المصدر: الهديل
هناك حقيقتان واضحتان في قضية بشار عبد السعود الموقوف السوري الذي توفي أثناء توقيفه في أمن الدولة في بنت جبيل:
الحقيقة الأولى هي ان بشار هو ضمن خلية ارهابية تنتمي لداعش وتعمل في لبنان منذ العام ٢٠١٦؛ واعترافات الموقوف بشار لدى استجوابه من قبل امن الدولة، وذلك قبل ان يتعرض للضرب على يدي محقق من أمن الدولة في بنت جبيل، موثقة بالصوت والصورة وهي موجودة لدى القضاء.
وهذه الحقيقة الأولى التي لا لبس فيها تفيد ان مديرية أمن الدولة أنجزت عير توقيف بشار ورفيقيه مهمة أمنية بامتياز، ذلك أن التحقيقات واعترافات بشار حينما تم توقيفه قبل تعرضه للضرب، تثبت ان قضيته ابعد من قصة تداوله خمسين دولارا مزورا، لتطال إنخراطه في نشاط إرهابي في لبنان منذ العام ٢٠١٦ .
الحقيقة الثانية التي لا لبس فيها هي ان هناك خطأ بل خطيئة ارتكبها احد ضباط أمن الدولة في بنت جبيل حينما سمح بتعريض بشار لضرب مبرح أدى إلى وفاته.
لا يوجد أحد في مديرية أمن الدولة أو خارجها يدافع عن تصرف الضابط المسؤول عن التحقيق مع بشار في مركز بنت جبيل لأمن الدولة، وقد تم على كل حال إيقافه مع المحقق المسؤول عن ضرب الموقوف، وتم تقديمهما للقضاء.
وبالمقابل لا يوجد أحد في مديرية أمن الدولة او خارجها – إلا من لديه أجندة عمل ضد أمن الدولة وانجازاتها الأخيرة – ينكر ان أمن الدولة بذلت جهدا كبيرا حتى نجحت بتفكيك شبكة بشار عبد السعود ورفيقيه علي العماش سعود ورشاد محمد الصبح. وكان يمكن لهذا الإنجاز ان يعد واحدا من أهم الانجازات الأمنية لأجهزة الأمن في لبنان هذا العام، لو انه لم ينغص أهميته خطأ بل خطيئة تعريض المتهم للضرب حتى الموت في مركز أمن الدولة في بنت جبيل.
وبعيدا عن خطيئة موت الموقوف بشار، يتم طرح السؤال حول لماذا يتم تصنيف عملية ” توقيف بشار السعود وعلي سعود ورشاد الصبخ “، بوصفها عملية استباقية نوعية ضد الارهاب في لبنان؟؟ .
الإجابة عن هذا السؤال موجودة لدى القضاء اللبناني وهي عبارة عن التحقيقات التي تحتوي على اعترافات الموقوف بشار بالصوت والصورة، وإفادات الآخرين كتابة، وذلك خلال مرحلة التحقيقات معهم التي سبقت الخطأ الكبير الذي وقع في تحقيق مركز أمن الدولة في بنت جبيل:
ونكتفي هنا نظرا للحفاظ على سرية التحقيق بعرض بعض ما جاء في إفادة اعترافات بشار عبد السعود أثناء التحقيق معه بالصوت والصورة خلال فترة اعتقاله قبل إرساله إلى مركز بنت جبيل وفق أصول العمل داخل مديرية أمن الدولة .
والواقع ان ما اعترف به الموقوف بشار يؤكد على نحو حاسم ان قضيته لا تتعلق بقصة تداول عملة مزورة من فئة الخمسين دولارا، بل تتعدى ذلك لتطال انخراط بشار بتنظيم داعش.
ووفق ما جاء في افادته الموثقة بالصوت والصورة عند القضاء اللبناني فإن بشار بايع تنظيم داعش منذ سنوات، واعترف بأنه كان متحمسا لتنفيذ احكام التنظيم الداعية للسبي وقطع الأيدي والاعدامات، الخ.
.. وأفاد بشار ايضا في إفادة اعترافاته بأنه على معرفة بعدد من الإرهابيين الذين يعملون في لبنان، وأفاد عن مشاركته ومعرفته بشق أنفاق لتخزين الأسلحة، وانه كان يقيم على بعد أمتار من مكان إقامة ابو بكر البغدادي.
