10:24 م
الإثنين 12 سبتمبر 2022
كتب- محمود عبدالرحمن:
ما كان في الماضي مشهدًا بارزًا في فيلم كوميدي بدأ بـ “العربية دي يا حضرات مليانة انبهارات”، تحول إلى حقيقة قبل أيام، بإعلان على إحدى مجموعات “فيسبوك”، الخاصة ببيع السيارات المستعملة في المنوفية، بعدما نشر عمر محمد، “بوست” يعرض فيه سيارة ماركة فيات 128 موديل 1989 للبيع، بسعر 115 ألف جنيه، مبررًا ارتفاع القيمة، التي جاوزت مثيلتها حاليًا بنسبة تفوق 300%، بالحالة الفريدة، وكونه ثاني مالك لها منذ إنتاجها.
مواصفات وحالة العربية التي يعود تاريخ صنعها إلى أكثر من ثلاثة عقود مضت، حددها، قائلا: عربية 128 جديدة، مفيش أختها في مصر، موديل 89، كانت مرفوعة من سنة ما نزلت، ولسه نازله على الأرض السنة دي، وماشيه 400 كيلومتر بس، رخصة سنة، أنا ثاني ملك من صاحبها الأصلي”.
وحدد سعر بيعها الذي وصفه بالنهائي والغالي جدا بـ 115 ألف جنيه، مبررا ذلك؛ بحالة العربية الفريدة من نوعها؛ “دي عربية مفيش فيها خربوش، ولسه بكيس المصنع، عايزة حد غاوي وبيفهم”، وأرفق بالمنشور عدد من الصور الخاصة بالسيارة المعروضة للبيع.
السيارة المستعملة ماركة فيات موديل 89، لا يصل سعرها حاليا في سوق السيارات المستعملة إلى 30 ألف جنيها، فما هي قصة السيارة التي يصل سعرها 120 ألف جنيه؟ وأين كانت على مدار الـ 3 عقود الماضية؟ وهل تساوي هذه القيمة المالية حاليا؟
أواخر أغسطس الماضي، ذهب محمد جمال والد عمر إلى معرض سيارات بمحافظة الغربية، لشراء سيارة ماركة “ما تركس”، وبعد تجربتها لم يتحمس لشرائها، ووجد السيارة الـ 128 داخل المعرض” كانت متغطية مركونة في جنب داخل المعرض”، سألت صاحب المعرض عنها، “قال دي مش هتنفعك، دي عايزة حدد غاوي”، لكنه أصر على رؤيتها، “اتفرجت عليها وشوفت الإمكانيات بتاعتها، عجبتني، طلعت في دماغي واشتريتها”، بعد مفاوضات مع صاحب المعرض، انتهت بتخفيض السعر إلى 110 آلاف جنيه.
وبعد أسابيع، شعر محمد جمال بالندم على شرائها، “حسيت أن سعرها غالي وأني اتسرعت”، رغم إن العربية بالفعل تحفة كما يصفها، قائلا: “العربية قيمة جدا وأنا بحب الحاجات القديمة”، لكن المشكلة إن استخدامها لشهور، كفيل بخفض سعرها وقيمتها المالية لنسبة قد تتجاوز 75%، يحكي: “أنا روحت بيها مشورين لقيتها هتتبهدل مني، ولو أخذت خبطة أو حكه، هتفقد قيمتها، عشان كده عرضتها للبيع تاني”.
ليطلب محمد جمال من صاحب المعرض عرضها للبيع مجددا بالمعرض، “حطيتها في المعرض باعتباره مكان أفضل للبيع، وخليت إبني عمر يكتب بوست على الجروبات وصفحات بيع السيارات”، لكن ما حدث كان صادم بالنسبة للأب وإبنه عمر.
حيث تفاعل المئات مع البوست الأول المنشور بالمجموعة الافتراضية لبيع السيارات المستعملة والتي تضم أكثر من 42 ألف متابع، بالسخرية والاستهزاء، يقول محمد: “لقيت شتيمة وتريقة أوفر، وتسبب لي في حالة من الضيق”، حيث علق مصطفى جودة ساخرا: “حرام عليك 115بس، أنا معايا 128, سوبر اكشن كامله بصمه وطالب 160أنت عربيتك تسوي 145بما يرضي الله”.
