أحمد شعبان (أبوظبي، القاهرة)
تشارك دولة الإمارات العربية المتحدة العالم غداً الأربعاء، احتفاءه بـ «اليوم الدولي للسلام» الذي أقرته الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 سبتمبر من كل عام، وفي سجلها تاريخ حافل من جهود نشر السلام وقيم التسامح والإخوة الإنسانية وترسيخ الاستقرار حول العالم. ومنذ عهد القائد المؤسس المغفور له الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان، طيب الله ثراه، كرست الإمارات نفسها لاعباً أساسياً وشريكاً مهماً في إنجاح مبادرات السلام على المستوى الإقليمي والدولي، وذلك انطلاقاً من إرثها الإنساني ورسالتها الحضارية القائمة على إعلاء قيم المحبة والتسامح ونبذ التعصب.
وشاركت الإمارات عبر العقود الخمسة الماضية في العديد من مبادرات وعمليات حفظ السلام تحت مظلة الشرعية الدولية، بهدف نزع فتيل الأزمات والتصدي لمخاطر الحروب والتخفيف من آثارها على الشعوب، كما كانت في طليعة المساهمين في مشاريع الإغاثة الإنسانية والإعمار للعديد من المناطق التي شهدت نزاعات وحروباً خلال الخمسين عاماً الماضية.
وتتبنى دولة الإمارات منذ تأسيسها سياسة ناجحة وعلاقات مميزة مع دول العالم كافة ترتكز على السلام والاحترام المتبادل وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول الأخرى، كما تعد الإمارات نموذجاً عالمياً للتسامح والتعايش السلمي بين مختلف الشعوب، حيث يعيش على أرضها أكثر من 200 جنسية، وتجمعها علاقات دبلوماسية مع أكثر من 190 دولة حول العالم، كما يوجد فيها ما يزيد على 110 سفارات أجنبية، و73 قنصلية ومقرات إقليمية لعشرات المنظمات الإقليمية والدولية.
وأطلقت الإمارات العديد من المبادرات والجوائز المحفزة على نشر ثقافة السلام والتسامح حول العالم، ومن ضمنها «وثيقة الأخوة الإنسانية من أجل السلام العالمي والعيش المشترك» التي رعاها صاحب السمو الشيخ محمد بن زايد آل نهيان، رئيس الدولة، حفظه الله، و«جائزة السلام الدولية» التي أطلقها صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، نائب رئيس الدولة رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي، رعاه الله.
وأكد دبلوماسيون وسياسيون في تصريحات لـ«الاتحاد» أن دولة الإمارات قامت بجهود كبيرة لنشر ثقافة السلام والاستقرار في العالم، كما قدمت مساعدات مادية ومنح لدعم عمليات التنمية، مؤكدين أن هذه الجهود أسهمت في دفع التنمية والتطوير والإصلاح في اقتصادات الدول، ما دفع نحو زيادة مستوى المعيشة والحد من الفقر ومواجهة الكوارث الطبيعية، وبالتالي تحقيق السلام ومكافحة الإرهاب ومواجهة الجماعات المتطرفة.
وأشاد الخبراء بثقة العالم الكبيرة بالإمارات من خلال جهودها ودبلوماسيتها الحكيمة الساعية لنشر السلام، وتعزيز الأمن والسلم في مختلف أرجاء العالم.
وقال السفير صلاح حليمة، نائب رئيس المجلس المصري للشؤون الإفريقية: «إن دولة الإمارات تلعب دوراً محورياً في نشر السلام في العالم وفي قارة أفريقيا، خاصة منطقة القرن الأفريقي، وتبدو جهود دولة الإمارات واضحة جداً في تطورات الأوضاع في الصومال ومكافحة الإرهاب»، مشيراً للمصالحة التاريخية بين إريتريا وإثيوبيا برعاية الإمارات عام 2018.
وأوضح الدكتور صلاح حليمة لـ«الاتحاد» أن ما قدمته الإمارات من مساعدات في دعم عمليات التنمية ومكافحة الإرهاب، هما وجهان لعملة واحدة في اتجاه صنع السلام وتحقيق الأمن والاستقرار، مشيراً إلى أن أي جهود أو مساعدات مادية، سواء منح أو قروض قدمتها الدولة، ساهمت في دفع عملية التنمية والتطوير والإصلاح في اقتصادات الدول، ما دفع نحو زيادة مستوى المعيشة والحد من الفقر ومواجهة الكوارث الطبيعية، وبالتالي تحقيق السلام ومكافحة الإرهاب ومواجهة الجماعات المتطرفة.