واعترف بشار ورفاقه في خلية داعش بأنهم يعملون منذ فترة على جمع المعلومات بين صفوف النازحين السوريين في لبنان، وذلك لصالح تنظيم داعش، وأن لديهم ضمن هذه المهمة اعمال رصد وتجنيد لنازحين سوريين، الخ..
ومرة أخرى، فإنه بعيدا عن خطيئة موت بشار تحت التعذيب، وهو الأمر الذي تتعاطى معه مديرية أمن الدولة بشجاعة تقديم نقد ذاتي قاسي لهذا التصرف الذي صدر عن احد مراكزها وضباطها؛ فإنه يمكن القول من وجهة نظر أمنية ومهنية ان توقيف بشار ورفاقه الدواعش، كان أمرا غاية في الاهمية من وجهة نظر الحرب الأمنية الاستباقية ضد الارهاب. وأهمية هذه العملية من الناحية الأمنية تتمثل بأمور، كثيرة ابرزها التالي:
الأمر الأول أن هذه الخلية تعمل لديها مهمة العمل داخل اخطر بيئة ديموغرافية في لبنان، وهي بيئة النازحين السوريين التي يكثر في هذه المرحلة، التحذير من أنها قد تكون قنبلة موقوتة فيما لو أن هناك جهة معادية للبنان أرادت الاستثمار فيها.
.. وعليه، فإن خطورة خلية بشار ورفاقه هي انها مكلفة من قبل قبادة داعش، بأن تعمل حصرا داخل بيئة النازحين السوريين في لبنان، وعلى رأس مهامها التهيئة لإعداد لوائح عن نازحين سوريين في لبنان، ليتم تجنيدهم في الوقت المناسب لصالح داعش، (أي التمهيد لإنشاء خلايا سورية نائمة بين ظهراني المجتمع اللبناني)، وأيضا تحديد اهداف معادية لداعش داخل هذه البيئة السورية النازحة.
الأمر الثاني وهو إستكمال للأمر الأول، ومفاده ان خلية بشار ورفاقه، هي من بين الخلايا الأولى التي يتم كشفها في لبنان والتي تعتبر متخصصة بالعمل حصرا بين صفوف النازحين السوريين .. وكانت مديرية أمن الدولة في لبنان، ولا تزال – رغم وجود حملات تستهدف احباطها – تريد استكمال مهامها الأمنية الاستعلامية والاستباقية لمعرفة ما إذا كان لدى داعش مشروع في لبنان يستهدف تحقيق الأهداف الحصرية الخطرة التالية:
– الهدف الثالث والأخطر هو التخطيط لفلتان أمني كبير بين النازحين السوريين في لبنان، يتلطى بداية بالحراك المطلبي اللبناني، ثم يتحول الى فوضى وصدام بين بيئات نازحة سورية واطراف لبنانية اخرى .
ان كل المعطيات الآنفة تحتم التعامل مع قضية توفي الموقوف بشار تحت التعذيب في احد مراكز أمن الدولة، في إطارها القانوني السليم ، بمعنى انه يجب المطالبة بأن يذهب القضاء في التحقيق بقضية موت الموقوف بشار إلى آخر الطريق، وهذا يعني ايضا انه لا يجب على احد ان يتبرع بأن يحل مكان القضاء في محاكمة امن الدولة سياسيا … وهذا يعني ايضا وايضا انه يجب ان يتم بصلابة تثمين القرار الشجاع لقيادة أمن الدولة الذي اعترف بالخطيئة وبضرورة محاسبة كل مشترك فيها، وهذا يعني ايضا وايضا انه لا يجب السماح بأن يتم استخدام هذه القضية للإضرار بمعنويات مديرية أمنية رسمية وبجهاز أمني وطني كان يحقق، خاصة في خلال الفترة الأخيرة، انجازا أمنيا نوعيا أو هاما في كل أسبوع تقريبا، وكان يعمل من خلال متابعة خلية بشار وغيره، على وضع وتنفيذ خطة طويلة المدى تستهدف الاستعلام عما اذا كانت داعش تخطط للاستثمار أمنيا بالديموغرافيا النازحة السورية المتصفة بأنها القنبلة الداخلية الموقوتة، وعما اذا كان هناك خلايا فعلية لها تعمل على هذه الخطة داخل لبنان .
التعليقات