زندكي آزادي” والذي يعني “نساء، حياة، حرية” وذلك تعبيراً عن غضبهن من استمرار التعدي على النساء، وطالبن بإعطاءهن كامل حريتهن في اختيار الحياة التي يرغبنها، إذ لا يحق لأي سلطة أو مرشد أو ولي أو نظام أن يتحكم في حياة النساء. وستعلق هذه اليافطة على أحد الجسور الكبيرة في بيروت بعد انتهاء هذه الوقفة التضامنية.
ناشطات إيرانيات
وضمت الوقفة مجموعة من الشابات الإيرانيات اللواتي رفضن الإدلاء بأي تصريح لأسباب أمنية، كما شاركت مجموعة من الشابات المحجبات اللواتي قدمن من مختلف المناطق للمشاركة. هذا عدا عن انضمام شبان لتشجيع الناشطات على المطالبة بحقوقهن وحقوق النساء في العالم أجمع.
ورددت الناشطات النشيد النسوي الإيراني، وقدمن بياناً أمام المنابر الإعلامية، واعتبرن أن شوارع إيران باتت اليوم مسرحاً لنضالات النساء، وخروج الإيرانيات إلى الشارع هو رفض واضح للمنظومة الأبوية والقامعة التي تتحكم في حياة النساء، وتستعمل أجسادهن لفرض هيمنتها وسلطتها.
الربيع الإيراني
ورفعت الناشطات شالاتهن عالياً، وأمسكن بصور مهسا أميني وبخصل من شعرهن وهن يرددن عبارات عن الحرية والعدالة المسلوبة في العالم. وشبهن الانتفاضات الإيرانية التي تحصل اليوم في طهران بموسم الربيع والورود. وأكدن أن هذه الإنتفاضة يجب أن تمتد إلى لبنان ودمشق وبغداد وفلسطين لحماية النساء من النظام الأبوي القمعي.
انضمام شيخ وطرده
وخلال الوقفة التضامنية، انضم الشيخ عباس يزبك إلى الناشطات للتضامن معهن ومساندتهن، وفور وصوله ألقى عليهن التحية، وطلب الانضمام والوقوف إلى جانبهن، وأكد لهن أن النظام الإيراني نظام قمعي، وما يحدث في إيران اليوم معيب. إذ يجب حماية النساء من الاعتداء، وإكرامهن والحفاظ عليهن، كما يجب إعطاء النساء حقوقهن في العيش بكرامة.
إلا أن الناشطات رفضن انضمام يزبك، ورفعن عبارات تدين المحاكم الجعفرية الظالمة للمرأة المسلمة، ورفضن التكلم معه على اعتبار أن هذه الوقفة هي للنساء فقط وهي “ضد الدين” وكل الأنظمة الدينية. لذا، يمنع تضامن أي مرجع ديني معهن. وأكدن أن الفساد داخل عمامة الشيوخ. وتقدمت ناشطة ووضعت شعار “لا إكراه في الدين، فأي إله تعبدون” أمام وجه الشيخ، وطلبت منه حمل هذه اليافطة ولكنه رفض. كما منعت المحتجات الإعلام من التواصل معه أو تصويره، وطلبن منه أن يتضامن مع المحاكم الجعفرية ومجالس الشيوخ، ورددن قصص نساء حرمن من أطفالهن بسبب القانون الجعفري والمحاكم الطائفية ومنها ليليان شعيتو، ونادين جوني. وبسبب إصرار الشابات على طرده، انسحب يزبك من الوقفة التضامنية.
حتى اليوم، لا تزال النساء تعاني من القهر والظلم. ويعلمن جيداً أن ثمن الحرية الدم، وهناك الكثيرات من مهسا أميني سيدفعن بأرواحهن ثمناً للحصول على بعض حقوقهن.
التعليقات