السلام في اليمن
وبالنسبة لجهود دولة الإمارات في نشر السلام وعودة الشرعية لليمن الشقيق، اعتبر الكاتب الصحفي والمحلل السياسي اليمني عبدالله إسماعيل أن دور الإمارات في إطار تحالف دعم الشرعية هو دور محوري، وأنه منذ اللحظة الأولى عندما أعلن التحالف العمل على دعم الشرعية واستعادة الدولة ودحر الانقلاب الحوثي، كان للإمارات الدور البارز مع السعودية لمساندة الشرعية اليمنية في مقاومة هذا التمرد. وأشار الكاتب الصحفي اليمني خلال حديثه لـ«الاتحاد» إلى إطلاق تحالف دعم الشرعية في اليمن «عاصفة الحزم»، حيث كانت الإمارات في مقدمة الصفوف لدعم الحكومة اليمنية.
وأضاف قائلاً: «ولا ينسى اليمنيون أن هناك دماءً إماراتية زكية سالت على الأرض اليمنية، ويتذكرون هذا الدعم الإماراتي الكبير والإصرار على عودة السلام والأمن والاستقرار في اليمن».
ولفت إسماعيل إلى أن الإمارات كانت في مقدمة المؤيدين للدعوات الأممية كافة لإحلال السلام في اليمن، وكانت واضحة في هذه المسألة أن «قضية اليمن يجب أن تذهب إلى الحلول السلمية على أساس السلام العادل والدائم، وعلى أساس استعادة الدولة، وأن يكون هناك ترتيب للمستقبل يرضي اليمنيين، بعيداً عن أفكار ميليشيات الحوثي».
وأكد إسماعيل أن الإمارات من أكبر المانحين للمنظمات الأممية في اليمن، ما يعطي مؤشراً كبيراً للدور الذي تقوم به الدولة في دعم التنمية في اليمن باعتبار أن إعادة الإعمار والتنمية والتغلب على المشكلات الاقتصادية هي واحدة من طرق السلام والاستقرار.
صناعة السلام
وأشار منير أديب إلى أن الإمارات في مجال السياسة من أكثر الدول التي تدعو إلى السلام وترعاه، وتمد يدها إلى كل الدول، وتحاول معالجة قضاياها من خلال الحوار وليس الصدام.
وتحل «اليوم الدولي للسلام» هذا العام تزامناً مع مرور عامين على توقيع الاتفاق الإبراهيمي بين الإمارات وإسرائيل الذي شكل بارقة أمل وفرصة حقيقية لدول منطقة الشرق الأوسط بأن تنعم بالسلام والاستقرار بعد عقود طويلة من الصراعات والتوترات التي أثرت على مستقبل شعوبها.
دعم الصومال
بالنسبة للصومال، أعلنت دولة الإمارات العربية المتحدة التزامها بمواصلة تقديم الدعم والمساندة للشعب الصومالي الشقيق، والوقوف إلى جانبه في سعيه لبناء دولة مستقرة تنعم بالسلام والرخاء، وذلك من منطلق العلاقات التاريخية التي تربط بين البلدين والشعبين الشقيقين. وحرصت دولة الإمارات على مواصلة العمل مع الشركاء لتعزيز السلام في الصومال، وتحقيق الاستقرار الإقليمي، وأعلنت تضامنها الكامل مع الشعب الصومالي الشقيق في مكافحة الإرهاب، للمضي قدماً في ترسيخ التنمية والازدهار في بلاده، بما يسهم في دعم السلم والأمن الدوليين. وأكد «حليمة» أن جهود ومبادرات الإمارات في نشر السلام في مناطق كثيرة من العالم، مرتبطة بجذور تاريخية في الإمارات وتوجه راسخ.
مكافحة الإرهاب
تحقيقاً لنشر السلام العالمي، بذلت دولة الإمارات العربية المتحدة جهوداً كبيرةً لنشر السلام وتعزيز الأمن والسلم في مختلف أرجاء العالم، ومكافحة التطرف والإرهاب ومواجهة تمويله، من خلال عضوية الإمارات في مجلس الأمن الدولي، والمشاركة في التحالف الدولي لمحاربة تنظيم «داعش» الإرهابي.
وتعليقاً على جهود الدولة في مكافحة الإرهاب والتطرف، أكد منير أديب، الباحث في شؤون الحركات المتطرفة والإرهاب الدولي، أن الإمارات من أكثر الدول العربية التي أرست دعائم السلام، خاصة أن لديها استراتيجية في مكافحة التنظيمات المتطرفة بالمنطقة، إدراكاً منها بخطرها وتأثيرها على الأمن العالمي.
وأوضح في تصريحات خاصة لـ«الاتحاد» أن الإمارات لكي تكافح الإرهاب، واجهت جماعات العنف والتطرف المحلية والإقليمية وعابرة الحدود والقارات، وأنشأت مراكز بحثية قائمة على قراءة خطر هذه التنظيمات مثل مركز «هداية» و«صواب»، وبحث آلية مواجهة هذه التنظيمات الموجودة في المنطقة أو دولياً، مشيراً إلى أن الإمارات من أكثر الدول التي أرست دعائم السلام من خلال احتضان جميع الأديان على أرضها، وقامت ببناء دور عبادة لهم من منطلق التعايش السلمي.
التعليقات