التخطي إلى المحتوى

حذر كبار المسؤولين في هيئة الخدمات الصحية الوطنية البريطانية من أن فواتير الطاقة والمواد الغذائية التي ترتفع بشكل جنوني ستتسبب في “أزمة كبيرة في الصحة النفسية” خلال الشتاء المقبل، الأمر الذي سيزيد الضغوط على مرافق الخدمات الصحية ويهدد “حياة الناس”.

ومع الارتفاع الحاد في فواتير الأسر البريطانية، أشارت سافرون كورديري، الرئيسة التنفيذية المؤقتة لـ”أن أتش أس بروفايدرز” التي تمثل جميع مؤسسات الاستشفاء والإسعاف التابعة لهيئة “الخدمات الصحية الوطنية” في إنجلترا، إلى وجود علاقة مباشرة بين الشعور بالحرمان، وزيادة الطلب على الرعاية الصحية.

اقرأ المزيد

يحتوي هذا القسم على المقلات ذات صلة, الموضوعة في (Related Nodes field)

تجدر الإشارة إلى أن الحاجة إلى خدمات الصحة النفسية قد ارتفعت بشكل ملحوظ خلال العام الماضي، بحيث بلغ عدد إحالات البالغين إلى أطباء متخصصين رقماً قياسياً شهرياً قارب 425 ألف حالة في مارس (آذار)، فيما لا يزال نحو مليون و200 ألف بالغ ينتظرون أيضاً تلقي رعاية صحية نفسية مجتمعية.

وقالت السيدة كورديري لصحيفة “اندبندنت”، “سنشهد أزمات صحة نفسية ضخمة ناجمة عن التحديات التي فرضها ارتفاع كلفة المعيشة الذي نواجهه، لأننا نعرف أن هناك صلة مباشرة تربط ما بين الحرمان والبطالة والتشرد المحتمل وفقر الأطفال من جهة، وزيادة الطلب على خدمات الصحة النفسية من جهة ثانية”.

وأضافت، “لاحظنا ذلك قبل بضعة أعوام مع التغييرات التي طرأت على المساعدات الحكومية المعروفة برزم (الدعم الشامل) والتي طرحت تحديات ذات آثار بعيدة المدى”.

أما النتيجة بحسب كورديري فستنعكس سلباً “على النظام برمته” وتهدد “حياة الناس”، بفعل الضغوط والأعباء التي سيتعين عليهم تكبدها.

وفي هذا الإطار، تلقى المستهلكون تحذيراً من إحدى شركات الطاقة البارزة في بريطانيا من أنهم سيواجهون أشهراً يرجح أن تكون “مأساوية”، في ظل معاناة ملايين الأفراد من الصعوبات في تأمين القوت لأسرهم وتدفئة منازلهم.

ووفقاً لتقديرات شركة الطاقة “إي دي أف” قد يعاني نصف عدد الأسر في المملكة المتحدة فقر الوقود في يناير (كانون الثاني) المقبل، ما لم تبذل الحكومة البريطانية مزيداً من الجهود لمساعدتها، مشيرة إلى أنه سيتم الإعلان عن زيادة ضخمة أخرى في سقف أسعار الطاقة هذا الأسبوع، بعد صدور توقعات بأن التضخم قد يبلغ 18 في المئة.

شون دوغان الرئيس التنفيذي لشبكة الصحة النفسية التابعة لـ”اتحاد خدمات الصحة الوطنية”، أكد أن أزمة ارتفاع كلفة المعيشة قد زادت الطلب على خدمات الشبكة، وأن “الأوضاع تتجه نحو الأسوأ بحسب المعلومات الواردة إلينا (من المؤسسات التي تعنى بالصحة النفسية)”.

من جهتها، أوضحت منظمة “مايند” الخيرية للصحة النفسية لصحيفة “اندبندنت” أنها شهدت زيادة بنسبة 30 في المئة في العام الماضي في المكالمات الواردة على خط المساعدة الخاص بها، من أشخاص يواجهون مصاعب مالية.

أما أولي باركر، رئيس الشؤون الخارجية في “يونغ مايندس” فقال، “إن المؤشرات التي بدأنا نراها نتيجة أزمة ارتفاع كلفة المعيشة تتمثل في تأثر سلامة الصحة النفسية للأطفال والشباب. فمن البديهي أن يشعر الشباب بقلق على مواردهم المالية، وهذا ما بدأ الأطفال يلاحظونه خلال مناقشات اجتماع الأسرة حول مائدة الطعام”. ورأى أن “أكثر ما يدعو إلى القلق هو التوقعات بأن الأزمة ستتفاقم وتأخذ منحى أكثر سوءاً”.

