تقام اليوم مراسم اتفاق ترسيم الحدود البحرية بين لبنان وإسرائيل، في قاعدة الأمم المتحدة ببلدة رأس الناقورة الحدودية، بمشاركة فريق التفاوض الإسرائيلي ووفود من لبنان والولايات المتحدة والأمم المتحدة.
ومن المقرر أن تجتمع الحكومة الإسرائيلية صباح اليوم للمصادقة النهائية على الاتفاق قبل أن يوقع عليه رئيس الوزراء يائير لبيد في مكتبه.
وقبل التوصل إلى الاتفاق كان لبنان وإسرائيل يتنازعان على منطقة بحرية غنية بالنفط في البحر المتوسط تبلغ مساحتها 860 كيلومتراً مربعاً. وتوسطت واشنطن في مفاوضات غير مباشرة بينهما لتسوية الخلاف وترسيم الحدود.
يضع هذا الاتفاق حداً لأكثر من عشر سنوات من النزاع بين البلدين والذي بدأ عقب بدء التنقيب عن النفط والغاز في البحر المتوسط.
الطرفان يصفان الاتفاق بالإنجاز، ولكن السؤال الأهم اليوم في الجانب اللبناني، بحسب مراسلة بي بي سي نيوز كارين طربيه، هو على ماذا حصل لبنان؟
بحسب طربيه، ووفقاً للبيانات الرسمي المودعة من قبل لبنان لدى الأمم المتحدة عام 2011، فإن حدود لبنان تمتد إلى ما يعرف بخط 23، بمساحة 860 كيلومترا مربعاً، وهي مساحة كانت حتى إبرام الاتفاق منطقة متنازع عليها مع إسرائيل.
اليوم باتت هذه المنطقة كاملة للبنان باستثناء منطقة قريبة من الشاطئ اللبناني بمساحة نحو 5 كيلومترات، بقيت غير محسومة، وتخضع حالياً لسيطرة إسرائيل.
ولكن ما يصفه الجانب الرسمي في لبنان بأنه إنجاز، يعكره طرح لخبراء في مجال الطاقة والترسيم البحري يعتبر أن لبنان كان يمكنه أن يفاوض على خط أعمق بكثير من الخط 23، هو الخط 29، وهو ما يمنحه نظرياً نحو 1430 كيلومتراً مربعاً إضافياً.
لكن الدولة لم تتبن هذا الطرح في المحادثات، مفضلة الإبقاء على مطلبها الأساسي.
ماذا عن حقل قانا؟
حقل قانا يقع بمعظمه داخل الحدود اللبنانية، إنما يتجاوز الخط 23 في جزئه الجنوبي. هو حقل غير مطور بعد، لكن المسوحات أظهرت أنه قد يحتوي على كميات كبيرة من الغاز.
طرح الحقل إشكالية بسبب موقعه إلى أن تم اقتراح حل بتسهيل من أعلى المستويات السياسية الفرنسية.
الحل هو أن تقوم شركة توتال الفرنسية التي يفترض أن تنقب عن الغاز في تلك المنطقة، بالتعويض لإسرائيل عن حصتها في الحقل، إنما من أرباح الشركة، أي توتال وليس من أرباح أو حصة لبنان.
ماذا عن حزب الله؟
حزب الله قال إنه يدعم موقف الحكومة اللبنانية مهما كان، لكنه أيضاً أطلق معادلة تقوم على التهديد بعدم السماح لإسرائيل باستخراج الغاز من حقل كاريش الأقرب إلى الحدود البحرية اللبنانية الإسرائيلية، قبل الاتفاق على ترسيم الحدود والسماح للبنان بالتنقيب عن موارده.
اليوم تتحدث الخطابات عن أن الاتفاق جنّب المنطقة تصعيداً أمنياً خطيراً في إشارة إلى المواجهة العسكرية التي كان يمكن أن تحصل بين حزب الله وإسرائيل، لو لم تسر الأمور باتجاه الاتفاق.
هل ما حدث هو اتفاقية لبنانية إسرائيلية؟
لبنان حساس جداً في هذه النقطة، وحريص على عدم اعتبار الاتفاقية بمثابة اتفاق ثنائي، بما يعطي شرعية لإسرائيل التي يعتبرها لبنان عدواً.
هذا الحرص انسحب على تفاصيل إعلان الاتفاقية والشكل الذي تم فيه التوقيع من دون أن يكون هناك أي مستند بتواقيع مشتركة لبنانية وإسرائيلية، ومن دون أي لقاء مباشر بين مسؤولين من البلدين.
كل شيء تم بوساطة البدايات المتحدة التي تعتبر هي داعية الاتفاق والضامنة له.
من ناحية أخرى، أعلنت شركة إنرجين البريطانية اليونانية، عن بدء استخراج الغاز الطبيعي من حقل كاريش.
وبحسب مراسل بي بي سي نيوز مهند توتنجي في القدس، اكتشف الحقل عام 2013، وبدأت إسرائيل العمل على استخراج الغاز منه.
لبنان بأن الحقل يقع في المناطق البحرية المتنازع عليها فيما قالت إسرائيل إنه يقع ضمن مياهها الإقليمية.
تبادل حزب الله اللبناني والحكومة الإسرائيلية التهديد، وكاد ذلك أن ينزلق للنزاع المسلح، لكن الوسيط الأمريكي توصل إلى مقترح وافق عليه الطرفان.
ما هو حقل كاريش؟
هو حقل غاز طبيعي يقع شرقي البحر المتوسط، يبعد 100 كيلومتر عن السواحل التي تقع تحت السيطرة الإسرائيلية، وهو يقع بالقرب من حقلي تمار وليفيتان للغاز.
ويعتقد أن حقل كاريش يحتوي على 33 مليار متر مكعب من الغاز الطبيعي، وهي أقل من الكميات المقدرة في حقلي لفيتان وتمار.
يقلص حقل كاريش الاعتماد الإسرائيلي على مصادر الطاقة الأجنبية، وقد يتيح تصدير الغاز الطبيعي إلى مصر والأردن والدول الأوروبية.
وقّعت إسرائيل مذكرة تفاهم لنقل الغاز الطبيعي من مصر إلى الدول الأوروبية، وذلك في ضوء الحرب الروسية الأوكرانية وتأثيرها على نقل إمدادات الغاز الطبيعي إلى الدول الأوروبية، إذ تعتبر إسرائيل نقل الغاز من حقل كاريش ومنطقة المتوسط أحد أبرز الأهداف الجيوسياسية في المنطقة.
في الوقت نفسه جدد الرئيس الأمريكي جو بايدن التزام بلاده بعلاقات قوية مع إسرائيل، واحتفى باتفاق ترسيم الحدود البحرية بين إسرائيل ولبنان.
جاء ذلك أثناء استقبال بايدن الرئيس الإسرائيلي إسحاق هرتزوغ في البيت الأبيض.