ليس من قبيل التحامل ، يمكن تشبيه حالة باسيل بمثال الدب الذي أراد طرد الذبابة من وجه سيده فعمد إلى رمي صخرة على وجهه لتفر الذبابة نحو الاعالي .الرجل يتعامل مع أزمة مستعصية باستسهال إشعال المواجهات سياسيا، كما تنظيميا.
فوفق الاجواء داخل “التيار” ، حاول باسيل خلال الأسبوع الفائت تحقيق 3 أهداف دفعة واحدة، تكريس شروطه في تشكيل الحكومة عبر تصعيد رئيس الجمهورية وتبنيه مطلب توسيع الحكومة كمعبر إجباري لتشكيلها قبل نهاية العهد، ومن ثم تعيين محقق عدلي رديف للقاضي طارق بيطار بقضية المرفأ ، واخيرا طرد دفعة من المعارضين داخل “التيار”.
الرابط المشترك، يكمن في شعور باسيل بأن نهاية عهد عون أصبحت أمرا واقعا، ولا بد من التحايل على الحقيقة عبر محاولة تكرار نهاية عهد الرئيس السابق امين الجميل 1988، لناحية تعيين حكومة عسكرية بوجه حكومة الرئيس سليم الحص المستقيلة. وعلى غرار عمه فإن توزير باسيل في حكومة اللحظات الأخيرة قد يتيح له مسك مقود الحكم من باب تمثيل صلاحيات رئيس الجمهورية.
هذا الأمر، وفق الاعراف العوني يتطلب شد العصب ويستلزم التلطي خلف شعار حفظ الحقوق المسيحية من جديد، لذلك يعمد باسيل إلى رفع حدة خطابه بوجه الرئيس المكلف ، كما رئيس المجلس النيابي، على إعتبار حاجته الملحة إلى خصومة جارحة ، علما بأن الازمة في تشكيل الحكومة تتعلق حصرا بشروط باسيل ومطالبه.
بموازاة ذلك، يحتاج باسيل إلى صقور جارحة داخل “التيار” فاراد تحقيق هدف مزدوج عبر التدخل وتعيين محقق رديف في قضية مرفأ بيروت،حيث لا أمل بإطلاق سراح مدير عام الجمارك بدري ضاهر الا خلال عهد عون، بالمقابل يحافظ على سطوته داخل “التيار” بكونه قادرا على حماية رجاله المخلصين مهما كانت المعوقات.
تأتي القضية الأساس، وهي عمق أزمة “التيار الوطني الحر” بعد إنقضاء عهد الرئيس عون، حيث من المرجح ان تبرز المراجعات حول أحوال “التيار” على مختلف الصعد ، خصوصا وان أجواء قواعد “التيار” بدأت تشهد نقاشات معمقة تتضمن تحميل رئيس “التيار” مسؤولية مباشرة عن حالة الانحسار الشعبي والسياسي، وهو أصر على استهداف رموز لها تاريخها كتمهيد لسيطرة شاملة على “التيار” وتحويل نفسه الرمز الأوحد خلفا لشخصية المؤسس الجنرال ميشال عون.
في الخلاصة، عمد باسيل إلى الهجوم كأفضل وسيلة للدفاع، على مختلف الجبهات الحكومية والسياسية والتنظيمية، رغم الشكوك بقدرته على اثارة كل هذه الخلافات دفعة واحدة ومعالجتها تباعا، دون التسبب باضرار فادحة ستنعكس على مستقبله السياسي، طالما ان التاريخ لن يسجل سطوع نجمه كما حصل مع عون لأسباب عديدة.
التعليقات