بينما تساءل عصام عثمان “يا راجل الكلام اللي يتعقل يتكتب.. الـ128 دي أصلا متسترش في أي طريق أو سفر ولا تتحمل”، أي حد هيجيب نيسان 2008 الموديل القديم تبقي زي الفل أحسن من الصيني ل128، ليرد صاحب العربية “يعني الصيني بتاع إنهارده يتحمل ودي لا؟”.
وكتب محمد الجندي: “بالك أنت ايه اللي مزعلني، إنها سنة 89، كانت بتتباع في عمر أفندي بـ ٤٥٠ جنيه”، وقال أخر ساخر ا: “أنت عاوز تدخل الجنة بسبب شتايم الناس ليك والله يا لئيم”، ليرد عمر محمد “أدينا بناخد حسنات على رأيك”. بينما سخر ثالث:”العربية دي يا حضرات مليانة انبهارات”
بينما شكك، كريم محمد، في عمر العربية، قائلا: أنا هاوي عربيات، وبقولك لو كلامك صح، يبقى أولا الكاوتش والكربراتير اتحمصه غير العفشة وقماش الكراسى، وليه ادفع 115 في عربية بتنقرض، تقدر تقولي قطع غيارها فين دلوقتي، بعدين كاوتش إيه اللي عمره 33 سنة ولسه شغال، هو احنا اغبيا للدرجة دي، ليرد عمر محمد: “العفشة جديدة والكاوتش إنتاج 89 ولسه جديدة ومشيت عليه 120 وزي الفل”.
بطريقة أخرى، سخر عمرو الجمسي: “حضرتك نسيت العلامة العشرية تقصد 11,5ألف صح”، يقول محمد أبو آدم: “إيه ياعم دى لو بيجو 405 موديل 79ونسيوها فى مصنعها فى فرنسا والله ماهتعمل الرقم ده مش 28، أقول لحضرتك على حاجه أنت أولى بيها، لأنك الوحيد على وجه الكرة الأرضية اللي تعرف قيمتها أحنا للأسف مابنفهمش فى العربيات اللي زي كده ولا حالتها طبعا”.
ويؤكد يحيى المصري صاحب معرض السيارات، الذي اشترى منه محمد جمال السيارة الفيات 128، أن السيارة تابعة لمرور المعادي، وهي بالفعل موديل 89، وتعود ملكيتها لسيدة تدعى ناهد جمال، تقيم خارج مصر، بحكم طبيعة عملها في إحدى الدول الأوربية، لكنها لم تستخدمها غير أيام معدودة، ولم يصدر لها رخصة غير العام الماضي، قائلا: “بقالي خمس سنين بحاول اشتري العربية دي ومش عارف”، بسبب أن صاحبة العربية غير موجودة في مصر، ولما عملت توكيل لأحد أقاربها، استطاع بهذا التوكيل ترخيص العربية، واشتريتها منه قبل 3 شهور.
فهذه النوعية من العربيات، يرها يحيى المصري، مميز ولها زبونها وفيها مكسب كويس، “أنا عرفت بها من ناس بيدورو على عربية زي دي تكون بحالتها وفي نفس الوقت قديمة”، واشتراها يحيى بـ90 ألف جنيه، واطلعت على الأوراق التي اشترتها بها صاحبة العربية، وبعد عرض العربية عنده في المعرض جاء الحاج محمد جمال واشترها، “أنا لو في زيها 10 عربيات هشتريهم ودي عربية نادرة ومشتغلتش”.
المهندس خالد سعد أمين عام رابطة مصنعي السيارات، يرى أن سعر العربية الـ 128 بالمواصفات المنشورة عنها ووفقا لرخصتها وأوراقها المتداولة، تعتبر عربية مميزة ونادرة، بيعها بالسعر المعروضة به مناسب لها، وليس مبالغ فيه، وخصوصا في الفترة الحالية التي تشهد ارتفاع كبير في سعر السيارات.
موضحا أن هذه النوعية من السيارات القديمة، يتكرر عرضها بين الحين والأخر، فخلال الفترة الماضية، عرض شخص عربية مرسيدس قديمة، كانت “ماشية 700 كيلو ومركونة بقالها 10 سنين وكان صاحبها مسافر”، لما عرضها للبيع تم تسعيرها بسعر جيد ومناسب والشركة نفسها المصنعة هي التي اشترتها منه.
التعليقات