عاود أهالي تكريت العكارية تجديد اعتصامهم صباح اليوم الأربعاء 21 أيلول، مطالبين القضاء اللبناني بإنهاء التحقيق مع الموقوفَين عبد الرحمن زكريا ومحمد رستم، وإطلاق سراحهما. وذلك بعد ظهور دعاوى جديدة بحقهما، صادرة عن المحكمة العسكرية.
إجراءات مشددة
وبسبب التصادم الذي حصل مساء أمس الثلاثاء، بين المحتجين والجيش اللبناني، والذي أسفر عن جرح أكثر من عشرة شبان من عكار وبيروت، إلى جانب إصابة 4 عسكريين بجروح، أعلنت عنهم قيادة الجيش مديرية التوجيه في بيان لها، قامت الأجهزة الأمنية اليوم بإجراءات أمنية مشددة أمام قصر العدل. إذ منعت دخول المحامين والموظفين إلى قصر العدل، عند التاسعة صباحاً، لاسباب لم تفصح عنها. ثم أحاطت شرطة مكافحة الشغب مداخل قصر العدل من جهاته كلها، ومنعت دخول السيارات أو اقتراب المحتجين.
تعذيب وتهديد
وانضم إلى المحتجين الناشط علي حمد، الذي اعتُقل من قبل الأجهزة الأمنية وتعرض للتعذيب، ورمي أمام المتحف مع صديقه من آل الضناوي. وروى حمد لـ”المدن”، عن تعرضه لتعذيب لفظي وجسدي، في حين اقتادته الأجهزة الأمنية عنوةً، وبلباس مدني وغطت رأسه بكيسٍ وحجبت عنه النور. وقام رجال الأمن بإركاعه لأكثر من ثلاث ساعات، ومن ثم ركله وضربه وتهديده بغرفة الكهرباء والقتل. وبعد عدة ساعات، ومن دون أسباب واضحة لاعتقاله، قامت برميه أمام المتحف ليلاً، واتجه بعدها للمستشفى لمعالجة جروحه.
القرار الأخير
وبعد انتقال ملف الموقوفَين زكريا ورستم من القاضي غسان عويدات، الذي شدّد على ضرورة اتخاذ تدابير قاسية بحق المعتدين على المصارف، إلى القاضي زياد أبو حيدر، تحول بعدها الملف إلى قاضي تحقيق بيروت الأول، شربل أبي سمرا، الذي حقق معهما عند الحادية عشرة صباحاً. وعليه، قرّر اخلاء سبيلهما، مقابل كفالة مالية بلغت قيمتها 10 ملايين ليرة لبنانية، إلى جانب منعهما من السفر لمدة 6 أشهر.
ووسط دموع أهالي عكار، قام الناشطون بتجميع الكفالة المطلوبة من بعضهم البعض، وسلموها إلى المحامي علي عباس، المتابع لقضية الناشطين، وذلك للإسراع في الإفراج عنهما.
عراقيل وتأخير
إلا أن بعض العراقيل قد تؤدي إلى تأخير إخلاء سبيل عبدالرحمن زكريا، وذلك بعد ظهور شكاوى ودعاوى ضده من المحكمة العسكرية. إذ وحسب مصادر “المدن”، فإن القاضية سمرندا نصار قدمت مذكرة توقيف بحقه في محكمة طرابلس، تحت عنوان “شتم الدولة”، وذلك بعد شتمه رئيس الجمهورية، والوزير جبران باسيل خلال زيارة الأخير إلى عكار منذ 5 أشهر. ولكنها عادت وأصدرت تخلية سبيله يوم الثلاثاء 20 أيلول.
أما الدعوى الثانية، فهي وجود شكوى من فصيلة حلبا-عكار بحق زكريا، وذلك بسبب اطلاقه النار في البلدة. وقد طالبت الفصيلة من قصر العدل عدم الإفراج عنه بغية التحقيق معه في قضية اطلاق النار.
أما محمد رستم فلم تظهر أي شكوى أو دعوى قضائية ضده. ويتجه الأهالي لاستقباله من أمام ثكنة الحلو بعد إخلاء سبيله ظهر اليوم.
حالة خاصة
وكانت عائلة رستم قدمت منذ حوالى أسبوع إلى القاضي غسان عويدات، تقريرين طبيين، من طبيب صحة عامة وطبيب أعصاب. يؤكدان فيهما بأن محمد يعاني من اضطراب نفسي ومن حالة نفسية تنعكس على سلوكه، وهو بحاجة لمتابعة مستمرة ولأدوية أعصاب مخصصة لحالته. فيما لم يعط عويدات أي أهمية لهذا الموضوع ولم يخل سبيله حينها.
وحسب المعلومات التي حصلت عليها “المدن”، تعرض رستم خلال التوقيف لحالة نفسية حادة أدت إلى فقدانه لوعيه، بعدما أقدم على ضرب رأسه بالمغسلة، ما أدى إلى تدخل طبي فوراً لمعالجة رأسه وعينيه من الإصابة.
إجراءات جديدة
وعلمت “المدن”، أن القضاء اعتبر قضية الموقوفين جنحةً وليست جناية، ولكنه اعتباراً من يوم غد الخميس، ومع فض إضراب المصارف، سيعتبر أي اعتداء على المصارف هو جناية وليس جنحةً. وبالتالي، سيتخذ أشد العقوبات تجاه أي اعتداء على المصارف، وذلك تبعاً لقرار القاضي غسان عويدات الأخير.
محاولة انتحار
ليست حالة رستم الوحيدة في السجون ومراكز التوقيف، وتكررت محاولات الانتحار في المحاكم العسكرية مؤخراً، وذلك بسبب تأخر محاكمة الموقوفين. وفي التفاصيل، فإن موقوفاً من آل العلي أقدم يوم أمس الثلاثاء، على محاولة الانتحار في المحكمة، وذلك بعد إرجاء محاكمته عن جديد. وفور غعلامه بتأجيلها، شطب رقبته وكتفه بشفرة صغيرة كانت مخبأة تحت لسانه، ما أدى إلى فقدانه الوعي، فتدخل الأطباء سريعاً في محاولة لايقاف نزيفه وإنقاذ حياته.
وهكذا، بدأت تظهر التداعيات الخطيرة لاعتكاف القضاة في لبنان الذي ينعكس بشكل مباشر على الموقوفين، فيما تبقى تحركات أهاليهم قائمة أمام العدلية، تعبيراً عن استيائهم من إجحاف القضاء اللبناني.
التعليقات