نعى العالم أجمع الملكة إليزابيث الثانية، ملكة بريطانيا، عن عمر ناهز الـ96 سنة، فبرحيلها، يطوى الزمن عمراً امتد لقرابة 10 عقود لم يعرف فيه معظم الشعب البريطانى ملكةً سواها، رحلت “بسلام” بحسب البيان الصادر عن قصر باكنغهام محاطةً بأفراد أسرتها فى “قلعة بالمورال” فى اسكتلندا، المكان الذى لطالما أحبّت “السبات” فيه والتقاط الأنفاس بعيداً من صخب الحياة. على رغم أن رحيلها لم يكن مفاجئاً وهى فى هذا العمر، إلا أن الصدمة خيمت على وجوه كثيرين ممن رأوا فيها أيقونةً ورمزاً للعظمة البريطانية.
النعش الملكى
فى هذا الشأن، قامت “بى بى سي” بعرض توقعاتها بخصوص الترتيبات الموضوعة لتشييع الجثمان والجنازة الرسمية، فى الوقت الذى ستقوم الأمة بإلقاء نظرة الوداع وإظهار التقدير والاحترام لملكة كانت “الصخرة التى بنيت عليها بريطانيا” وفق كلمات رئيسة وزراء بريطانيا الجديدة ليز تراس.
اليزابيث بين جديها
بدايةً، سيُنقل نعش الملكة فى موكب مهيب يسير ببطء من قصر باكنغهام إلى قاعة “ويستمنستر هول” Westminster Hall ، يرافقه عرض عسكرى وأفراد من العائلة المالكة.
سيكون بمقدور الشعب مشاهدة الموكب أثناء مروره فى الشوارع، ومن المرجح وضع شاشات كبيرة تبث الحدث المهيب فى حديقة لندن الملكية.
سيستلقى بعدها جثمان الملكة فى قاعة “ويستمنستر هول” طوال أربعة أيام تقريباً قبل موعد الجنازة. هذا المكان سيكون مفتوحاً أمام الشعب لإلقاء نظرة الوداع الأخيرة بشكل شخصي.
تمثل هذه القاعة الكبرى أقدم جزء من “قصر ويستمنستر”، وفى قلب مركز الحكومة البريطانية. والدة الملكة إليزابيث كانت آخر فرد من العائلة المالكة يرقد جثمانه فى هذا المكان المهيب فى عام 2002، عندما اصطف أكثر من 200 ألف شخص حول نعشها لإلقاء نظرة الوداع.
نعش الملكة إليزابيث الثانية سيصار إلى وضعه على منصة ترتفع عن الأرض تُسمى “كاتافالك “(catafalque)، وتحت سقف القاعة الخشبى العائد فى تاريخه إلى القرون الوسطى ويغطى “قاعة ويستمنستر” التى شُيدت فى القرن الحادى عشر. وكل ركن من أركان هذه المنصة سيحرسه جنود من وحدات تخدم الأسرة المالكة.
اليزابيث
وفق “بى بى سي”، سيلف العلم المرتبط بالعائلة الملكية “رويال ستاندرد” نعش الملكة، هذا العلم الذى رسم عليه ثلاثة أسود ذهبية لإنجلترا، وأسد أحمر لأسكتلندا، وقيثارة لإيرلندا. وفى “ويستمنستر هول”، سيعلو النعش أيضاً تاج الإمبراطورية البريطانية الذى يسطع فى أعلاه “ياقوت سانت إدوارد”، وفى وسطه حجر “ياقوت الأمير الأسود”، أحد أشهر الأحجار الكريمة فى العالم، وتحته مباشرة تقبع “ماسة كولينان”. من المعروف أن التاج هو أحد أثمن جواهر البلاط الملكى البريطانى وأثقل مجوهرات ملكة بريطانيا الذى لطالما زين رأسها فى غالبية المناسبات الرسمية. وبالإضافة إلى العلم والتاج، سيوضع على الجثمان الصولجان والكرة الذهبية التى يعلوها الصليب، باعتبار أن العاهل البريطانى يعدّ رئيس الكنيسة البروتستانتية أيضاً.
موعد جنازة الملكة؟
من المرتقب أن تقام جنازة الملكة الرسمية فى كنيسة “ويستمنستر آبي“Westminster Abbey بعد أقل من أسبوعين، وسيؤكد قصر باكنغهام الموعد المحدد لاحقاً.
و”ويستمنستر آبي” هى الكنيسة التاريخية التى يتوج فيها ملوك بريطانيا وملكاتها عادةً، وقد كان شاهداً على مراسم تتويج الملكة الراحلة فى عام 1953، وزواجها بالأمير فيليب فى عام 1947.
منذ القرن الثامن عشر، لم تشهد الكنيسة مراسم جنازة ملكية، علماً أن جنازة والدة الملكة أقيمت هناك فى عام 2002.
هذا ومن المتوقع أن يشهد العزاء حضوراً كثيفاً لرؤساء دول وحكومات العالم. كذلك سيحضر الجنازة سياسيون بريطانيون كبار ورؤساء وزراء سابقون.
الملكة إليزابيث الثانية وأولادها
فى ذلك اليوم سيتم نقل نعش الملكة من “ويستمنستر هول” إلى كنيسة “ويستمنستر آبي” على متن عربة مدفع تابعة للبحرية الملكية. عربة المدفع هذه كانت قد شوهدت آخر مرة فى عام 1979 فى جنازة عم الأمير فيليب، اللورد مونتباتن وقد جذبها 142 جندياً من القوات البحرية الملكية.
ومن المرجح أن يتبع الموكب كبار أعضاء العائلة المالكة، من بينهم الملك الجديد تشارلز. كذلك من المرتقب أن يتولى القداس القس ديفيد هويل، مع إلقاء رئيس أساقفة كانتربرى جوستن ويلبى العظة. وقد يتم دعوة رئيسة الوزراء للقراءة من الكتاب المقدس.
بعد مراسم الجنازة، سيُنقل نعش الملكة فى موكب راجل من الكنيسة إلى “قوس ولنغتون” Wellington Arch، فى “هايد بارك كورنو” Hyde Park Corner ، بلندن قبل التوجه إلى “وندسور” فى عربة نقل خاصة بالنعش.
وبعدها يقوم نعش الملكة برحلته الأخيرة بعد ظهر ذلك اليوم إلى “كنيسة القديس جورج” St George’s Chapel فى “قلعة وندسور” Windsor Castle.
إليزابيث والعائلة المالكة
ومن المتوقع أن ينضم الملك الجديد وكبار أعضاء العائلة المالكة إلى الموكب فى ساحة قلعة “وندسور” قبل أن يدخل النعش كنيسة سانت جورج حيث تُقام مراسم التكريم.
عموماً، دائماً ما تختار العائلة المالكة كنيسة سانت جورج لإقامة حفلات الزفاف والتعميد والجنازات. إنه المكان الذى تزوج فيه دوق ودوقة ساسكس، الأمير هارى وميغان، وحيث أقيمت جنازة زوج الملكة الراحل الأمير فيليب.
وقبل دفن نعش الملكة فى كنيسة الملك جورج السادس التذكارية، من المخطط أن يزور السرداب الملكى “رويال فولت” Royal Vault حيث يرقد الأمير فيليب.
التعليقات