كان أرت بكوالد أمير الكتابة الدعابية في الصحافة الأميركية من دون منازع في القرن الماضي. وكان عموده في «الواشنطن بوست» يُنشر في الوقت نفسه في 550 مطبوعة حول العالم. في كتاب جديد عن سيرته «تجارة مضحكة: حياة أرت باكوالد الأسطورية» استعادة لتاريخ رجل شبههُ البعض بالكاتب الساخر مارك توين، والبعض الآخر بالسياسي بنجامين فرانكلين، في تغليف العمق بالبساطة اللاذعة.
لم ينجُ من مضحكاته أي رئيس أميركي على مدى عقود. قال ريتشارد نيكسون، «أنا لا أقرَأه، لأنه ليس مضحكاً ولا جدياً». وقال باكوالد: «أنا أحب نيكسون كثيراً وأفضاله عليّ ككاتب ساخر لا تُحصى. لذلك سوف أرشحه لولاية ثالثة». وشعر بالوفاء نفسه للرؤساء الآخرين: «إنني أعشق الرمال المتحركة التي يمشي عليها الرئيس جيمي كارتر باستمرار». وفي إشارة إلى فضيحة مونيكا لوينسكي قال: «أنا معجب بالرئيس بيل كلينتون لأسباب واضحة». ووحده جورج دبليو بوش خيب آماله: «لا شيء للكتابة عنه. مضجر حتى الملل».
كان في دعابته وسخرياته يساهم في دعم القضايا الكبرى. وقد عارض طويلاً السماح بحمل السلاح الذي يجيزه الدستور، وكتب أن الحل هو في إصدار قانون يقضي بقطع أصابع الإطلاق عند الولادة، فليس في الدستور ما يمنع ذلك. وفي انتقاد لصناعة السيارات في ذروة الحرب الفيتنامية، كتب أن من الأفضل إهداء السيارات المسحوبة بسبب عطل إلى الفيتناميين الشماليين وهي ستتكفل بهم.
لم يجد جون كيندي رداً على سخريات بكوالد إلا بقطع اشتراكات الجريدة التي يكتب فيها عن البيت الأبيض. وأمر ليندون جونسون بوضعه تحت المراقبة. وكان الأميركيون يثقون بما يكتبه بحيث صدق بعضهم فعلاً «أن لا وجود لإدغار هوفر» مدير «إف بي آي».
مثل قصص كثيرة كان الرجل الذي يضحك أميركا، يعاني من اكتئاب شديد ويصارع معه. ولم يكشف عن مرضه إلا في عام 1991، وذات مرة أُدخل المستشفى في غيبوبة، لكنه ما لبث أن أفاق منها، وعاد إلى الكتابة، ووضع كتاباً بعنوان «أفقتُ من أجل أن أكتب مرة ثانية».
التعليقات