وفي عودة إلى سافرون كورديري الرئيسة التنفيذية المؤقتة لمنظمة “أن أتش أس بروفايدرز”، فقد لفتت إلى أن خدمات الصحة النفسية، شأنها شأن تلك المتعلقة بالصحة الجسدية، تشهد منذ مدة ضغوطاً كبيرة، لا سيما بعد انتشار جائحة كورونا، وعزت ذلك جزئياً إلى تراجع الصحة النفسية لدى الأشخاص الذين يتقدمون للعلاج، على نحو أسوأ مما كانت عليه في الأعوام السابقة. وهذا يعني أن من المرجح أن تتلقى خدمات الإسعاف التي تعاني في الأساس نقصاً في مواردها، مزيداً من الضغوط لتلبية نداءات الاستغاثة.

وأضافت، “إذا سألت أي رئيس تنفيذي لإحدى مؤسساتنا، لا سيما منهم الرؤساء التنفيذيون لخدمات الإسعاف أو المستشفيات، عن الظروف الراهنة التي يمر بها القطاع الصحي، فسيخبرونك بأنهم لم يشهدوا قط مثل هذه الضغوط طيلة مسيرتهم المهنية، وأن الوضع سيئ للغاية”.

وكانت “اندبندنت” قد كشفت هذا الأسبوع عن أن عدد الأشخاص الذين ينتظرون تلقي رعاية الصحة النفسية المجتمعية ارتفع إلى مليون و200 ألف فرد، فيما أخفقت هيئة الخدمات في تحقيق عدد من الأهداف المحددة لها في هذا المجال.

مستشفى “لانكاشاير كير تراست”، الذي يقدم خدماته لبعض أكثر السكان حرماناً في البلاد، قال إنه بحسب سجلات مجلس الإدارة الصادرة في يوليو (تموز)، شهد زيادة بنسبة 20 في المئة في الطلب على خدماته. ولفت أن ارتفاع الطلب على الخدمات الصحية الخاصة بالبالغين، الذي بدأ في مطلع السنة الحالية 2022، استمر خلال فصل الصيف.

من جهة أخرى، تبين وفقاً لبيانات المستشفى نفسه، أن الطلب على خدمات الصحة النفسية للأطفال، كان أعلى بنسبة 15 في المئة في الأشهر الستة الأولى من السنة، مقارنة بعام 2021.

وفي استطلاع أجرته “أن أتش أس بروفايدرز” عام 2018، أكد تسعة من كل عشرة من مديري مستشفيات الصحة النفسية، أن التغييرات في مساعدات “الدعم الشامل” والمنافع الحكومية الأخرى، أدت إلى زيادة الطلب على الخدمات.

روزينا ألين خان وزيرة الصحة النفسية في حكومة الظل العمالية نبهت هي أيضاً إلى وجود علاقة بين الحرمان والأمراض النفسية. وأضافت أن “خدمات الصحة النفسية تتعرض منذ مدة لضغوط هائلة، مع تزايد قوائم الانتظار، التي تمتد أحياناً أعواماً بالنسبة إلى بعض الأطفال لتلقي العلاج، وأياماً طويلة بالنسبة إلى بعض الأفراد في أقسام (الطوارئ والحوادث)، بسبب عدم توافر أسرة للصحة النفسية لديها”.

ورأت أن “ارتفاع كلفة المعيشة الذي تسبب به (المحافظون) فرض ضغطاً إضافياً على خدمات الصحة النفسية”.

وفي تعليق على ما تقدم قالت متحدثة رسمية إن الحكومة أعلنت عن تقديم دعم مالي بقيمة 37 مليار جنيه استرليني (44 مليار دولار أميركي) الذي يستهدف تحديداً تقديم الدعم للناس خلال فصل الشتاء.

وأضافت، “إننا في صدد توسيع وتطوير آلية عمل خدمات الصحة النفسية التي من المتوقع أن تشهد تمويلاً إضافياً سنوياً بأكثر من مليارين و300 مليون جنيه استرليني (مليارين و720 مليون دولار) بحلول سنة 2024، وذلك لإتاحة الفرصة لنحو مليوني شخص إضافي في مختلف أنحاء إنجلترا للحصول على المساعدة”.

التعليقات

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *