أبعد من الهجومات التي شنَّها رئيس التيار الوطني الحر النائب جبران باسيل، في مؤتمره الصحفي، عصر الثلاثاء، على خصومه وفي شتى الاتجاهات، مدافعاً عن نفسه بمواجهة الوقائع التي أبرزوها حول ممارساته في السلطة، ومسار العهد طوال السنوات الست الماضية التي أودت بلبنان وشعبه إلى جهنم، بلسان رئيس الجمهورية ميشال عون بالذات، تبرز الرسائل التي وجَّهها باسيل لحزب الله في سياق تقديم أوراق اعتماده لتبنِّيه لرئاسة الجمهورية المقبلة.
وتزامنت رسائل باسيل مع حركة “شبه انبطاحية” ينفذّها العهد وتياره تجاه ما يسمَّى محور الممانعة، تسارعت وتيرتها في الساعات الماضية، من خلال ما شهده اجتماع وزراء الخارجية العرب في القاهرة، وتأكيد الأمين العام المساعد لجامعة الدول العربية حسام زكي، أن لبنان تحفظ على قرار الجامعة العربية بشأن إيران وتدخلاتها في الشؤون الداخلية للدول العربية.
أضف إلى ذلك، “الشبهات” التي طاولت وزارة الخارجية اللبنانية المحسوبة على العهد وتياره، واستخدامها لمحاولة تخليص حزب الله من عبء القرارات الدولية، في سياق تقديم أوراق الاعتماد الباسيلية. وذلك لناحية ما تردد عن طلب الخارجية شطب الفقرة التي تشير إلى مرجعية القرارين 1559 و1681 في قرار التمديد لقوات الـ”يونيفيل”، قبل أيام، بموجب الـ1701. فضلاً عن طلب إلغاء عبارتين في الفقرتين (15 و16) اللتين وردتا في قرار التمديد، وتنصان على حرية حركة الـ”يونيفيل” وإدانة أي تقييد لحرية هذه الحركة في جنوب الليطاني.
وفي حين نفت وزارة الخارجية طلبها شطب مرجعية القرارين 1559 و1680، وأن لبنان يحترم جميع قرارات مجلس الأمن ويلتزم بها، غير أنها لم تزل الالتباسات والشكوك حول هذه المسألة بالكامل، وذلك باعتبارها أن القرار الذي جدَّد للـ”يونيفيل”، يتضمن لغة لا تتوافق مع ما ورد في اتفاق الإطار الذي وقَّعه لبنان مع الأمم المتحدة، مؤكدة أن لبنان اعترض على إدخال هذه اللغة. بالإضافة إلى أن الوزير عبدالله بو حبيب، أعاد، من القاهرة، تأكيد موقف لبنان على ضرورة وأهمية أن تستعيد سوريا مقعدها في جامعة الدول العربية.
وترى مصادر سياسية مطلعة، عبر موقع القوات اللبنانية الإلكتروني، أن “العهد وضع للأسابيع الأخيرة من ولايته الرئاسية، ثلاثة أهداف متلازمة يعمل على تحقيقها تباعاً:
الأول، الإظهار لحزب الله بأنه الفريق الأقدر على تأمين وتوفير تغطية لسلاحه ودوره. وهذا ما يفسِّر كلام النائب باسيل عندما أطلق الحزب مسيّراته في فترة سابقة، وقد يكون الوحيد الذي خرج ليقول إن هذه المسيّرات تشكّل موقف قوة للتفاوض الدبلوماسي للبنان. وكرَّر هذا الكلام أكثر من مرة لجهة أن سلاح حزب الله عنصر قوة للحفاظ على الثروة اللبنانية”.
وتضيف، “باسيل يغطي مقولة التلازم بين الشقين العسكري والدبلوماسي، والتكامل بين ما يقوم به حزب الله وبين التغطية التي توفّرها الدولة اللبنانية له. بالتالي وكهدف أول، هو يقول للحزب، لا يوجد بديل لديكم عمّا نقوم به من أجلكم، بالتالي عليكم تبنِّي ترشيحي لرئاسة الجمهورية”.
أما الهدف الثاني الذي يعمل عليه، تشير المصادر ذاتها، إلى أنه” تشكيل حكومة قبل نهاية العهد. ويعمد عن سابق تصور وتصميم إلى وضع حزب الله أمام معادلة واضحة، إما أن تتشكل حكومة بشروطي وإما الفوضى، على طريقة إما عون أو الفوضى”.
وتضيف، “لذلك، باسيل يقول للحزب، في حال لم تتدخل مع حليفك رئيس مجلس النواب نبيه بري، ولدى الرئيس المكلف نجيب ميقاتي الذي قمتما بتكليفه كثنائي شيعي، أنا كتيار وطني حر ذاهب إلى النهاية في هذه المواجهة، ولن أقبل أن تتولى حكومة تصريف الأعمال صلاحيات رئيس الجمهورية، وهذه حكومة مغتصبة للسلطة، وفي حال لم تتشكل حكومة سنواجه الحالية شعبياً، وستدخل البلاد في فوضى دستورية. وهذه الفوضى لا تناسب حزب الله، لأنه يخشى أن يدخل المجتمع الدولي من خلال باب الفوضى، بالدعوة إلى مؤتمر دولي يرفع يد الحزب عن السيطرة على لبنان”.
والهدف الثالث الذي يعمل عليه باسيل، بالنسبة للمصادر، “الذهاب إلى توتير الوضع السياسي من خلال هجومات متعددة الجوانب وعلى كل الأطراف السياسيين، طبعاً باستثناء حزب الله”.
وتعتبر، أن “الهدف من هذا التوتير المتعمَّد، المزيد من الانهيارات والانزلاقات في الوضع عامة، ظنّاً منه أنه من خلال هذا التوتير يستطيع، أولاً أن يصل إلى تبنِّي حزب الله لترشيحه، وثانياً أن توتير الوضع وتسخينه يضعنا أمام خيارين، باسيل أو جهنم، بالتالي لنذهب إلى باسيل من أجل ألا يسقط الهيكل في لبنان”، مشددة على أن “باسيل يظن أنه بهذه الطريقة يستطيع تسريع عملية تبنِّي ترشيحه”.
أي عملية نسخ من دون ذكر المصدر تعرض صاحبها للملاحقة القانونية
التعليقات