أخفق البرلمان اللبناني في انتخاب رئيس جديد للبلاد خلال جلسة عقدها اليوم الخميس لاختيار خليفة للرئيس الحالي ميشال عون الذي تنتهي ولايته في 31 أكتوبر/ تشرين الأول، مما يشير إلى احتمال ترك المنصب شاغرا في الوقت الذي تواجه فيه البلاد أزمة مالية مدمرة.
وأعلن رئيس مجلس النواب نبيه بري أنه لن يدعو إلى جلسة جديدة إلا عندما يرى توافقا على مرشح للمنصب الذي ينبغي ان يشغله مسيحي ماروني وفق النظام الطائفي في لبنان.
وحسب الدستور فان الانتخابات الرئاسية تستوجب حضور ثلثي أعضاء البرلمان البالغ عددهم 128 نائبا، أما الانتخاب فيجب أن يتم بأصوات ثلثي الأعضاء في الدورة الأولى وبالنصف زائد واحد أي 65 نائبا في الدورات التالية. وفي ظل الانقسام في البرلمان وعدم قدرة فريق واحد على حيازة الأكثرية فانه من الصعب على أي حزب أو تحالف أن يفرض خياره.
وسبق أن شغر منصب الرئيس عدة مرات منذ الحرب الأهلية التي دارت بين عامي 1975 و1990.
وتحسبا لحدوث فراغ رئاسي، يكثف السياسيون جهودهم لتشكيل حكومة جديدة بقيادة رئيس الوزراء السُني نجيب ميقاتي الذي يرأس حاليا حكومة لتصريف الأعمال، بحيث يمكن أن تنتقل إليها السلطات الرئاسية حتى يتم الاتفاق على رئيس.
وأدلى نواب حزب الله الشيعي القوي المدعوم من إيران بأوراق اقتراع بيضاء، وكذلك فعل حلفاؤه نواب حركة أمل الشيعية والتيار الوطني الحر الذي يتزعمه عون وبلغ عددهم 63 نائبا من أصل 122 نائبا حضروا.
وقال النائب في كتلة حزب الله البرلمانية إبراهيم الموسوي “البلد في أزمة عميقة وعاصفة، هناك انقسام عامودي حاد، فيه أزمة كبيرة تستدعي إجماعا حول رئيس توافقي وليس رئيس مواجهة”.
الرئيس اللبناني ميشال عون، صورة من الأرشيف (27/12/2021)
وتضاءل نفوذ حزب الله في البرلمان منذ أن خسر الحزب وحلفاؤه أغلبيتهم في الانتخابات التي جرت في مايو/ أيار والتي تركت المجلس النيابي منقسما.
وحصل السياسي المسيحي ميشال معوض، المناهض لحزب الله ، الذي اغتيل والده رينيه معوض في عام 1989 بعد 18 يوما فقط على توليه سدة الرئاسة على دعم 36 نائبا بينهم نواب حزب القوات اللبنانية المدعوم من السعودية.
أما الزعماء الموارنة الآخرون فإنهم منقسمون فيما بينهم بمن فيهم سليمان فرنجية المتحالف مع حزب الله وزعيم القوات اللبنانية سمير جعجع المعارض لحزب الله.
ولا يرى المحللون أي مرشح وسط واضح في الوقت الحالي. وحثت دول أجنبية، بينها ذلك الولايات المتحدة والاتحاد الأوروبي، على إجراء الانتخابات الرئاسية في موعدها.
وقد يزيد الفراغ الرئاسي البلاد تعقيدا خصوصا إذا لم يتم الاتفاق على تشكيل حكومة جديدة بحلول 31 أكتوبر تشرين الأول، فعندها لن يكون للبنان حكومة كاملة الصلاحيات ولا رئيس.
وبعد انتهاء الدورة الأولى من التصويت غادر نواب حزب الله وحركة أمل والتيار الوطني الحر جلسة الخميس قبل بدء التصويت بالدورة الثانية حيث يمكن انتخاب رئيس بخمسة وستين صوتا فقط، وهو ما أدى إلى فقدان النصاب القانوني اللازم.
وقال النائب المستقل فراس حمدان إن نوع التوافق الذي يسعى إليه بري هو المسؤول عن مشاكل لبنان، وأضاف “للأسف نحن نسير في نفس الدائرة وهذا يشكل خطرا علينا وخطرا على البلد وخطرا على الاقتصاد”.
وعاشت البلاد في فراغ رئاسي لمدة 29 شهرا قبل انتخاب عون عام 2016 بفضل صفقة مع سعد الحريري الذي أصبح رئيسا للوزراء.
ولعبت الدول الأجنبية دورا تاريخيا في تحديد مصير الرئاسة في بلد كان مسرحا للمنافسات الدولية. وفي عام 2008 انتهى الفراغ الرئاسي الذي دام ستة أشهر باتفاق بوسطة قطرية في الدوحة وبدعم قوى أجنبية أخرى.
ع.أ.ج/ ص ش (رويترز)
التعليقات