يغادر ميشال عون، الرئيس اللبناني البالغ من العمر 89 عاما، والذي شهدت رئاسته انهيارا ماليا كارثيا في لبنان وانفجار مرفأ بيروت، قصر الرئاسة، اليوم الأحد، تاركا فراغا في قمة الدولة اللبنانية.
ويستنفر الناشطون في “التيار الوطني الحر”، منذ مساء يوم الجمعة، استعداداً لمواكبة خروج عون من القصر الجمهوري في بعبدا (جبل لبنان) إلى منزله الجديد في منطقة الرابية شرقي بيروت.
وقرر عون والمقربون منه أن يغادر بعبدا قبل يوم واحد من انتهاء ولايته الرئاسية، باعتبار أنه يوم عطلة رسمية في لبنان، ما يسمح بحشد شعبي أكبر مما كان سيكون عليه الوضع يوم الاثنين.
وصبغت المنطقة المحيطة بالقصر الجمهوري باللون البرتقالي، الذي يعتمده تياره لوناً رسمياً لهم.
خيم لحزب عون تحيط بالقصر
واللافت أنه إلى جانب أعلام التيار البرتقالية التي رُفعت في منطقة بعبدا على الأعمدة على الطريق المؤدي إلى القصر الجمهوري، نصب محازبون خيماً في باحة قريبة من القصر، حيث قضوا ليلتهم الماضية فيها، علماً بأنها منطقة تعتبر خاضعة لحراسة أمنية مشددة وتقع بعد الحاجز الأول الرئيسي للقصر.
وعجز البرلمان اللبناني حتى الآن عن الاتفاق على من يخلف عون في هذا المنصب الذي يتمتع بسلطة توقيع مشروعات قوانين وتعيين رؤساء وزراء جدد وإعطاء الضوء الأخضر لتشكيلات حكومية قبل أن يصوت عليها البرلمان.
كما هو الحال خلال أكثر من نصف فترة عون في الرئاسة، تحكم لبنان حاليا حكومة انتقالية مع محاولة رئيس الوزراء المكلف منذ ستة أشهر تشكيل حكومة.
وعون شخصية مثيرة للانقسام بشدة، يدعمه العديد من المسيحيين الذين يعتبرونه المدافع عنهم في النظام الطائفي في لبنان، لكن منتقديه يتهمونه بتمكين الفساد ومساعدة جماعة حزب الله المسلحة على كسب النفوذ.
بين الإخفاقات والنجاحات
وتولى عون الرئاسة في عام 2016 بدعم من حزب الله والسياسي المسيحي الماروني المنافس سمير جعجع في اتفاق أعاد السياسي السني البارز وقتئذ سعد الحريري رئيسا للوزراء.
وشهدت رئاسة عون التي استمرت ست سنوات بعد ذلك، قتال الجيش اللبناني متشددين إسلاميين على الحدود السورية في عام 2017 بمساعدة حزب الله، وإجازة قانون انتخابي جديد في 2018، وبدء شركات طاقة كبرى عمليات تنقيب استكشافية في مناطق بحرية في عام 2020.
وفي أسبوعه الأخير في القصر وقع عون اتفاقا بوساطة أميركية لترسيم الحدود البحرية الجنوبية للبنان مع إسرائيل.
وبالنسبة لكثيرين، فإن تلك النجاحات المتواضعة تتضاءل مقارنة بالانهيار المالي عام 2019 والذي أدى إلى وقوع أكثر من 80 في المئة من السكان في الفقر، وأدى إلى أوسع احتجاجات مناهضة للحكومة في التاريخ الحديث. والبعض يقول “كان إلى حد بعيد أسوأ رئيس في تاريخ لبنان، وأنا أفضل عليه الفراغ في الرئاسة”.
وارتبطت أيضا فترة عون بشكل وثيق بانفجار عام 2020 في مرفأ بيروت، والذي خلف أكثر من 220 قتيلا.
وقال عون في وقت لاحق إنه كان على علم بالمواد الكيماوية المخزنة هناك، وقال إن سلطاته الرئاسية ليست واسعة بما يكفي لمعالجة الأزمة الاقتصادية.
وعون نجل مزارع من إحدى ضواحي بيروت، وبدأ طريقه إلى الرئاسة في الحرب الأهلية التي دارت رحاها فيما بين عامي 1975و1990 والتي شغل خلالها منصب قائد الجيش اللبناني ورئيس إحدى حكومتين متنافستين.
وعاد عون إلى بيروت بعد 15 عاما في المنفى، بمجرد انسحاب القوات السورية تحت ضغط دولي بعد اغتيال رئيس الوزراء الأسبق رفيق الحريري عام 2005.
وفي عام 2006، شكل التيار الوطني الحر الذي ينتمي إليه عون تحالفا مع حزب الله مما قدم دعما مسيحيا مهما للجماعة المسلحة. وفي مقابلته مع رويترز أرجع عون الفضل لحزب الله لدوره “المفيد” في العمل “كرادع” ضد أي هجمات إسرائيلية خلال محادثات الحدود البحرية.
التعليقات